في البداية لابد من تشجيع الخطوات الجريئة التي قامت بها الأجهزة الأمنية في الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين واللذين قضوا فترة طويلة خلف القضبان لتوقف العمل في النيابات والمحاكم . وهذه الإشادة لا تعني موافقة الأجهزة الأمنية على اعتقال الناس دون مبرر ولكن لأن الهدف من كل حملة يقودها ناشطون أو منظمات مهتمة بحقوق الإنسان هو الإفراج عن الضحايا وليس التشويه للأجهزة الأمنية التي تعتبر الملاذ الأخير للناس حتى وإن كانت سيئة فدولة ظالمة خير من لا دولة . بعد هذه المقدمة لابد من الحديث عن مسألتين هامتين لنبين الأسس التي يجب سلوكها من ضحايا الاعتقال تجاه السلطات المختصة . أولا : لابد من معرفة طريقة الإفراج عن هؤلاء المعتقلين ( المتهمين ) وما إذا كان إفراج مؤقت وبكفالة أم إفراج نهائي وحفظ قضاياهم نهائيا لعدم وجود جنحة أو جناية أو لعدم كفاية الأدلة . ثانيا : في الحالة الأولى فإن قضايا هؤلاء مازالت متداولة وبالتالي فإن أي تحرك للمطالبة بالتعويض وجبر الضرر سعتبر سابق لإدانته حتى يتم إصدار أحكام نهائية في قضاياهم . أما في الحالة الثانية فمن حق المتهمين المطالبة بالتعويض لجبر ضرر الانتهاكات التي تعرضوا لها . وهنا لابد من تعريف الضرر : فالضرر كما يعرفه القانون هو الأذى الذي يصيب الإنسان في جسمه أو ماله أو شرفه أو عاطفته . وهو أحد أركان المسؤولية التي يجب أن تشتمل على الضرر والخطأ وعلاقة السببية بينهما أي أن يكون الضرر نتيجة الخطأ . والتعويض عن الضرر هو محاولة جبر الضرر الذي حدث نتيجة الخطأ . وقد تواترت أحكام كل القوانين أن كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض . وجبر الضرر في قضايا الانتهاكات التي تمارسها أجهزة أمنية ليس الغرض منها التعويض المادي فقط والذي يجب أن يكون من الأولويات ولكنه أيضا يمشل كف الأذى عن الناس ويلزم الدولة بالامتناع عن الأعمال التي تؤدي إلى انتهاكات الحقوق الأدبية للناس وكذلك يلزم الدولة أيضا بالدفاع عن تلك الحقوق . لكن في قضايا مثل هذه نسمع من بعض الناشطين ضرورة معاقبة فلان أو علان بالتعويض وهذا خطأ جسيم سيؤدي إلى عدم قبول القضية لرفعها على غير ذي صفة فلابد من مقاضاة الأجهزة الأمنية ممثلة بوزارة الداخلية وعلى الأخيرة إن كان هناك موجبا لذلك أن ترجع بما أدته من تعويض على أي من تابعيها لتجاوزه حدود المسؤولية وممارسته انتهاكات بحقوق الناس بإسمها .