التاريخ ليس حروف تكتب فقط لكنه وقائع ومواقف وأحداث تصنعها عقول وأفكار العظماء والأحرار ، وترسمها وتنفذها أيادي الأبطال وعزائم وهمم الرجال ، ومن هذا المنطلق يحق لقلمي أن يكتب للتاريخ ويدون للزمن أنَّ الأزارق دماء تُسكب على المتارس ومسابقات ثقافية تحتضنها ساحات المدارس .. إلى أقصى جنوب وشمال الضالع سوف يرحل القلم ، وبالأخص إلى مديرية الشهداء ليحط الرحال ..
كان مقر كتيبة الحزم الذي يقودها أبن الازارق الأصيل الشيخ يوسف أحمد أبو الحارث هو مكان وصولنا حيثُ في انتظارنا ما يزيد عن مائتي شاب من خرجي الكليات من حملة البكلاريوس الذين بدون أي عمل ، كي يسجلون في إحدى مؤسسات النقيب ..
نعم المئات من الكفاءات من حملة الشهادات الجامعية الذين هم على رصيف البطالة لعدّت سنوات البعض منهم تجاوز عمره الأربعون عاما وله عشرات السنين منذُ التخرج لم يجد فرصة عمل ... وهنا أشكر الاخ نبيل سالم مندوب مؤسسة النقيب على نزوله إلى هذه المديرية ، وكذا الشكر موصول للشيخ يوسف ابو الحارث و الدكتور جمال المحرابي على جهودهما المبذولة في هذا العمل وكل عمل يخدم مديرية الازارق .
الازارق هذه المديرية الكبيرة والتي تعتبر من أفقر مديريات الوطن بحاجة الى نظرت المؤسسات والجمعيات والمسؤولين إليها فهي مخزون بشري هائل تحتاج من يستثمر هذه الكفاءات.
لكن رحلتي هذه المرَّة لم تكن من أجل دفن شهيد ، بل رحلة رفع صور أكثر من مائة شهيد ..
وبعد طول سفر ، وصلنا على ضوء القمر ، لنعيش مع أجمل أمسية وأحلى سمر ..
القفلة العاصمة الثقافية للأزارق كانت هي وجهتنا حيثُ تحتضن هذه الأيام أكبر مسابقة رمضانية لكل قرى ومناطق مديرية الأزارق ماراثون ثقافي كبير يتنافس فيه ما يزيد عن سبعة عشر فريق يمثل العديد من مناطق وقرى هذه المديرية المترامية الأطراف.
وهنا ثمة حروف يختزلها قلمي لعله يجيد وصف مشهد رائع كهذا ، ولكن من أين أبدء فالجمال لا تحيطه الحروف مهما عظمة بلاغتها ، والشهد حينما يوصف تعجز الألفاظ عن مجاراة وصفه ..
هالني إعجاب وصفك في خطابك والعبر أيها الإستاذ أنثر هات من تلك الدرر أبدع الدكتور حقاً حين حدّث ونثر ...
تبدأ المسابقة كالعادة بمقدّمة جميلة ، ينثر كلماتها الدكتور علي أحمد بوصف مجازي جميل يجمع فيه بين التاريخ والأدب والفن والسياسية ، شعرا ونثرا يسرد للجميع سيرة كل فريق مشارك في ليلة المسابقة بأسلوب بليغ يربط فيه الماضي بالحاضر ، مذكرا الكل بسيرة كل شهيد ، روت دمائه الطاهرة تربة وأرض الجنوب الطاهرة ..
ومن بلاغة وجمال حديث أبن أحمد ، إلى سلاسة ألفاظ المقدّم للمسابقة حينما يبدع في الوصف والإلقاء بكلمات تشنف أذان السامعين وكأنها تسقيهم عسلا ...
يقف المتسابقون الذين يحملون علم الجنوب على صدورهم وصور الشهداء تسكن حجرات قلوبهم .. وحالهم يقول : أنتم النور الذي أضاء لنا طريق الحرية ونحن عازمون في مسيرتنا على إذكائه ... يتلقون الأسئلة الثقافية المتنوعة بعقول نيرة وأفكار واسعة ... وفي الختام تُعلن النتيجة ليظفر فيها فريق وحظ أوفر لفريق آخر ...
للأزارق بصمات ثقافية عظيمة كما لها بصمات نضالية عريقة ولكن ما يميزها هذه المرَّة هي وجود المؤسسة الثقافية الكبرى التي أشرف على إنشاءها الشاب عبده ناصر حسن والذي لها دور في نشر الوعي الثقافي في المديرية ، رغم عدم وجود الداعم لها إلاّ انها وبجهود فردية وتكاتف شباب النهضة أعادة روح الثقافة والابداع الى كل مناطق وقرى الازارق .. ومن مقامي هذا ندعو كل المسؤلين و المنظمات الخيرية والمؤسسة التنموية الوقوف بجانبها ودعمها .