من يزور الرزميت ( كريتر – عدن ) , سيرى مبنى مؤسسة الأيام قاعداً فوق كرسي الهدوء مشوهاً بالرصاصات وآثار العدوان شاخصة أوضح من الشمس في رابعة النهار . ومثلما تم الاعتداء بوحشية على صحيفة الأيام , يتم الاعتداء بهمجية على مدينة عدن , حيث أدموا جسد هذه المدينة بتحرشات أليمة تفرض الظلمة على كل شيء , فطمروا البحر وابتلعوا الرمل وزرعوا الشوك وخدشوا روح المدنية في الصميم وأهانوا قاطنوها وأسيء معاملة البشر حتى صاروا على حافة البكاء يعيشون في دوامة من العذاب .
ولعل أبرز مثال على ذلك البسط الخشن والمتوحش على المتنفس السياحي الواقع ما بين عدن مول – وفندق ميركور بالاستناد على القوة الغاشمة وعلاقة البغي والعدوان في ظل نظام فج ووضيع قتل البسمة في الشفاه ودمر الانتظام العام ومفردات التمدن وحطم مشاعر الدفء والسكينة والمحبة والوداد وحول حياتنا إلى حلبة للصراع وهتك الأعراض والبلطجة والفسق والجهل والكراهية العمياء
عديدة هي المحن والمناوشات والدسائس التي عاشتها وتعيشها صحيفة " الأيام ", فلقد حوربت بشتى الطرق والوسائل الأخلاقية وغير الأخلاقية واستخدم أهل القوة الأسلحة المباحة وغير المباحة وتعرضت للقمع والتهميش والمصادرة والإفقار المتعمد والتدمير المادي والمعنوي من قبل صُناع الخراب والقوة المعطلة للنهوض الحضاري , وجُلدت بسياط ألفاظ حادة ورشقت بالتهم والأباطيل والشائعات .
أننا نقدم دعوة حارة للتضامن مع مؤسسة الأيام , دعوة حارة للتضامن مع السجين المعذب أحمد عمر العبادي المرقشي الذي حكمت عليه المحكمة بالإعدام .
إني أشعر بثقة كبيرة أن الأيام ستنتصر , فانتصارها لن يكون سهلاً , فالأستاذ هشام باشراحيل صاحب الصيت الطيب والمكانة المرموقة , يكره الانتصار السهل , وشقيقه تمام لا يستسلم للباطل , فمؤسسة الأيام ترفض الجلوس تحت مظلة المذلة والهوان . لقد رفضوا العسف والخنوع وحملوا فأس التغيير ودفعوا ثمناً باهضاً مادياً ونفسياً وصحياً لتحطيم العتمة الدامسة .
فصحيفة الأيام مظلومة سومها العذاب لأنها انخرطت في سؤال الحرية والتنمية المدنية وقاومت الأجهزة ومخالب العسكر والفساد واخترقت حجاب الخوف , فلابد أن يعاد الحق إلى نصابه ولابد أن تعود صحيفة الأيام إلى الصدور دون قيود ومماحكات وبدون سياسة لي الذراع وقعقعة السيوف وقطع الألسن .
إننا ننتظر بلوعة حراء عودة صحيفة الأيام التي ثقبت جدار الصمت ورفعت راية الثورة قبل غيرها من الخيرين , ونطالب بتعويضات مادية ومعنوية لمؤسسة الأيام . فثمة أسئلة تعصف بذهني في البرهة الراهنة :
أين القضاء النزيه ؟؟ وأين الحكومة الموقرة ؟؟ وأين مبادئ ثورة الشباب السلمية التي جاءت لرفع الظلم عن كاهل المظلومين ؟؟ وهل لازالت القيود والأقفاص الصغيرة والكبيرة تطوق الأعناق ؟؟ وإلى متى سيظل قانون القوة والغطرسة والغرور يخنق صوت الأيام ويتحايل على الإنصاف وبيت العدل ؟؟ لا تجعلونا نقول كما قال الشاعر المصري أمل دنقل ( 1940-1983م ) : لا تحلموا بعالم سعيد فخلف كل قيصر يموت : قيصر جديد