قبل أيام , انا وزميلين لي - كنا على متن القطار نتبادل أطراف الحديث حول أوضاع بلادنا , نحلل و نضع المبادرات فمنا من يقبل وأخر يرفض، تماما وكأننا من صُناع القرار, فهكذا علمتنا ساحة التغيير بان الوطن مسؤوليتنا وواجبنا جميعا نحن الشباب، كنا مابين متفائل ومتشائم، وبينما نحن في عمق الحديث اصطدم بي طفل ماليزي صغير لا يتجاوز 3 سنوات ، فابتسم لي ابتسامة بريئة ، ولا إراديا بادلته بأخرى ساخرة - (مش وقتك يا حبوب الدنيا ثورة ) -لكنه استقبل السخرية كما استقبل شباب ثورتنا رصاص القناصة. على الفور مددتُ يدي لأسلم عليه لعله يسامحني عن تصرف لا يليق بشخص ينسب نفسه لشباب ساحات التغيير ، وبدون تردد مد يده وسلم بحرارة بل وهنا كانت المفاجئة بان حنى رأسه ووضع ظهر يدي على جبهته تقديرا واحتراما لشخص يكبره سناً لكن في الحقيقة كان اكبر وأرقى مني أدبا وخُلقا .فأي خُلق وأي أدب هذا ؟. حينها أدركت إنني لم استفيد بعد من ((جامعة ساحة التغيير العالمية لعلوم الحضارة والرقي اليمنية)) ، وأدركت انه لابد من ان أتعلم من هذا الطفل كما تعلم هو من التجربة الماليزية . في اليوم ذاته قابلت طفل ماليزي أخر من أصول صينية فأردت ان تضوع يدي على جبهته تقديرا واحتراما ولكي أتباهى أمام أصدقائي كما نتباهى نحن بانجازات شباب ثورتنا أمام العالم . فسلمت عليه ولم اشعر إلا بآثار بصفته على يدي ، في الحقيقة لا ادري هل صاحبنا فاهم السلام والبوس غلط أم انه لا يتشرف بمعرفتي أم ان التعصب العرقي جعله يشك إنني متآمر عليه كما يشك بعض شبابنا للأسف ان ثورتنا هي مؤامرة . كان هذا موقف من عشرات المواقف التي تعجبت فيها لشعب له ثلاثة أصول مختلفة ( الماليزية و الهندية و الصينية) .أتعجب كيف يتعايش هذا الشعب بانسجام رغم كل الخلافات والاختلافات ؟ .تعجبت كيف انتهت العصبية الدينية في بلد يمتلك أكثر من 17 ديانة؟ . كيف يتعايشون بانسجام رغم اختلاف عاداتهم وتقاليدهم ؟.أتعجب كيف يحاول الشعب بنفسه وتحت تشجيع حكومته ان ينهوا قضية اختلاف الأصول و الفصول .، فوالله انه عجيب . أدركت أنها حكمة ربانية وان الله وهب هذا الشعب حكومة رشيدة عملت دائما ومازالت تعمل على توحيد صفوف شعبها (فالقوة دائما بالوحدة ). فكانت فرصة من رب العالمين واستغلها الشعب الماليزي بكل طاقته .ونلاحظ اليوم ان الفرصة جاءتنا هنا في اليمن ، صحيح أنها ليست الحكومة فحكومتنا ابتلاء وليست فرصة بلا شك . لكن الله قد وهب لنا (( ساحات التغيير )) فهل نستغلها أم إننا نشكك بما وهب الله لنا؟؟ وهنا درس وعبرة لنا نحن اليمنيين في الشمال والجنوب كي نكون موحدين أكثر , فنحن من عرق واحد ودمنا واحد وديننا واحد وتاريخنا واحد قلوبنا واحدة نحن من كنا قدوة للوحدة الألمانية في استعادة الوحدة فلابد ان نستفيد من الماليزيين بالحفاظ عليها ،فهم ذاقوا الويل بفرقتهم واليوم ينعمون بالخير بوحدتهم ونحن أجدر بنعمة وحدتنا وخاصة بعد ان وهب الله لنا ساحة التغيير التي اخفت غالب الأصوات التي كانت تنادي بالانفصال وأتمنى من الأصوات المتبقية الالتحاق برِكاب المحافظين على الوحدة لاسيما أولئك الذين أهدوا ثوار تعز أطول وأجمل علم للجمهورية اليمنية لترسيخ وحدتنا ، فالوحدة ليست وحدة ((العليين )) وتنتهي بزوالهما إنما الوحدة هي وحدة اليمنيون كلهم . ساحات التغيير هي قطعة الأرض الوحيدة في بلادنا التي نادراً ما نسمع فيها يا شمالي يا دحباشي يا بُرغلي أو يا جنوبي يا انفصالي ، نادراً ما نسمع فيها أنت زيدي أنت شافعي أنت معاهم مش معي ..أنت أنت ..أنت أنت ... نادرا ما نسمع الفرز حسب الأرض اوالقبيلة أو المذهب أو الحزب . باختصار ساحات التغيير هي فرصة و هبة من رب العالمين لتوحيد صفوفنا التي عجز الزعماء توحيدها ، ولم شملها ،هي فرصة لنعود إلى عقولنا وحكمتنا اليمانية .ساحات التغيير هي فرصة الازدهار والتقدم الوحيدة أمامنا ، هي فرصة لإرضاء الله عز وجل بتوحيد الصفوف فلا صوت يعلو فوق ((الله الوطن الثورة الوحدة ))، وعلمتنا الحياة ان الفرص الذهبية لا تأتي سوى مرة واحدة فقط ولا تتكرر . نتفق جميعا ان ساحات التغيير قد جمعتنا على مطلب واحد وغاية واحدة ،ساحات التغيير هي الوحيدة التي أزالت العصبية و أجلت مواعيد الثار وألغت مصطلح التحرش والمهاوزة بين الشباب و ألفت بين القلوب . فلماذا وليش وللمه يا جماعة نفسد هذا الجو الرائع بالترويج لمخططات العاب النظام التي تسعى لإختلاق المشاكل والتفريق وإشعال الفتنة واغتيال الثورة .
فما الداعي وما الفائدة من إثارة القلاقل والفتن التي تكاد تغتال ثورتنا والتي يدفع النظام الملايين لنشرها بيننا. لكن للأسف هناك شباب من ينسبون أنفسهم لشباب الثورة لكنهم في الحقيقة يعتبرون مراكز النشر و الإعلام لفتن النظام .استغرب ممن يصب تهم المؤامرة على الأحزاب و استغرب ممن ينسبون الثورة إلى شخصيات وأشخاص .فكثرت القلاقل (( الثورة ثورة حميد ليست ثورتنا ، الثورة ثورة حزبية ليست شبابية ، توكل عميلة إيرانية ،صادق الأحمر ركب الموجة الثورية - رغم انه كان الحكيم ابن الحكيم قبل انضمامه للشباب-!! واللواء علي محسن يريد السلطة و فلان يريد فلانة وزعطان يريد زعطانة )) وغيرها من الجمل التي لا تخدم سوى مخططات السلطة أريد ان اسأل من حلل وفسر واستنتج ودلل؟ : هل تظن ان الطبيب والمحامي ،الصحفي والناشط السياسي ، الأكاديمي والجامعي والمعلم وغيرهم ممن تقف البلاد على أكتاف أفكارهم من الموجودين في الساحات كلهم وصلوا إلى قمة الغباء وأنت حَضرت ((المحقق كونان ))أم ماذا ؟وانا هنا أخاطب من ينسبون أنفسهم إلى شباب الثورة وليس من يؤيدون رئيس جمهورية السبعين . الثورة ليست ملك احد .فثورتنا كالإسلام وأخلاقها القران، فالإسلام بدا بعشرات من الضعفاء والفقراء حتى فتحت الروم واسقط قيصرها الرومي. وكذلك ثورتنا بدأت بعشرات الشباب وعلى الدرب نفسه سُتسقط صالح وستفتح القصر الجمهوري. بل ان ثورتنا ستكون اللبنة الأولى لاستعادة الأقصى بإذن الله. ثورتنا كالإسلام ونهجها القران. لم يفرق ديننا بين أبي سفيان سيد أسياد العرب وبين من كانوا له عبيد ،وكذلك ثورتنا لا تفرق بين المشير والفقير ، بين الشباب وقادات الأحزاب , فكلهم في الخيام وكلهم يهتفون بإسقاط النظام . حتى صالح نفسه لا نستطيع ان نمنعه من الانضمام إلينا والمطالبة برحيل بمن تبقى من نظامه .التشابه بين نهج دينا ونهج ثورتنا كبير جداً كالتشابه بين المخلفون من غزوة تبوك والمتخلفون عن ساحة التغيير . رسالتي لكل متردد متشائم مشكك متخوف .. أرجوك حدد موقفك واصدر قرارك ..فلن يغيضنا ذهابك إلى السبعين والاستماع لفتاوى ((آية الله علي اكبر سفاحي)) بقدر بقائك في بيتك وأنت تنسب نفسك لشباب الثورة أو ان تكون مهمتك إشعال الفتن والقلاقل فقط . دَعك من القيل والقال يا أخي وانزل إلى الساحة لأجل اليمن. ان كنت باليمن لا تبالي فانزل الساحة لأجل والدتك التي لا تقر لها عين وهي تهم كيف تُطمعك والغاز معدوم تماما ، انزل لأجلها واصرخ (( الشعب يريد من دبة دبة غاز )) . طيب دعنا من باب النزول للواجب أو الوطنية ، انزل للمتعة والترفية .. فما أجمل الكلاسيكو في الجو الثوري وما أروع السمر على أشعار المبدعين وأناشيد الأطفال شعور لا يوصف عندما تنضم إلى فريق كرة القدم تحت أسماء الشهداء وأين في ساحة التغيير وأرجوك لا تسألني عن جو السهرة مع شباب التغيير في الساحات فالقواميس عجزت عن وصفها . فالمهم و الأهم هو النزول . فوالله لا صالح ولا زبانيته ولا الخليج ولا الأمريكان أو المجتمع الدولي من أخر وأطال ثورتنا . بل تأخرت لأنه مازال فينا المشككين والمترددين والذي اكرر القول بأنني لا استطيع ان أصفهم بالمتخلفين عن الثورة. يا متردد كفاك إلى هنا ان لم تنزل اليوم فمتى ستتنزل ، حين صرخت عتاب تستنجد بك بان تنتصر لها ممن قتل والدها الم تستحي؟؟ حين عاد سليم إلى الساحة رغم فقده لعينيه وقالها صراحة لن ارحل حتى يرحل ,الم تخجل؟؟ الم تخجل من طبيبة لم يمر على اختطافها أكثر من نصف ساعة وتقولها بثقة سنفدي شباب التغيير بأرواحنا ودماءنا؟؟ عندما ترى القُصر في الساحة معتصمين وأنت تصف نفس بالمناضل لأنك كتبت (ارحل ) على الفيس بوك ألا تخجل؟ تأخركم عن الساحة هو أخر هدفنا المنشود .. وكلما تأخر الانتصار يوما خسرنا من الدماء انهار ومليارات من الأموال ،اتركوا كل القلاقل . وانزلوا إلى الساحة واحسبوها لله خالصة فاليمن اليوم بحاجة إلى وقفتكم .اخلصوا واجتهدوا .فقسم لن يخذلنا الله إذا ارتبط أملنا به ولن يخيب الله أمالنا و ظننا به إذا أحسنا الظن به ، فأحسنوا الظن بالله ينصركم .