فقد عبدالله النعمي - وهو قيادي حوثي صغير لن يذكره أحد – نجليه الوحيدين في معركة الهاشميين المفتوحة على الشعب اليمني . وجدته يولول بحرقة على نجليه متعهدًا المضي في طريقهما ! لم يعد بمقدوره فعل شيء لإسكات غضبه وإخماد فاجعته سوى الموت الانتحار على طريقة عياله الفانتازية في إحدى شعاب تعز أو بيحان أو على تبة منسية من تباب نهم الجرداء ستأكله الضباع هناك وينتهي برازًا عفنًا لحيوان بشع إنها نهاية وهم العرق المقدس . في لحظة ما وجد "عبدالله النعمي" نفسه وحيدًا ، صوت الريح يصفق أبواب منزله المزدحم بصور القتلى الهاشميين من أقاربه وعيال عمومته ، لم يعد يملك سوى الصور المصلوبة على حائط المنزل . يصيح بحثًا عن ظل إبنه محمد فلا يجد إلا ضلال ما ذهب إليه . إنه قرارك أنت يا عبدالله . قتلتهما أيها الوحش وضللتهما . أردت أن تكون مشرفًا أبترًا . فدفنت عيالك . أضعت فلذة الكبد . وكفي بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول . هل ترى الناس تخرج مع عيالها . في العيد ، في الصلوات في الشارع الأسواق تكتظ بالصبية الرائعين وأنت وحيدٌ بجرمك ، مدفون في أساك عقيم في نهايتك هل تراقب ذلك الأب الذي يحمل طفله بين ذراعيه ، كيف تشعر ؟ وذلك الصبي الذي يتعربش على ذراع أبيه فبمَ تفكر هل افتقدت مجدالدين أو محمد ؟ لقد قتلتهما بصرختك أشبعت قلبهما بالحقد والكراهية اعتقدتم جميعًا أنكم ستذهبون في نزهة للقبض على رجال اليمن وقبائلها كما فعلتم في آزال فاجتاحكم الغضب وحصدت الرصاصات رؤوس عيالكم واحدًا في إثر أخيه ضربة في قعر افئدتكم . منحكم الحوثي الموت ، ذلك أقصى ما يستطيع تقديمه إليكم موت معه أو عليه لا مفر من الموت وأنت في كنف الصرخة تلوذ بها من الفناء فتقتلك . هل ترى عيالك في المنام ؟ يطلون عليك من نافذة العالم الآخر تسعى إليهما ولا تكاد تصل تحث الخطى ولا تقترب! تصرخ تتحشرج في المدى اللانهائي مغلوبًا تمد يديك في الفراغ محاولًا اللحاق بهما تشتاق لحضن آخر لحنان الأب ولوعة الخشية من مكروه أصابهما وأنت مكبلٌ بعدم القدرة ثم تفز مذعورًا من منامك لتنتحب . أين حقيبة مجد الدين ؟ ملابس محمد تنشقها إلبس تلك الحقيبة وأذهب إلى الصف تخيل أنك إبنك اضحك كما كان يضحك في حضرتك هل تتذكر يوم مولدهما ؟ طفولتهما حين يتبولان على ملابسهما رائحتهما ابتسامة محمد التي تكشف عن تباعد بين أسنانه الأمامية مداعبتك لهما فيقهقهان ببراءة طفل ائتمنك الله على تربيتهما فخلفت وعده وعصيت أيها التعيس . لقد انتهى كل شيء نهاية الشمس والنجوم احتباس القمر ضياع الأبدية وما زلت تتنفس أيها الجبان إذهب إلى الجحيم فلن يُشبعك ما تفعله في أجساد اليمنيين عذّبهم أو اقتلهم لن تسترد عيالك لقد قتلتهما بيديك قتلت محمد في العام الفائت فألحقت مجد الدين قبل شهر ثم ماذا ؟ ها أنت تتنفس كراهية وتلعق الدم في فمك .دمهما هل تتذوقه جيدًا ؟ محمد كان لحمًا ودمًا فجعلته صورة باهتة محاطة باللون الأخضر صلبته على حائط المنزل وجعلت من يرثيك عليه في صفحتك على فيس بوك وأنت تئن كالثكلى مجدالدين كان إنسانًا يتنفس فدفنته بيديك أهلت عليه التراب كما فعل أجدادك في الجاهلية . هل تشعر بالعار ؟ . في ذلك اليوم كان مجدالدين في مواجهة الموت تذكر صديقته التي أحبها رسائله إليها وتلك الأغاني التي كان يسمعها يتذكر اليوم الذي أوغرت صدره بالحقد على اليمنيين وقلت له : أنت إبن النبي ! ، أنت الإله ! وأعطيته سلاحًا ليقتل عبيده فقتلوه سمع أزيز الرصاص وقذائف الهاون وهو في هذا العمر الصغير بكى صاح : أين أنت يا أبي ؟ ، ولم تجبه ! حين غابت روحه كانت عيناه تشاهدان كل شيء دهشة الحياة الصغيرة أسئلة الفراق ووحشة البرد في صقيع تعز سئل نفسه قبل أن تُنتزع روحه : ما الذي جاء بي إلى هنا ؟ مد يده في الهواء أراد أن يعاتبك : لماذا قتلتني يا أبي ! هل ما زلت تبتسم ؟! ، كل الأسئلة هراء فما عُدت شيئًا أيها الوحش أنت عدم بقايا غبار مجنون تعيس ما الذي أكلته حتى صرت بشعًا ؟