فشل بن عمر المبعوث الاممي في اقناع صالح بالتوقيع على الاتفاقية الخليجية, فشلت المعارضة الرسمية في تلك الجولات المكوكية بعدة عواصم عربية و عالمية, وحدها الثورة الصامدة تنجح كل يوم في كشف الزيف و الخيانة و الفساد و الاجرام, وحدها الثورة هي الامل الوحيد لانقاذ اليمن من دائرة التخلف و العبودية, وحدها الثورة الامل الوحيد لمستقبل حر و عادل للاجيال القادمة, لكن هذه الثورة تواجه الاخطار و تحاك حولها المؤمرات, تحاول الجارة السعودية باموالها و ثقلها السياسي اجهاض الثورة اليمنية و استنساخ نظام سياسي يمني متخلف فهي لا تحب صالح لشخصه و انما تحب افعاله و ضعفه, فهو الرجل الذي تنازل لها عن اراضي شاسعة, فهو الرجل الذي يسمع و يطيع عندما يقبض الثمن و هي لديها من المال الكثير و على استعداد للدفع له او لغيره فهي تدفع رواتب لعشرات بل مئات من مشائخ القبائل تشتري الولاء بالمال لمصالحها يهمها جدا ان تظل اليمن في دائرة التخلف و الفساد كونها ترى في اليمن المارد الخطير الذي قد يهدم ملكها في حال استقرار البلد و وجود نظام ديمقراطي مدني حضاري. الذين يثقون في حميد الاحمر و اخوانه و يسلمونه رقبة الثورة فهم يرتكبون جرم كبير, فالرجل يلبس ثياب الثورة و المعارضة منذ زمن لمصالحه الخاصة و مصالح اسرته, فالرجل شيخ قبلي و ان لبس ثياب مدنية لكنه يدعم الثورة و يقف في صف المعارضة اليوم ليحصل على حصة اكبر من الغنيمة, في احيان كثيرة يتم تسريب قائمة بحكومة المستقبل بعد صالح نجد خمسة او سته من ابناء الاحمر كوزراء هي اشاعات لكن تسريبها امر مدروس لقياس ردة فعل الناس و تعويدهم على هذه الامور لو حدثت بالمستقبل حتى لا تكون صدمة, لا نشك و لو للحظة بوجود ايادي خفية من الداخل و الخارج تحاول رسم مستقبل اليمن بعد رحيل صالح لخدمة مصالحها الخاصة, فالرئيس صالح لم يكن يوما الحاكم القوي الذي يسيطر على كافة التراب اليمني منذ توليه السلطة الى اليوم و هو رئيس ناقص الصلاحيات و حاول مئات المرات تعويض هذا النص بنشر الحروب و الفتن و الدسائس لاضعاف خصومه و شراء الذمم و ضرب هذا بذاك, يتحالف و يحارب في نفس الوقت كسياسته مع القاعدة و الحركة الحوثية و هو يجني من وراء المصائب المال عبر تلقيه مساعدات خارجية يسرع بايداعها في حساباته الخاصة.
رجل اخر ليس اقل خطورة على الثورة هو اللواء علي محسن الاحمر فالرجل في خلاف منذ زمن مع الرئيس صالح و وجد في الثورة بساط الريح الذي سيقصر عليه الطريق في التخلص من خصمه لكن هناك حسابات و مصالح مشتركة تظل رابط قوي بينهما, فالرجل مازال يعلق صورة صالح فوق جدار مكتبه الى حد اللحظة و مهما بلغ الاختلاف بينهما فهي تحكمها المصالح و ليس الثورة او مصالح الشعب اليمني, اللواء الاحمر صرح بانه على استعداد للمثول امام القضاء للفترة التي عمل فيه مع صالح نقول له امر مهم خلال عملك قمت بالاستيلاء و توزيع اراضي و ممتلكات في الجنوب و الحديدة بالذات لاقربائك و اعوانك ان كنت صادق اعد الحقوق لاهلها كون هذه حقوق مادية لا تغفرها الثورة و لا التوبة.
لعل من اهم ايجابيات الثورة انها كشفت ان اليمن تحكمه عصابة شديدة التعقيد في تركيبها تتوزع الادوار بين سلطة و معارضة و العمالة للخارج, ستنتصر الثورة غدا او بعد غد لكن أمامها مصاعب كثيرة في تطهير نفسها اولا من بعض الشخصيات المتسلقة التابعة للنظام المنهار و التي ستعمل على إعادة تدوير النظام كما يحدث الان في مصر او قد ندخل في دوامة من العنف كما يحدث في ليبيا, هناك مصاعب كثيرة يجب تجاوزها بحكمة دون الانخداع بهذا او ذاك, على الثورة ان تضع امامها ضرورة اعادة الكرامة للوطن و المواطن اعادة الحقوق المنهوبة و محاسبة كل من ارتكب جرم و اثم و ان لا تنزلق الى الطائفية و الشللية و المناطقية كونها اول ثورة حقيقية في تاريخ اليمن الحديث.