ماذا بعد سقوط النظام في صنعاء واستلام قيادة المشترك الحكم هل ستسعى لِلتكفير عما قامت به بحق الجنوبيين طوال فترة تحالفها مع السلطة,أم أنّها ستتعنت وستُراوغ وستتوعد كما فعل علي صالح,سؤال مُلح يفرض نفسه على الجنوبيين خاصة في ظلّ الأوضاع الراهنة في اليمن,وللإجابة على هذا السؤال كان لابد لنا من آخذ عينة من الآراء الجنوبية, وكان لابد لنا أيضا من التوقف قليلا عند بعض مواقف تلك أحزاب من بعض القضايا لِتتبين لنا الصورة كاملة ,من خلال الاستطلاعات رأينا أنّ هناك شريحة كبيرة منّ الجنوبيين ينظرون إلى المشترك كأوجه آخر للنظام ويُرجعون ذلك إلى التحالف المشبوه مطلع التسعينات بين النظام والإصلاح الذي يتزعم اليوم هذه الأحزاب ومآتلاه من تدمير ممنهج للجنوب أمام أعيُن ومسامع ومشاركة تلك الأحزاب التي تتخذ كثير من القضايا سُلم للعبور إلى الضفة الأخرى.
وغير بعيد عن هذا ففي الشمال مثلا بدأت تلك الأحزاب تفقد مصداقيتها ومؤيِديها خاصة بعد الخطوة الارتجالية التي قامت بها الا وهي التوقيع على المبادرة الخليجية فهذه المبادرة جاءت كطوق نجاة للنظام ووسيلة سُلطوية للمعارضة للوصول إلى سُدة الحكم حتى وأنّ كانت تلك المبادرة على حساب جُثث الآف الشُهداء,وهذا الانحراف السياسي في وظيفة تلك الأحزاب جعلها في مواجهة الشعب قبل آيّ شئ آخر.
فأحزاب اللقاء المشترك لن نقول عجزت عن فهم الفارق المبدئي بين الوظيفة السياسية والنقابية وإنما بدلت وحوّلت وظيفتها من وظيفة سياسية تتعلق بالمجتمع والوطن إلى وظيفة نقابية تُناضل من اجل أحزابها وأعضائها, وهذا ماجعل الثوار في الشمال يبتعدون عن تلك الأحزاب ويبحثون عن البديل.
ومع رفض الثوار في الشمال لهذه المبادرة الا أنّ المعارضة اليمنية وبخُبثِ شديد ودعم عربي وإقليمي استطاعت من تمريرها,مُتجاوزة جميع الخطوط في الساحات ومتجاهلة دماء الشهداء وتضحياتهم في سبيل إسقاط النظام ومحاكمته وهذا حق مشروعاً لهم.
أحزاب اللقاء المشترك دأبت كعادتها على التغريد خارج السرب معتقِدة أنها وبعد إسقاط النظام تستطيع أنّ تُسيطر على الثوار في الميادين وتُرجعهم إلى منازلهم وتفرض عليهم القبول بنصف ثورة وكأنها هي من أخرجتهم إلى الشارع للمطالبة باِسقاط النظام ومحاكمته, فكُلنا يعلم أنة ومع بدا الثورة في الشمال لم تكن تلك الأحزاب واضحة في مواقفها وإنما كانت مواقفها ضبابية ولمدة تزيد عن أكثر من أسبوعين وبعد أن اشتد عود الثورة ظهرت تلك الأحزاب في محاولة لركوب الموجة,وتسخير الثورة الشبابية لصالحها,كما حدث مع الكثير من القضايا ومنها القضية الجنوبية.
ومع تسارُع الأحداث في الشمال بدأت عيون الجنوبيين ترصد كل التحرُكات للمشترك وبدا نوع من الخوف السياسي مصحوب بنوع من الحذر يُلازم الجنوبيين خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي تتآمر تلك الأحزاب على الجنوب وقضيته.
فالقضية الجنوبية على سبيل المثال كانت هي نتيجة طبيعية للحرب الظالمة التي شُنت من قِبل النظام في صنعاء وبِموازرة ودعم تلك الأحزاب باستثناء الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان آنذاك يُمثل احد طرفي الحرب ثمً تحوّل فيما بعد إلى إطار سياسي شمالي غير معني بالقضية الجنوبية فاسقط شرعيته كممثل للجنوب كما يقول الجنوبيون.
وخلال الفترة من 1994 إلى 2006م آيّ قبل ظهور الحراك السلمي الجنوبي لم يكن للقضية الجنوبية آي حضور يُذكر في بيانات واجتماعات ومشاورات تلك الأحزاب وحتى بعد تأسيس اللقاء المشترك بهيئته الحالية في السادس من فبراير 2003م لم تقم تلك الأحزاب بأدراج القضية الجنوبية في سُلم أولوياتها باِعتبارها قضية سياسية باِمتياز وحلها ضرورة ملحة وإنما كان شُغلهم الشاغل كيفية زيادة مقاعدهم في البرلمان,ويتجلى لنا ذلك من خلال الاتفاق الذي أطلق عليه "اتفاق المبادئ" لأحزاب "اللقاء المشترك ويحتوي على سبعة بنود وربما كان البند الثالث أهمها وأقربها إلى نفوسهم والذي جاء ليؤكد على[العمل الدءوب لِضمان زيادة عدد مقاعد هذه الأحزاب في البرلمان].
تَوَجَّسْ وحذر الجنوبيين من اللقاء المشترك آمر طبيعي له أسبابة ومسبباته السياسية التي نتجت عن التعاطي السلبي لِتلك الأحزاب مع الجنوب وقضيته خلال الفترة الماضيّة,وهذا مآدفع الكثير من الجنوبيين إلى وضع تلك الأحزاب والنظام في خانة واحدة.
تلاعُب اللقاء المشترك بالقضايا ومنها القضية الجنوبية يُحتّم على الجنوبيين الوقوف والاستعداد لِمثل هذا اليوم, وإيجاد البدائل المناسبة للرد على آي خطوة أخرى غير منصفة قد يقوم بها المشترك تجاه الجنوبيين.
فاللقاء المشترك أستطاع بدهائه وخُبثه أنّ يُحوّل الثورة في الشمال من ثورة ضد النظام إلى أزمة بينهم وبين الحاكم,وغدا سيتقاسمون الكعك فيما بينهم, آما الشباب في الساحات فمازالوا ينتظرون,,فهل يعيّ الجنوبيون هذا.