الإقصاء والتفرد والإستحواذ تعد من أبرز وأهم وأخطر الأسباب التي أسهمت في صناعة (القضية الجنوبية ) ومأساة شعب الجنوب، التي تعود ولادتها الأولى إلى إرهاصات ماقبل الإستقلال عام 1967م ، والذي دشن حينها رفاق السلاح والنضال الثوري، غرس بذرة نهج (الإقصاء والتفرد والإستحواذ) لحسم (الصراع على السلطة) والوصول إليها والتثبُّت فيها، وقد أسهم الجهل وقلة الخبرة السياسية وإنعدام الرؤية الواضحة لمتطلبات المستقبل وفقاً لمعطيات الحاضر والواقع حينها، كل ذلك مكَّن المطابخ الخبيثة للقوى المعادية لشعبنا وحلمه المنشود في المستقبل الأفضل، أن تحقق إختراقات مهولة وخطيرة أستطاعت من خلالها التحكم في توجيه الأمور والأحداث وفق مخططاتها المستقبلية عبر الأيادي التي أستطاعت غرسها بين الصفوف، هذا عدا إستغلالها للأحلام والتطلعات الشخصية (للنخب) وللعامة ، ومن ثم إستغلالها للعاطفة العامة وتوجيهها عبر مطابخها الإعلامية والدعائية لمايصب في صالح مخططاتها تلك، وذلك مانجحت فيه نجاحاً باهراً ولم يفطن أولئك الحالمون أنهم إنما قد سيقوا دون وعي ولابصيرة إلى الطريق الخاطىء.. طريق الندامة والخسران وضياع الأحلام، وهذا ماتجلى في تلك الأحداث المتوالية على الجنوب والتي أصابته بذلك النزيف المخيف الذي تجسد بخسارة أشرف رجاله وقادته وكفاءاته ، إما بالتصفيات أو السجون أو النفي والإقصاء الداخلي أو الخارجي.. فكبرت تلك الشجرة الملعونة وتعملقت، لسقايتها المستمرة من قبل قاداتنا المتوالين .. الذين بدأ واضحاً أنهم لم يهتدوا إلى غيرها ليستظلون بها، أو أنهم باتوا لايملكون القدرة ولا حرية الإرادة لاختيار مايبدو لهم من خيارات أفضل وأسلم وأئمن لهم ولوطنهم، نتيجة تقديم مراعاة رغبات النفس الأمَّارة بالسوءِ، مما أوقعهم في فخ الولاءات الخارجية، على حساب ماهو أسمى من رغبات الشعب ومصالح الوطن. وأمام كل ذلك فقد بات واضحاً لنا أن الحل والمخرج الوحيد من تلك الدوامة المهلكة وذلك المستنقع المدمر، يكمن في إقتلاع تلك الشجرة من جذورها، وذلك يتحقق بصناعة وعي عام جديد على أنقاض ذلك الوعي القديم، وعي مبني على الإجماع والتوافق على عدد من القواسم المشتركة التي يلتزمها الجميع وأهمها: 1) تجريم وتحريم العودة لنهج (الإقصاء والتفرد والإستحواذ) تحت أي مبرر كان. 2) الإقرار بأن الوطن يتسع لجميع أبنائه وبحاجتهم جميعاً لبنائه. 3) الإقرار والقبول بحق الشراكة للجميع. ولكوننا أعتبرنا ذلك هو حجر الأساس الذي يجب الشروع بوضعه من الآن ليشاد عليه صرح المستقبل المنشود صرح الجنوب العظيم.. لهذا فقد وضعنا ذلك ضمن شعار الهيئة الشعبية الجنوبية (الإئتلاف الوطني الجنوبي) بعبارة: (لا إقصاء، لاتفرد، الشراكة للجميع .. بتوحيد طاقاتنا ننتصر لقضيتنا). لهذا كان من الطبيعي جداً أن يكون لنا الشرف بأن نكون أول المصدومين والمستهجنين والرافضين أن يدشن المجلس الانتقالي أول خطواته بالعودة لنهج الأقصاء والتفرد والإستحواذ، وهو ماتجلى بإستدعاء كل آلياته وأسلحته العفنة والنتنة القديمة والمتهالكة، من إتهامات وتهديد ووعيد لكل من ينتقد أو يعارض أو ينصح أو يطالب بالتصحيح، في صورة طبق الأصل لمشاهد تلك الحقب القاهرة وسوءاتها السافرة. لقد بدأ واضحاً أن خبراء تلك الحقب لازالوا فاعلين في (المطابخ والحكومات الخفية)، لهذا لاغرابة في وجود تلك العصابات المجندة للهجوم على كل منتقد للمسلك الخاطىء وإعتباره ضد عيدروس وضد المجلس وضد القضية وعدو لشعب الجنوب وقضيته العادلة، وإتهام كل حريص على الوحدة الوطنية الجنوبية وتثبيت نهج التسامح والتصالح بأنه عميل للرئيس والحكومة، وتهديده بالدعس.. واللحس، أما مصادرة حقه المشروع في الشراكة فتلك القضية فْصِلَ أمرها ولاعودة عنها ولا إستئناف فيها..من وجهة نظرهم!!. ولعل الحسنة الوحيدة في كل ذلك هو التذكير إن الإرهاب ليس وليد هذه الحقبة الزمنية بل يعود لتلك الحقب الغابرة ، وإنه اليوم يعيد نفسه لَيَسُنَّ سيفهُ الصدئ ليقتسم الوزر والغنيمة مع أصحاب سيوف هذا العصر، الذين لايرون لأحدٍ حق في الولاية والشراكة إلا لمن يدين بنفس تلك العقيدة الإقصائية والفكر الضال. أخيراً وليس آخراً : جميل أن نرى الكثير من الأقلام عادت للصواب، بعد إندفاعها بحسن نية ولكن الأصوات المتفرقة لايسمع لها، فلنتأمل شعار الهيئة وصوابية رؤيتها وثبات مواقفها.. ومصداقيتها وفلتتوحد القوى الخيرة تحت رايتها، لتشكل قوة ضاغطة حقيقية تدرأ الفتنة وتعيد اللحمة ، وتجعل قضيتنا تحتل القمة. الخلاصة : المنعطف خطير .. ولايسمح بترك الأبواب مشرعة للمنافقين والمتزلفين، وخبراء المزايدات والمناكفات، ولمن لمهنة التقارير الكيدية مدمنين،، وعلى حساب الشرفاء والمخلصين متسلقين، كفى ما تسببوا فيهِ من كبوات وإنتكاسات وخسارةٍ لخْيَرَ الكفاءات و الرجال الوطنيين.. على مايزيد عن خمسين من السنين. وقبل أن نبكي على مافات فلتتوحد الصفوف لتصحيح المسير . - رئيس الهيئة