ما لا شك فيه أن البطل الراحل (علي) مفجر ثورة، وفاتحة هبة وطنية دينية لقيَتْ شهرة كبيرة، وسمعة رائدة، ذاع صيتها، وانتشرت في الأرجاء. علي الصمدي مفجر ثورة.. وهمّة وطن كثيرا ما كان يردد لي بداية المعارك بين عدن وقوات السقاف، من تحكم عدن، أشهر عباراته النابعة عن حرقة، وربما كان يسوقها لي مازحا ومغازلا: (ليت عندي طائرة أقصفهم بها وأنا أستمتع، (زي ما ) قصفوا المعاشيق) (ليتني كنت طيارًا) (ليتني بدلا من عبد ربه (بشتغل) وبدون ضعف).. عاصفة الحزم كانت بالنسبة للقائد الراحل أمنية يتمنى أن تتحقق ليمن جريح، كان يعشق أن يرى قوة ضاربة تمتع ناظريه بقصفها للأعداء الهمجيين، محتلي وطنهم، وقتلة أبنائه. نعم؛ أتت العاصفة.. أتى ما كنت تصبو إليه، جاء المدد من السماء .. جاءت صقور التحرير، والعاصفة الربانية التي نقلت قوى الشر والفساد من جذورها، واقتلعتها من أساسها.. جاءت العاصفة، وقلوبنا تعصف حرقة عليك، وتتظلى فرقا من وقعة نبئك، وصاعقة مقتلك. أعلم جيدا أنه لا يهمك حزننا عليك؛ فلقد بعت نفسك، وأرخصتها خدمةً للدين، وتضحية للشعب، وقياما بالحجة التي ارتأيتها واجبة تجاهك عند الله. جاءت العاصفة وأنت من ساكني القبور منعزلا عن عالم الحياة.. ساكنا في هناء بعيدا عن الخداع والخيانات .. في عالم ليس فيه جدال ولا مراوغات ولا خيانات.. تتأمل وتتابع بصمت ماذا يعملون.. تبكي بحرقة من وطأة الممارسات للخائنين الذين يقاتلون لأجل المال.. وبيع الوطن.. وشراء الذمم. ليتهم يملكون يسيرا مما تمتلكه من الصدق والنبل والوفاء والعطاء والشمول والإنسانية التي عجزت قواميس اللغة ومعاجمها أن تجود بما كنت له أنت. نعم جاءت العاصفة وأنت رهين الجنادل والرجام.. وكأنه يوحي بتبادل مواقع.. لا أعد هذا إطراء في حقك.. فمن عرف عنك شخصك وسبر حقيقة أمرك .. لرأى كم من هامات ارتقت العلياء على حسابك وفوق جسد بطولتك.. نم قرير العين يا (علي) .. ما زالت العاصفة تعصف، والطائرات التي كنت تتمنى أن تراها تقصف الأعداء.. جاءت أسرابا بالمئات فرادى وجماعات.. تقصف كل قبيح في الوطن.. وكل مصدر جريمة ونكر. الطائرات المقاتلة أعلى تقنية مما كنت تتوقع، وأكثر سعة من الجغرافيا التي تمنيتها أنت.. كم أتمنى أن كنتَ حيًّا لأمازحك فأقول: والطيارون أتقن وأصوب وأجود منك ومن أبناء يمنك.. أيرضيك هذا يا علي؟ أليس أكبر مما تتصور، وأعظم مما كنت تتمنى؟! ألم تكن تتمنى فقط أن تحقق لواءً تصطاد به أعداء الله وأعداء الوطن.. تكون صيادا ماهرا تقتنص الواحد أو الاثنين –إن قدرت- أمام تضحيتك بنفسك.. وقيامك بهذا المشروع الضخم بقدرات بدائية لا تكاد تذكر.. أمام قوة جبارة عارمة؟ عدن التي كنت ترى فيها الاحتلال والكهنوت تحررت.. الصولبان الذي جادت نفسك به تحرر.. سقطت فيه قطرات دمك الطاهر لتسقي تربة وطنك الظمآن للحرية والاستقلال.. كل اليمن يتحرر لم يبق إلا القليل.. فلا تحزن.. بذرتك التي زرعتها في تربة وطنك تسقى بدماء زكية كروحك.. تتشاطر الدماء البذرة بذورا لتكون نقية لا غش فيها .. نبتت من حلال .. فالأمان حري بها. تتحرر اليمن .. والبذرة صارت شجرة مليئة بثمار وزهور وورود .. أعلاها البراعم .. براعم جيل ناشئ حريص على دينه ووطنه.. يأبى الاستبداد ويكره الاحتلال.. ويعشق الحرية والسلام. أليست العاصفة أمنيةً لم تتمن عشرها .. ولا معشارها؟ هاهي أتت بجيشها وحديدها.. تحرر وتقرر.. وتكرر: أن لا بقاء للكهنوت والطغيان.. فهل رضيت؟ المقاتلون الذين يقصفون أعداءك – تجمعك بهم رابطة الأخوة في الإسلام والوطنية وأباة الظلم .. جيرانك يا علي.. لبوا النداء.. بقيادة الجار الأكبر.. والعلم الشامخ.. كبرى بلاد الإسلام,, وفخر الحضارة والعروبة (المملكة العربية السعودية) آه لو كنت سمعت الراحل الهزبر (سعود الفيصل) رحمه الله وهو يلبي طلب الجار اللاصق اليمن ، ويعتزي بها وبرفع الحرج عنها ، وأنه لا يريد حربا " وإذا دقت الحرب طبولها فنحن لها" لم تعرف سلمان ملك القلوب كما كمت أتمنى أن تعرفه.. أمة كاملة في شخص واحد! كانوا لها بما تقر به عينك، وصار الحوثيون اليوم يبحثون عن من ينقلهم من سرير (الترقيد) إلى غرفة (الإنعاش) .. هي آمنُ عندهم من وطأة الطوارئ، إن عاشوا. فلتكن سعيدا بما تسمع، قريرةً عينُك، منعّمةً نفسكَ، في جنة عرضها السماوات والأرض. عليكَ سلام الله مني فإنني ... رأيتُ الكريم الحرّ ليس له عُمْرُ