كنت قد قررت أن أتوقف عن كتابة المقالات الصحفية, و اكتفيت ببعض التغريدات على صفحتي الخاصة بالفيس بوك, ولكن سنحاول نبدأ بالإجابة على عنوان هذا المقال, وهو التساؤل الذي طرح عليه من كثير من المتابعين الأعزاء والذين نكن لهم الحب والتقدير والاحترام. نقول لكم أن توقفنا عن الكتابة ليس لفترة نقاهة أو لتقييم مرحلة أو تغيير رأي أو التراجع عن المبادئ السامية لدعم قضيتنا العادلة( القضية الجنوبية) ,التي هي أم القضايا العالقة, وهم كل جنوبي حر مهما اختلفت الاتجاهات والرؤى وتعددت كياناتنا السياسية. لكن بالعودة للوراء قليلا فالكتابة في زمن الاحتلال كنا نعتبرها واجب شرعي ووطني وفرض عين على كل من يمتلك هذه الموهبة التي هي أعذل من حد السيف, لكن اليوم هي من وجهة نظري فرض كفاية ! وهنا سؤال يطرح نفسه, هل فعلا ولى زمن الاحتلال, وهل أستقل الجنوب فعلا؟ أسئلة أخرى ربما تذهب بنا بعيد لو خضنا في تفاصيل الاجابة عنها, لكن باختصار وبكلمة واحده وجواب نهائي .. (نعم) ولى زمن الاحتلال بشقيه الحوثي والعفاشي , لكن في المقابل أيضا وبكلمة واحده وجواب نهائي .. (لا) لم يستقل الجنوب؟ سيظهر هنا نوع من التناقض لكنها هي الحقيقة ولا ينكرها إلا جاحد أو ناكر معروف, فلاحتلال قد رحل ولم يعد على أرض الجنوب أي جندي شمالي بعد أن تحررت جميع محافظات الجنوب بفضل الله وعاصفة الحزم ورجال المقاومة الجنوبية, لكننا لم نستقل من ذواتنا وبسبب تعدد كياناتنا السياسة واتخاذ البعض منها مبدأ الحق المطلق في حكم الجنوب واعتبار نفسها مفوضه دون غيرها للحديث باسم الجنوب ومن يتعارض معها في سياساتها فهو أما جنوبي مرتد أو خائن أو متامر وهو أقل هونا في الوصف إذا لم تكن حوثي أو عفاشي بمجرد انتقادك لهم وهنا مربط الفرس في توقفنا عن الكتابة لفترة ليست بالقصيرة. كنا نكتب نحن الصحفيون ولا نخاف في الله لومة لائم لأننا كنا نواجه عدو مشترك لكن ربما كان هذا العدو أرحم بنا من ما هو حاصل اليوم, فعدو الأمس وأن صوب بندقيته نحوك أو أسرك أو نفاك خارج الوطن لكنه يبق معروف لديك بعكس ما يحصل اليوم من بعض التيارات والمكونات التي تتدعي أنها حريصة على مصلحة الجنوب وهي تفعل مالا يفعله الغزاة والمستعمرين وأعني هنا فعلهم بالصحفيين على وجه التحديد. الصحفيون اليوم يتعرضون لتصفيات جسديه وقتل بدم بارد, وليس لهم ذنبا غير أنهم ينتقدون كيانات معينه أو شخصيات معينه والمشكلة أن من يستهدفهم هي وجوه جنوبية خفيه وجبانة لا تستطيع المواجهة أو الكشف عن نقابها وإنما تقتل من وراء الستار ومن على ظهر دراجه ناريه لكي تسارع بالفرار وبينما أرواح الأقلام الحرة تلاحقهم الى يوم يبعثون! لذلك توقفت أنا شخصيا وربما معي الكثيرون عن الكتابة الصحفية و فضلنا الصمت لأنه وكما أسلفت لم يعد لدينا عدو واضح لكي تكون مستعدا للتضحية بروحك وانما لدينا من هم أحمق من العدو ذاته الذين لا يتقبلون النقد ويعتبرونه سهام في حناجرهم وتكون ردة فعلهم هي التخلص من كل من ينتقدهم دون ذنبا يذكر إلا للنقد ذاته متبعين وسائل الضعفاء في إعمالهم الشنيعة والمخزية! سنعاود الكتابة تدريجيا عندما نعلم أن مكوناتنا السياسية قد وصلت وارتقت الى مستوى الوعي المطلوب وفتحت حرية التعبير بما لا يتعارض والمعتقدات الدينية كحالة استثنائية فقط واعتبرت تلك المكونات من الماضي البغيض وأدركت أنها تعيش في القرن الحادي والعشرين وفي عصر العولمة والديمقراطية وثورة المعلومات, وأنها لن تحكم الجنوب مجددا وهي لاتزال بعقول من العصر الحجري! وفي الأخير أعلن تضامني الكامل مع الأخ/ فتحي بن لزرق لما تعرض ويتعرض له من إجراءات تعسفيه وملاحقات أمنية بدون ذنب يذكر غير أنه صحفي حر ينتقد كل ما يراه يستحق النقد.