في الجنوب يخفي السياسيون الحقيقة ويبيعون الوهم، يدركون الواقع المتردي ويقفزون عليه بمنجزاتهم الزائفة، يرفعون علم الجنوب في فللهم وعلى سياراتهم فيما الرفاهية التي هبطت عليهم من السماء بين عشية وضحاها لا تمت بصلة من قريب أو بعيد للجنوبيين الذين يكابدون الويلات منذ ثلاث سنوات وأكثر!.
الشرعية تلقي باللوم على المجلس الانتقالي والتحالف العربي.. والأخيرين يلقيان باللوم على الأولى.. وبينهما شعب يطحن كحبات القمح بطاحونة لا تتوقف من الغلاء الفاحش في الأسعار، وأنهيار العملة وتردي الخدمات، وانفلات حبل الأمن على غارب قوى أمنية وتشكيلات مسلحة متعددة الولاءات والتبعية!.
نصف عام انقضت ومدينة عدن لاتزال دون محافظ للمحافظة، دون سلطة محلية، دون جهاز إداري.. نصف عام أعادت عدن إلى عصور الاقطاعية حيث يحكم الأرض من بيدة القوة والمال والنفوذ، ويحكم من عليها من بشر بالتجويع والترهيب لتركيعهم.
أما شمالا فحسابات مؤتمر (صالح) وإصلاح (الأحمر) لم تبقي أو تذر من أرض وبشر إلا وأحرقتهم في تنور حرب التباب التي لا تتقدم ولا تتأخر منذ سنوات ثلاث تاركة لبندقية الحوثي حرية استعباد اليمنيين وحصد أرواح من أبى منهم الدخول في طاعة السيد.
شعب يمني جنوبي وشمالي تحول إلى طحين بشري تذره رياح تجار هذه الحرب الملعونة وسماسرة السياسية الأشد لعنة، ووطن أجهزوا عليه بسكاكينهم ثم تباكوا عليه ولازالوا كذبا وبهتانا تماما كما فعل أخوة (يوسف).
ما يحدث في الجنوب والشمال على حد سواء من قبل التحالف العربي والشرعية والمجلس الانتقالي والحراك الجنوبي وتجمع الإصلاح وحزب المؤتمر وجبهات التباب والسواحل والصحاري لم يعد اليوم مقبولا.. السيل قد بلغ الزبى والأرواح قد بلغت الحناجر بعد أربعة أعوام من معاناة وتجويع وترهيب وتشريد شعب لا يطلب سوى دولة تمنحه أبسط مقومات الاستقرار والأمان والكرامة في وطنه ولا يطمع في أكثر من ذلك.
اليوم أصبح لزاما على الرئيس هادي استعادة شرعيته المسلوبة من عصابات الإخوان والعودة إلى موقعه الطبيعي في قصر معاشيق بعدن إلى جانب شعبه أو طي صفحة شرعيته، وعلى المجلس الانتقالي والحراك الجنوبي الانتقال من مربع خلافاتهما إلى شراكة جنوبية تخدم الجنوبيين إداريا وخدماتيا ومعيشيا أو ترك
الجنوبيين وشأنهم، وعلى التحالف العربي حسم عاصفة الحزم في الشمال وعدم رهن مصير الشعب هناك بحسابات المؤتمر والإصلاح المتصارعين على كرسي حكم لأرض محروقة، والشروع بتنفيذ حقيقي لإعادة الأمل الذي تلاشى في الجنوب عقب أكثر من ثلاث سنوات أنقضت على تحريره لم يرى خلالها الجنوبيين ما يبعث على الأمل!.