العنوان مستوحى من قول الشاعر الكبير عبدالله البردوني حين عبر عن حال اليمنيين ايام التشطير بجنوبيون في صنعاء شماليون في عدن, وهنا نستعير فكرة بيته الشعري لوصف حال اليمن في عهد ثورة التغيير بثوريون في صنعاء شماليون في عدنِ لوصف حالة الشيزوفرينيا الثورية التي يعاني منها البعض. في وصف اخر للشاعر الحكيم البردوني عن حال اليمنيين بعد الوحدة تحديدا بعد حرب 94 , وصف الحال بأن كان اليمن شعب واحد في دولتين فاصبحوا اليوم شعبين في دولة واحدة.. بالفعل نلتمس توصيف الشاعر الكبير في مواقف كثيرة انسانية و سياسية.. ان الاحداث المُكرسة لشعور الانفصال تتكرر بشكل اسرع مما كانت عليه سابقا فماحدث في يوم 13 يناير الماضي عندما قهقه رصاصهم في وجه تصالحنا وتسامحنا بحسب توصيف الرائعة هدى العطاس, انسابت ايضا محبرة اقلام البعض مكر ودسيسة ضد فكرة التصالح والتسامح وتفننت بعض المنابر الاعلامية في التدليس والتزوير وكان ذلك ضد تصالحنا وتسامحنا ايضاً.. فاصبح الكثير من هؤلا ثوار بوجه مدرعات صالح واعوانه في صنعاء, شماليون يؤيدون ويبررون مافعلته تلك القوة الغاشمة من قتل لابناء الجنوب في عدن.. في لقاء جمعنا وبعض الزملاء مع شخصية اعلامية مرموقة تواجدت في كوالالمبور الاسبوع الماضي, تحدثنا في كثير من القضايا الخاصة بالتغيير في اليمن وكيفية الخروج من الازمة القائمة في صنعاء, اتفقنا واختلفنا معه في بعض الامور وكان الحديث راقي جداً الى ان وصلنا لموضوع القضية الجنوبية فكان رده عاصف على سؤال لاحد الزملاء حول عدم تعاطي بعض المنابر الاعلامية المحسوبه على الثورة مع حقيقة ماحدث في عدن يوم التصالح والتسامح الجنوبي, فكان رده (لن نتعاطف مع اصحاب المشاريع الصغيرة).. فدار حديث طويل حول حقيقة الوحدة ومن هم اصحاب مشروع الوحدة وصناعها الحقيقيون ومن هم ايضاً اصحاب المشاريع الصغيرة مشاريع الفيد والغنائم..
ان مايعانيه الكوكب الثاني عشر (اليمن) بحسب توصيف المفكر الفقيد عمر الجاوي, هو الهروب من الفشل في معالجة المشكلة الحقيقية بأفتعال مشاكل اخرى.. وهذا الهروب يتمثل في هرولت البعض جنوباً لتفادي الاحباط الذي اصابهم لما اَلت اليه ثورة التغيير من نتائج سلبية تمثلت في اعادة انتاج النظام الذي حكم اليمن لفترة طويلة وللاسف عبر ثورة شبابية مدنية في هذه المرة.. مالايدركه الاخوان ان الجنوبيون لن يقبلوا استبدال عسكري بعسكري او شيخ بشيخ اخر.. ومالايدركونه ايضاً ان الجنوبيون لن يسمحوا لأمراء وشيوخ الف ساعة حرب في 1994م بالعودة مجدداً للجنوب تحت عبائة الثورة الشبابية .
الشعور بالفشل والاحباط دفع بعض الاعلاميين المنتمين عِبْء على ثورة التغيير الى التحليل والتنظير في محاولات تبدو كشعوذة عوبلية بليدة لدس سم الفتنه والفرقة بين ابناء الجنوب, فكانت تلك الهرطقات نابعة من خلفية ثقافية تنظر للقضايا الوطنية من منظار الفيد او الغنيمة وهي ثقافة للاسف استحوذت على عقول الكثير, اِقْتِداءٌ بكبيرهم الذي علمهم الفيد.
ان اِمْتِطَاءُ شعارات الثورة والدولة المدنية والديمقراطية والوحدة لم تعد سوى حيلة بائسة لدى البعض للحصول على المزيد من الغنائم هنا وهناك.. فمن اراد الثورة عليه ان يتعلم ابجدياتها من الجسور حسن باعوم لامن وكلا الاستخبارات الاجنبية, ومن يريد الدولة المدنية الحديثة عليه ان يتحالف مع احمد سيف حاشد وبشرى المقطري لامع عبدالمجيد الزنداني وعبدالوهاب الديلمي, ومن يدعي الديمقراطية عليه ان يطبقها اولاً في ساحات التغيير ويترك للشباب منصات ثورتهم, ومن يسعى الى الوحدة عليه اولا التوحد مع الجعاشن وتهامة, وبعدها فاليذهب الى عدن سيجد هناك صناع الوحدة الحقيقيون..
نقطة نظام..
ان حل قضية الجنوب وفق رؤية وطنية شاملة لن يتم بالحذق والشعوذة السياسية والذي يعتقد البعض انه سيجيدها اكثر من نظام الرئيس صالح, ولن يكون بشطحات التقليل من حجم الحراك الجنوبي والطعن في رموزه وقياداته.. مايجب على اخواننا هناك اولا الخروج من دائرة الاحباط الذي وضعوا انفسهم فيها بقبولهم المبادرة الخليجية.. مشكلتكم الرئيسة ليس مع الحراك الجنوبي ورجالاته, بل هناك مع القوى التي تربعت وجثمت على صدر ثورتكم.