من تاريخ اليمن القديم الموثوق وكتب الرحالة المشهورين والموسوعات العالمية الرصينة، أدركنا وعلمنا يقينا، أنه على مر العصور دامت عدن مدينة راقية ومترفة وميناء طبيعي إستراتيجي خرافي تخرج من نواصيه تجارة عظيمة. جعلت أبناءها يبدعون بتلاحق وإستمرار في سلسلة مجالات متعددة إجتماعية وثقافية وتعليمية وسياسية وحضارية. ويتقدمون الأدوار في قيادة مجتمعهم، ويقومون بسياستهم وإدارة شُؤونهم. وظل هكذا حالهم طوال الوقت. ومن أبرز مشاهد حضور أبناءها في أواخر الثلاثينيات ومطلع الأربعينات من القرن الماضي، أن شاركت نخبة من مثقفي عدن بمبادرة من الأستاذ محمد علي لقمان في تأسيس مجلس عدن الثقافي. وفي عام 1941م أسست جمعية الصليب الأحمر لنساء عدن. وفي عام 1943م تقدم الأستاذ محمد علي لقمان بمطلب أهالي عدن الحصول على الحكم الذاتي أمام السير باركنسون المندوب الشخصي لوزير المستعمرات أثناء زيارته عدن. وفي عام 1947م أفتتح أول مجلس تشريعي لمستعمرة عدن. وفي عام 1949 تأسست الجمعية العدنية كأول تنظيم سياسي واضح الأهداف ومنها الحكم الذاتي لعدن بعيدا عن سلطنات ومشيخات وإمارات الجنوب لعدم تجانسها مع عدن المدنية، وكان هذا تأول واستشراق عميق وإبداعي للأحداث التي أعقبت خروج بريطانيا عام 1967م، من إقامة دولة دكتاتورية فاشلة وصراعات دموية وفوضى عارمة نعيشها حتى يومنا هذا. كما شهدت عدن في ذات العام أيضا أول انتخابات بلدية في عدن على شرط مؤهلات الملكية. وفي عام 1955 تكون المؤتمر العمالي للنقابات وأنضمت لعضويته 25 نقابة مهنية. وفي عام 1958م تأسس حزب المؤتمر الشعبي الدستوري برئاسة الأستاذ محمد علي لقمان. وفي يوليو 1962م تأسس حزب الشعب الإشتراكي برئاسة الأستاذ عبدالله عبد المجيد الأصنج. وفي سبتمبر1962م قام الأستاذ محمد علي لقمان بزيارة إلى مقر الأممالمتحدة في نيويورك وعرض وناقش مع من قابلهم مستقبل المنطقة، وتحدت أمام لجنة تصفية الإستعمار وطالب بتصفية القاعدة البريطانية وإعلان الإستقلال التام. وفي نفس الشهر من ذات العام زحفت جماهير غاضبة، تضافرت القوى الوطنية من أحزاب ونقابات عدن في تنظيمها، صوب المجلس التشريعي وأشعلت بإزائه النار رافضه عقد إجتماعا له لإقرار مسودة معاهدة دمج مستعمرة عدن مع إمارات محميات عدن. ولذات السبب ألقي خليفة عبدا لله حسن خليفة، في يوم 10 ديسمبر 1963م قنبلة يدوية في مطار عدن على المندوب السامي البريطاني السير كنيدي تريفاسكس، الأب الروحي لاتحاد الجنوب العربي عندما كان مستشارا لمحميات عدن، ونائبه القائد جورج أندرسون، احتجاجا على ضم عدن للاتحاد. وبعد إستقلال عدن الزائف في نوفمبر 1967م قست الظروف على أبناء عدن ووضعتهم في مأزق كبير مع الحزب الاشتراكي الذي سيطر بالتدليس الإنجليزي على مقدرات مدينتهم، وحولها عاصمة لدولة بوليسية سوداء فاشلة، مارس فيها بوقاحة التعصُب القبلي الكريه والتمييز العُنصري ضد أبناء عدن، وتبت هذا الوضع إلى ما بعد قيام دولة الوحدة الفاسدة. لكن في 22 أبريل 2018م لاح وأضاء بريق أمل عندما أعلنت قامات وشخصيات إجتماعية عدنية التوجه إلى تشكيل سياسي لأبناء عدن، نأمل أن يعيد إلى أبنا عدن مدينتهم، وميناءها ومؤسساتها وأراضيها، ويضعها مرة أخرى في المرتفعات التي تضئها الشمس.