أتدرون لماذا لن تنكسر أبين، رغم جراحها الغائرة،وأوجاعها المؤلمة،وأحزانها المتوالية.. لانها أعتادت أن تنهض من تحت الركام والحطام وتجابه الموت وأنفاسة الساخنة القاتلة بقوة وبسالة وعزيمة، دون ضعف، دون وجل، دون خوف، دون جزع.. أتدرون لماذا هي قوية ولم تستكين رغم كل النكبات والأزمات والحروب، ورغم كل المؤامرات القذرة التي تُحاك ضدها، ورغم تقزيمها وإهمالها..؟ لانها محافظة الابطال والرجال،ومنبع الشرفاء والأفذاذ، ولان أبنائها وقود الحروب،وأبطال الساحات،وصانعي المعجزات،ومحطمي آمال الأنذال وأنصاف الرجال.. أتدرون لماذا يهابها القاصي والداني ويُحسب لها الف حساب،وينتظر الأعداء الفرصة السانحة (لطعنها) وقلتها،ووأدها..
لانها تضمد جراحها بنفسها،ولانها تنتفض على وجعها وحزنها،وتتجاوز محنتها،وتكتم أنينها وآهاتها،ولاتنتظر من أحد أن يمد لها يد العون او المساعدة،وتتقلب على معاناتها ومآسيها.. أتدرون لماذا يريدون أبين؟ لماذا يحاولون إجهادها، وتدميرها وذبحها من الوريد إلى الوريد،أتدرون لماذا يقلقهم أن تستقر أبين أو تنعم بالرخاء والأمان والسكينة؟ لانها حاضرة الوطن وخاصرته،هي بوابته،ومستقبله، هي محافظة المدد،هي بركان الغضب،هي الأبطال،هي الشعراءء،هي الرؤوساء،هي الثروات،هي الخير.. يريدون أن تتشظى أبين ليس (حباً) فيها، وليس من أجل (سواد) عيون أبنائها،وليس كي يستنهضوا بها،ولكن حقداً وحنقاً على مخططاتهم التي لم تمر فيها ولم تنطلي على أهلها.. لم يحدث أبداً أن تشظت أبين أو تقسمت حتى وهي في قمة (وجعها) وإنكسارها،ولم يحدث أن غردت إحدى مديرياتها خارج سرب (أخواتها) وهي تعاني من التهميش والإقصاء وفي أمسّ الحاجة لكل شيء.. واليوم يحاولون أن يسلبوا منها بعض أوصالها وأطرافها بعد أن بدأت تستعيد عافيتها شيء فشيئاً،ولكن هيهات أن تسقط او تستكين أو يرضخ أهلها لمن يريد ذلك... لم تُرفع الجلسة بعد..