المآسي لا تنتهي في بلدنا, وحياة المدنيين كل يوم في خطر وكل مرة تقدم قربانًا جديدًا لآلهة العنف وشيطان السلاح. تعالوا لنعرف ما الذي حدث في الحدود الشطرية السابقة في محافظة الضالع, أول من أمس الأربعاء. ينقل لنا القصة صديقنا محمود قياح الذي كان على متن الباص نفسه. يا للوجع يا الله! يا للمآسي! يقول صديقنا: "سافرنا الأربعاء, وكنا عشرة أشخاص على متن باص هايس (Toyota Hiace) من عدن إلى صنعاء. كان من ضمن الركاب شاب في الخامسة والعشرين من عمره تقريبًا اسمه ماجد مراد رفقة زوجته وولده مراد ذي الثلاثة أعوام. وصلنا آخر نقطة تُدعى "يحيص" تابعة للشرعية قبل بلدة "دمت" بعشر دقائق. قبل أن نوصل هذه النقطة بحدود الخمسة إلى السبعة متر تقريبًا, اخترقت رصاصة الواجهة الأمامية لحافلتنا, مرت بجانبي, بيني والسائق, وأصابت هذا الشاب الذي كان وأسرته في المقعد خلفنا مباشرة؛ أصابته في عينه اليمين وخرجت من الرقبة, وفي الحال قضى. الجنود الذين كانوا في النقطة الأمنية قالوا لنا إن الرصاصة ناجمة عن اشتباكات على مقربة منا, لكننا لم نسمع قد غير تلك الرصاصة التي اخترقت رأس ماجد مراد, وأردته في الحال. علمًا أن المسافة التي تفصلنا عن تواجد الحوثيين تتعدى الكيلو متر تقريبًا. تبدل حال هذه الأسرة من فرحة السفر إلى صنعاء حيث المناخ أفضل حالًا من عدن, إلى الضد من ذلك وعلى نحو مأساوي يضرب الروح, ولا يدع لسلامك الداخلي أثرًا يُذكر. طوال الطريق وماجد مراد يلاعب طفله وكله أمل بالحياة. بكيته جدًا, ولم أتعرف عليه إلا في هذه الرحلة. حياة المدنيين في خطر. قُتل مراد بجانب زوجته وولده. ضاع دمه هباءً, وبهذه البساطة. روح قُتلت. نفس أُزهقت. زوجة ترملت. ولد تيتم." ... هل تبقى شيء يمكن قوله في توالي هذه المآسي التي لا يمر يوم دون إحداها؟ إليك المشتكى يا الله. ليس للقلب سواك.