الحلقة الأولى المعاشيق حكاية سياسية ، حكاية لها أدبياتها الخاصة ، ترتبط عمليا بمنظومة الحكم سواء على مستوى الدولة الجنوبية ، أو حتى اأثناء الوحدة ، المعاشيق المنطقة الجالسة على جبل معاشيق منطقة كريتر ، لم أتشرف يوما ولا لحظة لزيارتها ، وأقرب منطقة لها زرتها وقريبة منها هي منطقة حقات ويعود ذلك إلى فترة سحيقة من الزمن ربما قبل 25 عام وأكثر وماعدت أذكر تفاصيلها ولا مشاهدها. الحديث عن المنطقة هو حديث ذو شجون ، على أقل تقدير لكاتب يستهوي الكتابة مثلي ، لكنني من زاوية الكتابة والكتابة فقط اتعجب لها ويشدني الحنين للكتابة عنها عن كثب ، هناك حيث نسمع الطنين ، تولد الرغبات للكتابة ، وما أجمل أن تكتب كمشاهد تصف الجانب الجغرافي والمكان في محاكاة سردية وصفية ، هناك يقع قلبي ، وتستهويه أشجان التأمل عن قرب ، تستنطق الحروف والكلمات والعبارات ، شيئا عنها ومنها ، كيف لا تستهوي هذه المتطقة كاتب يأخذه فضول الكتابة والتأمل والمشاهدة ليبدد ذلك الفضول فيمزج بين لغة العقل ومنطقه ولغة المنطقة وتكوينها . استنطاق يبنى على المشاهدة الحقة والفضول العارم ، التأمل الحقيقي الذي يحتوي كنز وروح هذه المنطقة ، ويحلو لي أن أشاهد جمال وسحر تبادر إلى ذهني من خلال الرؤية البعيدة ، ويتعاظم الشوق ويكبر وتضطرم نيران العشق في خلجات نفسي ولوعات قلبي هذه الثنائية العجيبة ، هي حاجة متولدة ومتشكلة من رحم أحداث ومحطات تبعث في النفس براكين عشق للكتابة والكتابة فقط ، لفكفكة لغزها ولغتها الذاتية ، الصورة تعظم في مخيلتي وتكبر في تصوري لتأخذ أبعادا واسعة وكبيرة ، المعاشيق محراب السياسة وقبلة السياسيين ، كيف لها إلا أن توصف العروسة التي تربض وتجلس على تلال وسلاسل شمسان لتمتد وتأخذ منه زخم المشهد وقوة الحديث إنه كبرياء منقطع النظير ، أتمنى أن لا تخونني الكلمات ولا تجعلني أكتب في سياقات غير وأقعية ، لكنني بالجانب الأخر أكتب عن لغزها الذي يفوق ما أسطر من كلمات هي من نسج مشاهدات بسيطة ، ورؤية فقيرة ، فلا شك بأنها تفوق كل تصوراتي وعباراتي ، وإلا لما ولدت هذا الجدل الكبير والسجال الطويل ، هي جوهرة ولدت من أعماق مدينة البركان وأمتداد جبالها الشاهقة العتيقة ، وللراوي والمشاهد الفطن أن يروي لنا عنها ، يأخذني الشوق ويطويني الحنين إلى زيارة المعاشيق ، وليس المكوث فيها ، فما لعاشق مثلي متيم بها حيلة في ذلك ، كما هي الأزمان واللحظات الفائتة مرت دون تنسم عبيرها ، يشدني هذا الفضول إليها لتلمس ذلك اللغز الكبير الذي يولد الألم حينا ويصلب الأرواح لإرضاء رغبة عشقه ، عروسة البحر حكاية الخيال والسرد القصصي الرائع ، من هنا تولد فضول الكتابة وعشق المشاهدة ، ولمن شاهدها ولاحظها أن يصفها ويتكلم عنها من خلال مشاهداته الحقيقية وله مني جزيل الشكر والتقدير... سميت هذه الحلقة، الحلقة الأولى على أمل أن أكتب الحلقة الثانية وربما ما بعدها ، في قراءات جيوسياسية ، وجمالية ونظرة وأقعية مباشرة ، وأتمنى أن يتحقق لي هذا الأمل .