لم يفهم قادة الإنتقالي ومن يقف خلفهم بعد ، الكثير من الحقائق البديهية التي مفادها : أن التاريخ لايعود الى الوراء. وان عجلة الحياة لا تتوقف عند زمن ما بعينه. وان النمو والتطور ضرورة ملحة لديمومة الحياة المدنية بمختلف أشكالها. وأن عسكرة الحياة لا تثمر غير المصائب والنكبات والكوارث والدمار للأوطان والشعوب. لايمكن باي حال من الاحوال ان ترضى بقية المكونات السياسية في الساحة الجنوبية بان يعود الإنتقالي بالجنوب الى الخلف لعقود وعهود مضت غير مأسوف عليها. يستحيل أن تسمح بان يعود الجنوب الى عقود الصراع الطبقي والقبلي والمناطقي و إلى عهود الحكم الشمولي البائد وسيطرة الحزب الواحد على كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والإجتماعية. ولن تستمع الجماهير للخطب الثورية الطنانة و لن تردد الشعارات الرنانة بنفس الزخم والحماس : " لاصوت يعلو فوق صوت الحزب " . " الحزب عقل وضمير ووعي الشعب " . " حيثما يوجهنا الحزب نتجه " شعب الجنوب إستوعب الدرس القاسي ولم تعد تلك الشعارات تلهب حماسة وتثير غرائزه. ولى عهد الفرد الواحد و سيطرته المطلقة و انتهى دون رجعه زمن تبعية الجماهير / القطيع وعبادة الأصنام وتألية الأفراد. ليتهم يدركون ذلك في ذكرى تأسيس الإنتقالي الأولى ، ويدركون _ قبل فوات الاوان — بان شعبية الإنتقالي تنحسر و تتراجع بسبب مواقفه السياسية المتطرفة و إصراره على اقصاء بقية الكيانات القبلية و المكونات الحزبية، وان مصداقيته صارت على المحك بسبب تراجعه عن كثير من مطالبه المتشددة وذلك ليس ناتج عن قناعات حقيقية ولكنها إستجابة لأجندة خارجية كما يفسرها البعض. خلاصة القول ان الإنتقالي في أشد حالاته ضعفا وما موافقته على القبول بالحوار الجنوبي / الجنوبي وتخليه عن مقولة : " الإنتقالي يمثلني " إلا تأكيد على حالة الضعف تلك.