مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    لجنة من وزارة الدفاع تزور جرحى الجيش المعتصمين بمأرب وتعد بمعالجات عاجلة    وزير الصحة: اليمن يواجه أزمات مركبة ومتداخلة والكوارث المناخية تهدد الصحة العامة فيه    واشنطن تفرض عقوبات على 32 فردا وكيانا على علاقة بتهديد الملاحة الدولية    العراق ضد الإمارات بالملحق الآسيوي.. هل يتكرر سيناريو حدث قبل 40 عاما؟    انهيار مشروع نيوم.. حلم محمد بن سلمان اصطدم بصلابة الواقع    غدا درجة واحدة في المرتفعات    اول موقف من صنعاء على اعتقال الامارات للحسني في نيودلهي    قضية الجنوب: هل آن الأوان للعودة إلى الشارع!    هجوم مسلح على النخبة يقوده عناصر مرتبطة بقيادة سالم الغرابي    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    ثم الصواريخ النووية ضد إيران    حل الدولتين في فلسطين والجنوب الغربي    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    إعلان نتائج الانتخابات العراقية والسوداني يؤكد تصدر ائتلافه    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    تدشين منافسات بطولة الشركات لألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    الكشف عن 132 جريمة مجهولة في صنعاء    الإعلان عن القائمة النهائية لمنتخب الناشئين استعدادا للتصفيات الآسيوية    ندوة تؤكد على دور علماء اليمن في تحصين المجتمع من التجريف الطائفي الحوثي    الأمم المتحدة: اليمن من بين ست دول مهددة بتفاقم انعدام الأمن الغذائي    الحديدة.. المؤتمر العلمي الأول للشباب يؤكد على ترجمة مخرجاته إلى برامج عملية    شبوة تودّع صوتها الرياضي.. فعالية تأبينية للفقيد فائز عوض المحروق    فعاليات وإذاعات مدرسية وزيارة معارض ورياض الشهداء في عمران    بكين تتهم واشنطن: "اختراق على مستوى دولة" وسرقة 13 مليار دولار من البيتكوين    مناقشة جوانب ترميم وتأهيل قلعة القاهرة وحصن نعمان بحجة    افتتاح مركز الصادرات الزراعية بمديرية تريم بتمويل من الاتحاد الأوروبي    شليل يحرز لقب فردي الرمح في انطلاق بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد بصنعاء    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    مفتاح: مسيرة التغيير التي يتطلع اليها شعبنا ماضية للامام    من المرشح لخلافة محمد صلاح في ليفربول؟    المنتصر يدعوا لإعادة ترتيب بيت الإعلام الرياضي بعدن قبل موعد الانتخابات المرتقبة    تألق عدني في جدة.. لاعبو نادي التنس العدني يواصلون النجاح في البطولة الآسيوية    دربحة وفواز إلى النهائي الكبير بعد منافسات حماسية في كأس دوري الملوك – الشرق الأوسط    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين يدي ثورةالشباب ووزير الإعلام اليمني ..؟متى سيرفع الظلم عن " صحيفة الأيام " ؟!
نشر في عدن الغد يوم 27 - 12 - 2011


كتب / د. سمير الشميري
الأيام توظيف حاذق للكلمة[1] :-
قال المفكر جمال الدين الأفغاني : " صاحب القلم لا يحتاج إلى عصا " ، والناشران هشام وتمام باشراحيل ، لا يحتاجان إلى مدفعية وبوازيك وطيراناً لنسف الآخرين ، فهما يؤمنان بالكلمة الأمينة وحريتها وإناقتها ، ويعتصمان بروح المحبة والتسامح ، إنهما يحملان السلام والمودة للجميع ، لأنهما تربيا في كنف أسرة متحضرة ، ومتشبعان بالثقافة والديمقراطية والوئام المدني ، كأسمى ما ترنو إليه النفوس .

لا تربطهما أي صلة بالنوايا الشريرة ، ولا بهواجس تعكير الأمن الاجتماعي ، ولا يمارسان الدعارة السياسية والأخلاقية .. إنهما بريئان .. إنهما يحملان القلم .. ويسيران على خطى والدهما الراحل ، عميد ( الأيام ) ، الأستاذ محمد علي باشراحيل ، الذي يقول: " إن الشعب بحاجة لمن يشعره بسلامة حياته ومصيره " ، إنهما يؤمنان أشد الأيمان بأن القلم سلاح أمضى وأقوى من المتاريس والأسوار ، القلم سلاح ينور البصر والبصيرة ، ويمهد السبيل للخطوات النجيبة الصادقة ، إذا ما أستخدم استخداما نزيهاً .

لقد قال مرة عبد العزيز جاويش ، الذي ترأس صحيفة (( اللواء )) المصرية ، عام 1908 :
(( أيها القلم : لو كنت سيفاً لأغمدتك في صدور من يحاربونك ، أو سهماً لأنفذتك في أعماق قلوبهم ، ولو كنت جواداً لوجدت لك في ميادين النزال مجالاً للكر و الفر ، ولكنك ذلك العود الذي أيسر ما ينال منه عدوه أن يعالجه بالمبراة فيشقه ، أو بالأصابع فيكسره . ولتكن أيها القلم ما شاءوا لك . إما نائماً إلى حين أو ميتاً أبد الآبدين ، فقد تركت عيوناً لا يغدوها النوم ، وقلوباً لا يملكها اليأس ، و أيدياً لا تخاف السلاسل والأغلال ، وأرواحاً تفدي الحرية والاستقلال ))[2] .



إن تكميم الأفواه وتكسير الأقلام وإغلاق الصحف ، لا يخدم بأي حال من الأحوال مسيرة الديمقراطية ، فأولى أولويات الحياة الديمقراطية هي إطلاق حرية التعبير واحترام الكلمة الصادقة فتنمية الديمقراطية في المجتمع ، لا يمكن أن تحدث في ظل محاصرة الأقلام وحجزها ، ومضايقة الصحف وتقديمها للمحاكمة وتلبيسها شبهات جنائية ، فهناك حريات أربع كمؤشر للمجتمع الديمقراطي بسطها الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت ، وهي : 1- حرية التعبير 2- حرية الاعتقاد 3- التحرر من الخوف 4- التحرر من العوز .

فإعلان الديمقراطية والتعددية الحزبية والحرية الفكرية والثقافية ، ليس كافياً للانتقال صوب المجتمع الديمقراطي ، إن لم يتواكب مع ذلك ممارسات سليمة تحمل عمق ومضمون روح الديمقراطية الحقة ، فلا تقاس الديمقراطية ، فقط ، بعدد الأحزاب السياسية ، وعدد الصحف ، والانتخابات ، وشعارات حقوق الإنسان ، إنما تقاس بمدى ما تقدمه من تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية ، بمدى ما تقدمه من تنمية بشرية ، وما تمنحه من حريات وحقوق للمجتمع .

لعلني لا أجانب الصواب إن قلت : إن صحيفة (( الأيام )) ، تعتبر نبراساً مضيئاً في فضاء الصحافة اليمنية ، ومدرسة فريدة في فن الصحافة والإخراج الصحفي ، والصياغة الخبرية والتوظيف الحاذق للكلمة ، والعطاء المبدع والمتجدد في الشكل والمضمون فهي تجيد فن التقاط الخبر وصياغته ، وبحس فني تروي عطش القراء بمقالات صحفية معتبرة ومثيرة في الوقت عينه ، إنها تتميز بحراك نوعي وجرأة وشجاعة وانفتاح واع ومتزن . فلها نكهة خاصة ومتميزة ، وتجد لها وقعاً حسناً في نفوس القراء ، وتلتصق بشدة بحركة إيقاع الشارع اليمني ، وتختلط بعامة الناس ، بمن مستهم البأساء والضراء على أفضل وجه مستطاع .

إن الدفاع عن (( الأيام )) وعن الناشرين هشام وتمام باشراحيل ، هو دفاع عن حرية الكلمة ، هو دفاع عن الانتظام العام والشفافية والنقاء .

2- الصحافة وأهل الشوكة :-
منذ صدور أول صحيفة في العالم في فرنسا عام 1529م ، وفي المنطقة العربية في مصر عام 1828م " الوقائع المصرية " ، وصحيفة صنعاء عام 1879م ، وصحيفة عدن عام 1900 ، كان الهاجس الأكبر المسيطر على أهل القوة .. كيفية قص أجنحة الصحافة وتدجينها وجعلها مشلولة الحركة وبطيئة المشي وقليلة الأنوار حتى لا تضيء المناطق المظلمة في دهاليز الروح ولا تفتح مضائق الأذهان .

فالصحافة الحُرة واجبها تعرية الأوضاع وكسر شرنقة الأوهام و كشف المستور وملامسة أصابع الحقيقة ودعم النماء والقيم المدنية والأخلاقية ومحاربة الفساد و الاعتساف والانهيار الأخلاقي والمجتمعي وتحذير الغافلين من مغبة التسويف والمماطلة في إصلاح ما أفسده الدهر قبل أن تغرق السفينة وتشتعل الحرائق الصغيرة والكبيرة في أحشاء وأطراف المجتمع , إنها تعطينا البصيرة الواضحة إننا نقف اليوم على شفير الهاوية .

فثمة بون شاسع بين التحريض والتنوير ، فالتحريض بث الأقاويل والإشاعات والأخبار الكاذبة عن وقائع وهمية ، الهدف منها تزييف الوعي وصناعة الخيبة والألم والخوف والهزات النفسية وإشعال الفتنة وإرباك أجهزة المجتمع والمنظمات المدنية عن القيام بدورها التنموي والضبطي والتنويري لعامة الناس .


أما الضغط على جهاز الإنذار و تنوير العقول وفتح أعين الهيئات النظامية والأفراد على الأعطاب والتحذير من خطورة الأخطاء وتكرارها ، والتأكيد على ضرورة إصلاح الزلل الذي ينشأ في غميس الواقع ووضع الأصبع على الجرح فهذه أمور جليلة تصب في خانة الخير العام وتجنبنا الانحراف عن جادة الفضيلة .

حرية التعبير تتقاطع مع العقلية الشمولية والمسالك الهمجية واستعراض عضلات القوة , وتتقاطع مع أساليب التضييق والحجر وكتم الأنفاس ومضايقة أهل العقل والرأي والمنتمين إلى رحم الكلمة و إنزال العقوبات بحقهم بطرق خشنة ومتعسفة تجرح روح الحرية والفضاء الديمقراطي العام .



فالمشكلة التي تفترس حياتنا ، أن الحرية التي نمارسها تعطى بيد وتصادر باليد الأخرى تحت حجج ومصوغات تندرج ضمن إطار فلسفة التبرير ، ويتم التلاعب بالأنظمة والقوانين حسب الأهواء .

وتنشرح قلوب المرضى عندما تستجدي بعض الأصوات حقوقها ، فهذه الأفئدة جذلة عندما تضرب قلوب الناس الذلة والمسكنة ، وتبح أصواتها وهي تصرخ ، كما صرخ ذلك الزنجي المقهور في الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف القرن التاسع عشر :
(( أعطونا حقوقنا .. عاملونا كبشر ، نفذوا مبادئ إعلانكم الخالد ))[3] .

إننا نعيش حياة كاريكاتورية وتراجيدية مؤلمة نجد تعابيرها في مفردات حياتنا اليومية ، ولعل أصدق تعبير ، هو ما أقدم عليه الرسام الكاريكاتوري المصري بهجت عثمان ، عندما اعتزل الرسم احتجاجاً على الأوضاع المتردية في المنطقة العربية ، حيث قال أن حياتنا (( أكثر إضحاكاً من أي كاريكاتير أرسمه ))[4] .

3- حجب ومصادرة الأيام :-
قد يجهل البعض أن بقاء " الأيام " والصحف والمجلات الحرة على قيد الحياة هو تعبير ساطع عن ديمقراطية نابضة بالحيوية ، ونقد المجتمع ومؤسساته ينفع ولا يضر ، يقوي ولا يضعف ، يصلح ولا يفسد حياة الناس ، ويقوي من مدماك الممارسات الديمقراطية السلمية .

فهذه الصحيفة التي تأسست على يد الأستاذ / محمد علي باشراحيل عام 1958م ، أوقفت بقرار من وزير الإعلام حسن اللوزي بتاريخ 5/ مايو / 2009م ، بمعية بعض الصحف ( النداء ، الشارع ، المصدر ، الديار ، الوطني ) ، وعادت كل الصحف للاشتغال في فضاء الصحافة عدا " الأيام " التي ما يزال الحجر قائماً عليها بصورة مبهمة وانتقائية .

(( يبلغ عدد موظفي " الأيام " 164 موظفاً في عدن ، إلى جانب 48 مراسلاً خارج م/ عدن والمحافظات الأخرى ، وتملك مكتبين رئيسيين في صنعاء و المكلا ، بالإضافة إلى عشرة مكاتب فرعية في المحافظات ... وتبلغ عدد نقاط البيع التي توقف فيها توزيع الأيام 648 نقطة بيع ، و1185 من الباعة المتجولين ))[ 5]



فلو افترضنا أن كل فرد يعمل في " الأيام " أو يعتاش بطريقة غير مباشرة من الصحيفة (2045) ، يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد ، فإن الخاسرين من وراء توقيف " الأيام " ، يقدر ب( 10225 ) مواطناً ، مما يفاقم الفقر والبطالة في المجتمع ،ويضيف حمولة ثقيلة على ظهر المجتمع وأفراده الذين يعيشون بوجه عام على شيء من القلة والشظف . حيث أشارت دراسة حديثة أنه : ( تراجع مستوى دخل 4و74% من الأسر اليمنية خلال العام الجاري مقارنة بمستوى دخلها خلال العام الماضي ) [6] .

وفي نفس المنحنى ، فإن خسارة الأيام خلال أربعة أشهر ( مايو ، يونيو ، يوليو ، أغسطس2009 ) ، تقدر ب756 مليون ريال ( خسارة شهرية تقدر ب 181 مليون و800 ألف ريال ) . أما خسارة مؤسسة الأيام من 5يناير 2010م – 31 أكتوبر 2011م ، حسب ما أوردته صحيفة القضية في عددها 64 ، على النحو التالي ]7[ :
- مبيعات "الأيام" السياسي – الخسارة المقدرة 3,4مليار يمني .
- مبيعات "الأيام " الرياضي – الخسارة المقدرة 828,000,000ريال يمني .
- إعلانات صحيفة "الأيام" السياسي – الخسارة المقدرة 2,8مليار ريال يمني .
- إعلانات صحيفة "الأيام" الرياضي – الخسارة المقدرة 664,000,000ريال يمني .
- قيمة الأعمال التجاري والطباعة – الخسارة المقدرة450,000,000ريال يمني .
- توزيع الصحف والمجلات الأجنبية –الخسارة المقدرة 224,000,000ريال يمني .
- الدورات والبرامج والأنشطة والأعمال – الخسارة المقدرة 6,000,000دولار أمريكي .


وبالرغم من أن اليمن تزخر بكم هائل من الصحف والمجلات ، حيث تصدر في الجمهورية اليمنية ما يقارب من 140 صحيفة ومجلة ، إلا أن " للأيام " نكهة خاصة و فراده مميزة ، ولا توجد صحيفة يمنية بقوة وتأثير الأيام حيث تصدر يومياً 75000نسخة ، ولهذا انهالت عليها المؤامرات وكثر الحقد عليها لأنها وضعت الأصبع على الجرح وصنعت رأياً عاماً مناهضاً للفساد والتسيب والفوضى القاتلة .

وليس من الإنصاف حجز أعدادها وحجبها عن الصدور و السكوت عن الممارسات المتعسفة ضد " الأيام " والاعتداء عليها بقوة السلاح مثلما حدث في 13/ مايو / 2009م , وقبل ذلك في صنعاء يوم الثلاثاء 12/ فبراير / 2008م . وليس من العدالة أن يظل أحمد عمر العبادي , الذي دافع عن مبنى " الأيام" في صنعاء بشجاعة نادرة وبروح المرؤة والنبل والإنصاف في السجن .
وثمة سلسله من المرارات تجرعتها " الأيام " نذكر منها :
1- 12 /2/2008 م – هجوم على مبنى الأيام في صنعاء واعتقال حارسها أحمد عمر العبادي المرقشي .
2- 1/5/2009م – متقطعون في الملاح م/ردفان يصادرون أعداد الأيام .
3- 3/5/2009م – مصادرة أعداد الأيام في نقطتي العلم ودار سعد .
4- 5/5/2009م – قرار من وزير الإعلام بإغلاق صحيفة الأيام .
5- 13/5/2009م- هجوم مسلح على الأيام من قبل الأمن .
6- 4/1/2010م – هجوم مسلح من قبل الأمن على مؤسسة الأيام واعتقال هشام باشراحيل ونجليه هاني ومحمد وآخرين .
7- 24/3/2010م- الإفراج على الأستاذ هشام باشراحيل من السجن .
8- 9/5/2010م- الإفراج عن نجلي هشام باشراحيل هاني ومحمد من السجن .
9- 12/5/2010م- توجهات رئاسية لم تنفذ بفتح صحيفة الأيام .
10-منعت المراجع المسؤولة في عام 2010م تجديد جواز سفر االأستاذ هشام باشراحيل ومنعته من السفر وبعد حين من اللف والدوران تم تجديد الجواز وسافر هشام للعلاج في الخارج.
11-11/ 7/2010م – محكمة جنوب غرب صنعاء تحكم بإعدام حارس الأيام أحمد عمر العبادي المرقشي .
12-25/6/2011م – محكمة الاستئناف تقر حكم إعدام أحمد عمر العبادي المرقشي .

يقول جيم بوملحة – رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين :
(( لن نقبل باضطهاد الصحفيين ولا باعتقالهم أو فرض الرقابة عليهم بأي شكل من الأشكال ... إن هذه البلاد لن تسير في طريق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان إذا أستمر اضطهاد الصحفيين والاعتداء على حقوقهم ))[8] .

ولن تستقيم حرية الصحافة والكلمة النظيفة طالما يستمر الحجر والحجز والإغلاق لصحيفة " الأيام " ، ولن تستقيم حرية الصحافة في أجواء يخيم عليها التضييق والخنق المحاصرة لصحيفة " الأيام " وتجرجر " الأيام" بصورة متعمدة إلى المحاكم بتهم كيدية متعسفة .

الصحافة الجادة مهنة المتاعب قد تؤدي بأهلها إلى المهالك ، والشريف في هذا الحقل تقطع أنامله ، وتطحن عظامه ، ويصادر صوته ، وتفقأ عينيه ، ويطارد في قلب الليل وخبيص النهار بالباطل والهوى لأنه بؤرة نابضة ومتوهجة بالحق ، على عكس التافهين بين يدي صاحبة الجلالة "الصحافة" الذين تزين أسماءهم وتقام لهم حفلات وولائم التكريم و يتحصلون على النياشين والشهادات والهدايا والعطايا ويأكلون من الموائد الدسمة لتحسين صورة الوجع الموحش والتعاسة والحزن لتزيين صورة الحياة الأليمة المفعمة بالطنين والفهلوة والتهويش .

أصحاب الصحف والأقلام الحرة والعقول النيرة يعيشون حياة قلقة مترعة بالمخاطر كمن يذهب إلى رحلة مجهولة العواقب ويمشون فوق صفيح ساخن وعلى أسلاك خطرة ومرهونة حياتهم بجرة قلم .

فصحيفة " الأيام " صوت من أصوات الحق في فضاء الصحافة ، تفتح شهية القارئ على القراءة وتعكس الواقع بمهنية نزيهة وعالية الجودة بمنأى عن المغالطات المنطقية والزائفة . فحرية الصحافة دون " الأيام " والأصوات الشريفة الأخرى لوحة ديكورية معطوبة ، وضرب من القوقعة الفارغة الخالية من المهنية النزيهة وفن التشويق الصحفي .
سنقع في وهم مريض لو اعتقدنا أنه بمصادرة الصحافة الحرة والكلمة النظيفة سنعالج أمراض ومعضلات الواقع الكئيب .
أين صحيفة " الأيام " ؟ أين الأخبار التي تنعش الذاكرة ؟ أين جرعات المعرفة ورعشة التساؤل التي تسري في دورتنا الدموية عندما نقرأ " الأيام " ؟ أين المقالات المشحونة بالصدق وأين الاستطلاعات اللذيذة ؟ وأين الخبر الطازج وأين الصور المدهشة ؟ وأين التكنيك الصحفي اللبيب ؟
أين أصوات الباعة الصغار واليافعين التي نسمع صداها في الفضاء : الأيام .. الأيام .. الأيام...؟
أين الصباحات الندية .. صباح " الأيام " ؟ أين " الأيام " التي تهز وجداننا ومشاعرنا وتتغلغل بسلاسة في عقولنا ؟
أين " الأيام " التي تتخاطفها الأيدي وتلهج بها الألسن ؟ .
أشعر بعطش لقراءة " الأيام " ، أشعر بلوعة ، أشعر بشوق لا حدود له ل" الأيام " .
ويظل السؤال منتصباً ينهش عقلي : متى ستخرج " الأيام " من جوف الليل ؟ متى ستنقشع الغيوم عن " الأيام " ؟ .
إن حجب صحيفة " الأيام " ومصادرة أعدادها ومنعها عن الصدور فعل مشين ، وتصرف خبيث ومتعسف ، لا يؤدي إلى السكينة وإنما إلى سخونة الفضاء العام وبذلك تنكشف زيف الكلمات والشعارات المجلجلة .

فالأخوة في مؤسسة " الأيام " وعلى رأسهم هشام وتمام باشراحيل يؤمنون بالرسالة العظيمة للصحافة والتي يأتي في صدارتها تنوير العامة وكشف الحقائق بشفافية ، فلا تستقيم حرية الصحافة في فضاء الخوف والمصادرة والمنع والتهديد وتقطيع أوصال الحقيقة و (( من يعيش في خوف لن يكون حراً أبداً )) " هوراس " [9].
والهم الذي يؤرق ضميرنا : لماذا العنف والتغليظ والقسوة والبطش والاعتساف والتهور في استخدام القوة ضد الصحف وأهل الرأي وحملة الأقلام النظيفة ؟ !
(( فيندهش المرء كثيراً من أولئك الذين لا يألون جهداً في تعقب أصحاب الأقلام والتربص بهم , في الوقت الذي لا يرفعون صوتاً ضد الذين ينهبون خيرات البلاد , أو ضد الذين يستبدون بالناس أو ضد الذين أفقروا الجموع , أو ضد الذين يفرطون بالسيادة الوطنية )) [10] .
من العار أن تبقى صحيفة الأيام مقموعة تطاردها الرصاصات وتنهشها الكلاب وتخنقها القبضة الحديدية وتعذب وتقتل باسم القانون والانتظام العام .
فعلى ثورة الشباب ووزارة الإعلام والحكومة الموقرة أن تعيد الاعتبار لصحيفة الأيام . فصحيفة الأيام مظلومة قمعت بوحشية لأنها صوت مدني نظيف .
إننا نصرخ مع كل الشرفاء بصوت عال : أرفعوا أيديكم عن الأيام ! ، فلابد أن يعاد الحق إلى نصابه ولابد أن تعود صحيفة الأيام إلى الصدور دون قيود ومماحكات وبدون سياسة لي الذراع وقعقعة السيوف وقطع الألسن . إننا ننتظر بفارغ الصبر عودة صحيفة الأيام التي اخترقت جدار الصمت ورفعت راية الثورة قبل غيرها من الخيرين .

( أستاذ علم الاجتماع السياسي – جامعة عدن )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.