في خواتم هذا الشهر الفضيل هدد وتوعد ثوار تغيير كبار بتحويل مسار زحفهم المقدس من دروب قصر النهدين والاتجاه به جنوباً معلنين حربهم المقدسة للحفاظ على وحدة الأرض والثروة والضغط على الفرع للعودة والإذعان لرغبات وتطلعات الأصل الكبير.. وكان على رأس هؤلا ثوار ومفكرين كبار كالصحفي منير الماوري والمفكر الدكتور محمد الظاهري والصحفية منى صفوان. حقيقة انطلقت ثورة التغيير في مطلع فبراير الماضي راسمة أروع صور الصمود والتحدي لنظام صلف ارتكب أبشع أنواع الجرائم في حق الشعب اليمني ولاسيما في الجانب القيمي للمجتمع.. حيث عمل هذا النظام لسنون طوال على غرس الكثير من القيم السلبية الغير سوية والدخيلة على مجتمعنا اليمني.. سعى النظام في صنعاء إلى قمع الفقراء السياسيين ووصفهم بالخونة العملاء المتآمرين على الوطن.. واصفاً الحراك الجنوبي بالحراك الإرهابي الانفصالي, حراك العصابات وقطاع الطرق.. والحوثيين بالشيعة المرتدين المتآمرين على النظام الجمهوري.. واصفاً أحزاب المعارضة بالعملاء, وثوار التغيير بالمتمردين الخارجين على الشرعية الدستورية وما إلى ذلك..
قامت ثورة التغيير وكلنا أمل في التغيير الشامل الذي يجتث ثقافة النظام قبل أشخاصه.. ففي خضم ثورة التغيير ظهرت بعض السلبيات الذي اعتبرها البعض بل وبرر على أنها ضرورة ثورية فنتجت عنها الكثير من الاقصاءات بحجة مندس أو عميل للأمن القومي.. في هذا الشهر الكريم حقيقة كانت الصدمة لنا كجنوبيين ناصرنا ثورة التغيير مؤمنين بها أملين فيها تغيير جذري يقضي بحياة كريمة لكل اليمنيين في ظل دولة مدنية عادلة.. هذه الصدمة كانت عندما أعلن الجنوبيون انسحابهم من المجلس الوطني المعلن من قبل أحزاب اللقاء المشترك نتيجة اختلاف وجهات النظر بخصوص قضية الجنوب.. وماتبع ذلك من سيل من الهجمات الشرسة شنتها الكثير من المواقع والصحفيين والشخصيات الثورية, حتى أنهم ذهبوا في هجمتهم على الجنوب إلى ابعد مما ذهب إليه نظام على عبدالله صالح.. فنالت زميلتهم في ثورة التغيير هدى العطاس النصيب الأكبر فتفننوا في القذف والذم والاهانة.. وماصدمنا اننا لم نرى احد من زملاء هدى ينتقد هذه المهزلة وكان السكوت من علامات الرضا.. اما المهندس محسن علي باصرة رئيس التجمع اليمني للإصلاح بحضرموت (والذي يعتبره الإخوة الاصطلاحيون ملكية خاصة بهم) فتحول في وصف زملائه في لحظات من الرجل الصالح التقي والوطني الغيور إلى الشيطان المتآمر والمناطقي العميل. اما الرئيس علي ناصر محمد فقد وصفه النائب البرلماني علي العمراني بالرجل الذي تحول من اب لكل اليمنيين إلى رجل مناطقي أصبح لايلتقي الابالجنوبيون ولا يهتم إلا بالجنوب..
الثائرة منى صفوان ثارت ثائرتها أيضا فوصفت الجنوبيون في مقال لها بمحاولتهم الابتزاز وإبراز عضلاتهم وإنهم يريدوا يثبتوا أنهم أقوياء وهم ليس كذلك, وكانت وجهة نظرها ان لم تكن القضية الجنوبية قضية كل اليمنيين لما اتسمت بالقوة!! اما منير الماروي في مقال له نعت الجنوبيون بالأنانيين وهدد المنسحبين باستبدالهم بجنوبيون آخرين شرفاء (بمنطق الماوري ان من انسحب من مجلسهم الوطني غير شريف) وهدد أيضا هو وبالتزامن مع المفكر المحاضر في جامعة صنعاء محمد الظاهري بالحرب المقدسة وانه إذا لم يعد الجنوبيون لرشدهم فأنهم سيتخلوا عن الثورة في سبيل الدفاع عن الوحدة.. وهي لغة الوحدة اوالموت التي كان كلاً من الماوري والظاهري ينتقدوا فيها علي عبدالله صالح في خطابه مع الجنوبيون..وكانت الصدمة الغير متوقعة من الرجل الحر احمد سيف حاشد فمن جانبه انتقد الحوثيين بشده في صفحته على الفيس بوك وعاتبهم على موقفهم المناصر للجنوبيون.. الله المستعان فكيف تنشد الحرية لقومك وتنكرها على غيرهم يابن حاشد!!
شيخ الثورة حميد الأحمر وصف تأثير المنسحبين من المجلس الوطني بالهامشي, وهو اعتراف مباشر منه ان وجودهم في المجلس أيضا سيكون هامشي, فهل نلوم من رفض التمثيل الهامشي في هذا المجلس؟ هاهي طبول الحرب تقرع وحكايات الوحدة أو الموت والوحدة خط احمر والتهديد والوعيد بالحرب المقدسة تعود إلى الساحات وبقوة.. المسرحية واحدة والأبطال مختلفون.. فأصبح من يتباكى على الجنوب بالأمس من اشد المهاجمين ضراوة اليوم.. فهل كان حديث هؤلا الثوار عن القضية الجنوبية سابقاً نكاية بنظام صالح والضغط عليه لا إيمان بعدالتها؟
والحقيقة المرة اننا لم نرى احد من الإخوة في الشمال ينتقد هذه الحالة الهستيرية.. ففي السابق كان تبرير الإخوة عن عدم مناصرتهم للحراك الجنوبي والوقوف ضد الانتهاك الذي تعرض له الجنوب بأنه نتيجة التضليل الإعلامي الذي مارسه النظام تجاه القضية الجنوبية.. ياترى ماذا سيكون تبرير ثوار التغيير مما يحدث اليوم ؟ والسؤال المهم والخطير هو.. هل فشل ثوار التغيير في اجتياز أول اختبار لهم تجاه القضية الجنوبية؟