: كحال سفينة تنخر عباب مياه البحر (( في رحلة غاية في القدسية )) وسط الأمواج العاتية والأجواء المضطربة وقد مرض قائدها وتركها لمجموعة من عديمي المسؤولية يتنازعون قيادتها ويدعي كل منهم انه القائد , فكيف سيكون حال ركابها حينما تتاح لهم فرصة مغادرتها والابتعاد عنها ؟! ستختلف ردة فعل ركابها بحسب أيمانهم بقدسية رحلتهم فمنهم من سيثبت مهما دفع من ثمن , ومنهم من سيترجل عند اول فرصة وسيكون المتنازعيين لقيادة السفينه هم من أزال عن المنسحبين حرج الانسحاب وعدم الثبات وليس سؤ الأجواء .
على طول محطات الحراك الجنوبي وفي مراحله المختلفة خسرَ الحراك الجنوبي بعضاً من خيرة أبنائه ومن رموزه القيادية , وتنتاب الكثير من أبناء الجنوب من الوقت إلى آخر حالات من الإحباط واليأس جراء ما شاب ويشوب مسيرة الحراك وحال قياداته أكان في الداخل أو الخارج , سنذكر من قيادات الحراك المترجلين عبدالله الناخبي وطارق الفضلي ومحمد سالم عكوش , لا نستطيع أن نجزم أن هؤلاء تخلوا عن هدف الحراك الأساسي , ولكنهم بالتأكيد نأوا بأنفسهم عنه ولهم في ذلك أسبابهم ومبرراتهم . القول إن جميع هؤلاء خونه وعملاء ليس منطقياً , وإذا أتى من بعضاً من القيادات فليس إلا من باب إبراء ألذمه وتجنب الخوض في المسببات الحقيقية لمثل تلك الانسحابات , ليسوا خونة أنا أكيد من ذلك , ويجب أن نحسن بهم الظن ومن تابع طارق ألفضلي في لقائه بقناة سهيل في الربع الأول من هذا العام سيشعر بمدى المرارة التي يتحدث بها الرجل وهي ليست نابعة إلا من ما يجيش في نفسه من حالة الصدمة والضيق التي أصيب بها , وكذلك حال ألناخبي وعكوش , ليس هؤلاء بضاعة رخيصة بإمكان أيا كان إن يشتريها . ليس فيما أقول تبريراً لما أقدم عليه هؤلاء المنسحبون الذين عجزوا عن تحمل خطر الإبحار في هذه الأجواء الصعبة , وليس فيما أقول تسويق لانسحابات جديدة , لكني اصف الحال بتجرد وموضوعية , أي إني احدد الداء كي يبحث قيادات الجنوب عن الدواء , لنصل إلى نقطة تكون فيها المسيرة الجنوبية وقياداتها محل فخر واعتزاز وحالة جذب للمترددين ومن لا يزالون يراقبون الوضع . كم جنوبياً في السلطة انضم للحراك في بدايته ؟؟! الاجابة : الكثير منهم . وكم انضم اليه بعد ان صار هذا حاله ؟! الاجابة : لا احد . بل هو يفقد بعضاً من الذين انضموا إليه سابقاً , وبعضاً من المناصرين حتى في المحيط العربي من المفكرين والكتّاب , الذين كانوا يناصرونه بشده . من منا لم تنتابه حاله من الإحباط واليأس جراء ما قادتنا عليه من الشتات والتيه وقلة ألحيله , وبالتالي عدم تمكنهم من مواجهة الواقع بخطط عملية تدفع مسيرتنا إلى الإمام . لاحظوا معي بمجرد الإعلان عن ما سمي ( بمسيرة الوحدة ) كيف انتابة ابناء الجنوب حالة من الخوف والقلق عبروا عنهم في ملتقياتهم ومواقعهم الالكترنية !! هل يعرف القارئ الكريم لماذا ؟! لخوفنا إن لا يكونوا قياداتنا جاهزين لمواجهة هذا الأمر والتصدي له . مرة أخرى لا نبرر للمنسحبين ولا نسوق لانسحابات جديدة بل نعتبر الانسحاب نوع من الضعف وقلة الحيلة والأنانية , وكذلك لا نجد مبرراً لمن يصف هؤلاء بالخونة , اذاً ما الذي نهدف إليه ؟! إلى وقفة مع النفس , وقفة مع الذات يقفها القادة ثم وقفة مراجعة مع بعضهم البعض يتم فيها إعادة تقييم للمرحلة السابقة من الحراك وما شابها من الأخطاء والعيوب , والإجابة على هذا السؤال : لماذا نفقد إخوتنا ونفقد المناصرين لنا ؟! وإذا ما استبعدنا الإجابة السمجة والجاهزه : ( لأنهم خونه ) . فأن في الإجابة على هذا السؤال التأسيس لمرحلة جديدة من العمل الجاد والمثمر والبناء وفيه انتقال للقيادات من حيز الاختلاف الضيق إلى رحابة الاتفاق الذي هو بحجم 330000 كم مربع ومثل هذا الانتقال يفضي إلى جعل الالتفاف حول هذه القيادات مصدر للفخر والاعتزاز , ويعيد احترامنا لأنفسنا وبالتالي فرض الاحترام لقضيتنا على القاصي والداني . سُأل احد ائمة العلم الزيدين عن ما يحصل في الجنوب وصعده فأجاب إجابة مقتضبة ولكنها ناجعه , قال : (( الجنوب قضية بلا قيادة , وصعدة قيادة بلا قضية )) .