أصبح البحث عن "صنعاء" متعب للغاية ومكلف في الأرواح والعتاد فبعد أن كانت عيون الشمال نحو "عدن" والجنوب أصبحت اليوم على صنعاء والشمال لم يعد اليمن بشماله وجنوبه عموما يحتمل المزيد من الإنقلابات والصراعات، كون ذلك سيكون له المزيد من التبعات، على المدنيين وعلى البلد واقتصاده وبنيته التحتية. لكن المؤشرات تشير الى جعل "عدن" ساحة حرب بين أطراف النزاع نتيجة الاحتقان قد يصل الى انقلاب على الشرعية والتحالف العربي لكن هذه المرة بحجة طرد "القوات الشمالية". ولأن شحن الناس شحن خاطئ ومناطقي وترسيخ فكرة أحقية الحكم لنا فإن كل الاحتمالات واردة. أطالة أمد الحرب أكثر من اللازم وعدم إجراء الرئيس عبدربه منصور هادي إجراءات سريعة تتمثل في دمج الفصائل المسلحة في إطار القوات المسلحة التي تخضع للحكومة الشرعية ممثلةً بالرئيس هادي سببين رئيسي لما يحدث في "عدن".
تصعيد
أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقول أنه يسعى لاستعادة الدولة الجنوبية ، رفضه لتواجد القوات الشمالية على الأراض الجنوبية وتحديدا "عدن" وذلك عقب بضعة أيام من تصريحات مماثلة أطلقها القياديين في الحزام الأمني والنخبة الشبوانية العميد منير اليافعي والمقدم محمد البوحر.
لكن المجلس وتلك القيادات تناسوا أو تعمدوا نسيان أن هنالك قوات شمالية في محافظة حضرموت وتحديدا الوادي ومحافظة شبوة وتحديدا مديريتي بيحان وعسيلان ، ولم يشيروا إليها إضافةً إلى أنهم لم يهددوا بطردها ، في سابقة هي الأولى من نوعها إذ وكأنهم يقولون "عدن هي الجنوب فقط".
وقال سياسيون جنوبيين ان ذلك الخطاب التصعيدي يحمل بصمات إماراتية لكنهم قالوا أن تلك البصمات مخفية لم تعرف بعد ماهو الهدف منها ، إذ أن الخطاب التصعيدي هدد بطرد القوات الشمالية المتواجدة في عدن فيما القوات الشمالية في المحافظات الجنوبية الأخرى لم يشر إليها.
ما حقيقة مايجري؟
واشار السياسيون الى ان العميد طارق محمد صالح قد يكون مختلفا مع دولة الإمارات ولم ينفذ أوامرها كون الرجل عنيد وقد تسبب في فك شراكة الحوثيين مع حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه عمه الراحل علي عبدالله صالح على خلفية عصيانه لأوامر (حوثية) بعدم تدريب مقاتلين موالون له، إلا أن الرجل لم يلقي لتلك الأوامر بالاً.
موضحين ان الخطاب التصعيدي ربما يكون رسالة تهديد إماراتية للعميد طارق محمد صالح ليكون رجل الدولة الأول وعدم ضربه للأوامر عرض الحائط، وإلا طردناك من "عدن" وجردناك من كل شيء، كما قال ذلك الخطاب.
ومايؤكد أن ذلك الخطاب التصعيدي يستهدف شخص طارق رد نبيل الصوفي وهو مستشار العميد طارق صالح وصحفي مؤتمري بقوله أننا نريد صنعاء "لاغيرها" وهي رسالة تمطين للجنوبيين أننا نريد فقط صنعاء وسنترك لكم عدن إن حررناها.
وبعث ناشطون وصحفيين من المحافظات الشمالية برسائل تطمين للجنوبيين بقولهم أن أعيننا على "صنعاء" وليس عدن وهدفنا إعادة الجمهورية إلى الشمال في محاولة لإنهاء التصعيد ضد القوات الشمالية.
من جانبه قال الصحفي رياض الأحمدي انه لايوجد شمالي واحد يحارب من أجل الجنوب.
وقال الأحمدي: الى كل جنوبي سواءً كان مع المجلس الانتقالي أو مع هادي.. آخر ما يفكر به أي شمالي اليوم هو النفوذ في الجنوب.. لا يوجد شمالي واحد يحارب من أجل الجنوب.. إلا إذا كانوا موظفين مع هادي. تخوف جنوبي من تكرار المأساة
يتخوف الجنوبيين من القوات الشمالية كونها قد تتمكن من السيطرة على الجنوب مجددا وتكرر مآسي الماضي الأليم ، فما ان بدأت الحملات التصعيدية حتى لاقت تفعالا واسعا.
وبدأت قصة المأساة الجنوبية في العام 1994م حيث غزت القوات الشمالية الجنوب وتدمرت ونهبت كل ماهو جميل فيما شردت وقتلت المدنيين الجنوبيين، قال الجنوبيين حينها أنها كانت حرب ممنهجة عليهم بفتوى شمالية بحجة أنهم شيوعيين .
وعادت القوات الشمالية في الفين وخمسة عشر لتغزو الجنوب مجددا متسببة بدمار هائل في معظم المحافظات الجنوبية سقط فيها آلاف الشهداء والجرحى ، وكان ذلك بمثابة إنتهاء العلاقات الشمالية - الجنوبية.
لكن الأقدار جعلت القوات الشمالية تعود الى عدن مجددًا نهاية العام الفان وسبعة عشر وبقيادة العميد طارق محمد صالح ، وسط تخوف جنوبي من تمكنها في الجنوب وعودة كابوس الحروب والدمار والقتل.
هادي: عدن ستظل رمز المدنية وأيقونة التعايش والسلام
قال الرئيس عبدربه منصور ليل الأربعاء في تغريدات على حسابة بموقع "تويتر" أن عدن ستظل رمز المدنية وأيقونة التعايش والسلام مشيرا الى ان هذا ماعرفت به وما يجب ان تكون،بعيداً عن عسكرة المدينة من خلال المظاهر الغريبة التي لاتمت لها بصلة. في إشارة الى الفصائل المسلحة المحتقنة.
واوضح هادي أنه سيولي عدن وابنائها ما تستحقه نظير ما قدمته واجترحه ابنائها في مختلف المراحل لنصرة الثورة والوطن .
ولا يعرف ما إذا سيسارع الرئيس هادي بإجراءات تقرب الأطراف من بعضها البعض ويخلق تفاهمات، أم أن الرجل مقدم على شيء آخر يزيل آثار الحرب ويعيد عدن إلى مكانها الطبيعي التي عرفت به ماقبل الحرب خصوصًا وأنه متواجد فيها.
الجدير بالذكر أن مدينة عدن عاشت أسوأ مراحلها مابين العام 2015 و2018 نتيجة عدم وجود حكومة كفوءه تزيل آثار الحرب، وأطراف تعرقل عمل بعضها البعض لتحقيق أهداف ومصالح شخصية أو تنفذ اجنده دول أخرى.