الْيَوْمَ أتغذيت سمك و بطاطس -فيش اند شيبس - وكل ما أتغذى فيش اند شيبس اتذكر الفيش اند شيبس حق سينما رييغل أو Regal في عدن ، لما كنت اروح السينما كانت أمي يرحمها الله تعطيني شلنين أو ثلاثة زيادة اشتري بها فش اند شيبس و قارورة كندا دراي كريم صودا أو رومان. الموضع مالوش علاقة بالفيش اند شيبس بس حبيت اتفلسف شويه و لكن الموضوع الذي إجى على بالي و انا أتغذى هو ملاحظتي الأخيرة و الذي حزت في نفسي كثير هو ان بعض الأهل و الأصدقاء المقيمين خارج عدن لم يبدو تعاطف مع المجلس الانتقالي على الرغم من أن الأغلبية لا تحب الحكومة الشرعية و رأيها رأي الشارع الجنوبي فيما يتعلق بفشل و فساد الحكومة الشرعية، و فجأة انقلب هولاء الى متعاطفين مع الرئيس عبد ربه منصور.
من هذه المجموعة؟ هي ابناء الجنوبيين الذي ذاق المرارة بعد الاستقلال على مراحل متعددة ابتداء منذ العام 67 و حتى العام 1986، كثير من هؤلاء نشأ و تربى في الشمال، فلنكن صريحين الشمال آواهم و وفر لهم فرص عمل و اعطاهم الأمان، انا أتذكر عندما كان تأتي اجهزة الامن في عدن بعد منتصف الليل بحجة التحقيق و رأيت اكثر من شخص اُتٍهم بهتانا و زورا و كم من شخص لم تره عائلته الى يومنا هذا.
انا لا اريد ان أتكلم عن ماضي معظم مرتكبي الأخطاء فيه قد غادر هذه الدنيا و البقية الباقية الان مصابة بالخرف. فلنترك الماضي، أتمنى أن تكون مآسي الخمسين عام الماضية قد جعلت من الانسان الجنوبي اكثر تعقل و تقبُّل للراي الاخر.
لهذا السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي سيفعله المجلس الانتقالي لكسب ثقة هولاء الناس الذي مر أبائهم بتجربة مريرة علي أيدي بني جلدتهم، كيف يستطيع المجلس الانتقالي الإثبات أن المستقبل لن يكرر حماقات الماضي من تطرف و مناطقية.
حزنت كثير عندما قلت لأخ عزيز لماذا لا يرجع الجنوبيين المقيمين في صنعاء الى عدن و خصوصا ان الأوضاع في صنعاء مهزوزة، أجابني بأن معظمهم لديهم وظائف و اذا رجعوا الى عدن كيف سيعيش هؤلاء، و لا تنسوا بأن كثير من هؤلاء أُمِمت و سُرقت بيوتهم في عدن، و قال لي على الأقل صنعاء باردة لو انقطعت الكهرباء، و جميعنا يعلم كيف يعاني الجنوبيين في الصيف و خصوصا ممن يعيش في المناطق الحارة.
كيف سيقنع المجلس الانتقالي الجنوبيين من فئة القلقين و المتشككين بان المناطقية لن يكون لها دور في المستقبل، يجب أن نعترف بأن المناطقية لا زالت ضاربة أطنابها في الجنوب و اتمنى أن نعالج و نعنوٍن هذا الموضوع بكل مصداقية، نحن الجنوبيين أثبتنا بأن لدينا القدرة على قلب الموازين للافضل لكن مشكلتنا تكمن في استثمار هذا النجاح و في إدارة الأمور فيما بعد.
هناك عبارة في الانجليزية و هي soul searching سأحاول ترجمتها دون أن تخسر المعنى الحقيقي لها، تعني البحث عن حقيقة في أعماقنا بشرط أن نكون محايدين و نضع أنفسنا في موضع الآخرين، علينا أن نتعلم كيف أن نبني جسور الثقة فيما بيننا.
كنت اعتقد بأني ساقنع هؤلاء الناس بكل سهولة بأن يتركوا المناطق الذي يحكمها الحوثيين و جميعنا نعرف من هم الحوثيين و لكني صُدِمت عندما لمست تخوفهم للعودة للجنوب و ادركت بأن الموضوع عمره خمسون عام ( استعملت كلمة عام و ليس سنة)، و أن فوبيا المناطقية لازالت تُحلٍق في الجنوب.