في أيام العيد ، كان للناس في عدن ، موعدا خاص للاطلاع على ما أعده لهم الشباب المبدعون من روائع في صلب الفيلم السينمائي الأول "عشرة أيام قبل الزفة" الذي انجزته عبقرية المخرج "عمر جمال" وانتجها إبداع محسن الخليفي .. ليكون الحديث عن عدن التي ترفض صولجان التدمير الممنهج وتحتفظ بروحها ومالديها من جماليات وفن وعطاء قدمه مجموعة من الشباب والشابات تمثيلا وتصويرا وإنتاجا وإخراجا. حقيقة وفقا لمتابعة الحدث الذي مر إلى وجدان لناس مسبقا وقبل لعرض قادتني قدماي برفقة عائلتي إلى مدينة الشيخ عثمان وقاعة الف ليلة وليلة لأكون على مقربة مما تحدث عنه من سبقنا واستمتع بالفرجة لهذا العمل "الجبار". ذهبت وأنا في حالة تحدي مع النفس التي كانت قد اقتنعت بأن هناك شيء سيذهلني .. ذهبت وأنا أنتسب إلى روح الإبداع التي مثلها المخرج عمر جمال والمنتج محسن الخليفي ، ومعهم طابور من الشباب والشابات ،الذين عرفناهم في كثير من المحطات الفنية. في مقعدي الذي حظيت به وسط الزحمة ، رأيت عائلات عدن بصغيرها وكبيرها حاضرون ، في إطار علاقة روحانية مازال الجميع يتباهى بها وفقا لروح التحدي التي ترفض الخضوع لمحاولات البعض في هدم جمال هذه المدينة .. ومع أوقات الأنتظار للبدء في عرض الفلم ، كان الحديث الجانبي ممن يتواجدون حوليا ، قصة اخرى ، سبقت اطلاق قصة الفلم .. اشادات وملامح إعجاب زادت من شغف الانتظار عندي. اطفئت الانوار ،وسكن الحضور للهدؤ واستعد الجميع وأنا بينهم ، فكانت القشعريرة تسري فيا بدون سابق انذار ، فكل ما دار حولي مر الى إعماقي وترك انطباعه .. موسيقى البداية وطريقة العرض جعلتني انتظر القادم. من أين استلهم القائمون على العمل هذه القدرات الهائلة ليكونوا بتلك الثقة وهم ينجزون عملهم ، تصوير عالي الجودة وبأحترافية ، وصوت شديد الوضوح ، وبرفقته اختيار موفق لمواقع التصوير في كثير من حواري عدن في عمق معاناة الناس البسطاء ، وحيث دمار الحرب الظالمة التي شنت عليها ، ثم حبكة درامية عبرت عن حالنا الذي انزفته الحرب وما تلاها ، من عبثية الحياة الاجتماعية التي تخلت عن أخلاق البشر ، وأحوال الناس ومعاناتهم برفقة عدن التي يصر سكانها على مقاومة الظروف الصعبة والمميتة التي تغيب عنها الدولة. "رشا ومأمون" ، أصحاب الدور المحوري ، جسدوا مضمون السيناريو بقصة تنوعت مشاهدها فضحنا ببعض المشاهد التي كانت الكوميديا عنوانها ، وبكينا واذرفنا الدموع حينما روى لنا الفلم قصة معاناة شاب وشابة يتمنون الحصول على ابسط مقومات الحياة لتحقيق حلمهم في الحياة ليجتمعوا تحت سقف بيت ، تفاصيل الفيلم ، كانت تحكي للكثير من الحاضرين شيء في النفس يعانوه برفقة أحوالهم ومعاناتهم وظرفهم القاسي ، الذي وجدوه أمام أعينهم في مشاهد الفلم الذي كان مضمونه يمر عبر عائلة دمر منزلها في الحرب فعانت الويلات واذلت لمرتزقة الأزمات وأصحاب الضمائر الميتة. انطباع المشاهدة والتواجد بين الحضور وحالة الفرح التي تشارك فيها الجميع بالتصفيق لكثير من المواقف التي عرضها الفيلم ، تتجاوز أي وصف ، لسبب أن هذا العمل قدم بجهود مجموعة من الشباب ، بعيدا عن زيف الدولة ومكر من يقودوها خصوصا في هذا التوقيت الصعب الذي نمر به .. لكن لأن ثقافة عدن وأبناءها لم تغب ومازالت تصارع البقاء في وجهة تيار الفوضى الذي يستبح كل شيء ، فقد كان الحدث حواراً للمبدعون ، قدموا شخصية فنية تشكلت ما بين الادوار والأداء وحبكة الدراما بلهجة عدنية جميلة جداُ رافقها صوت الراحل الكبير الفنان احمد قاسم .. حبكة مرت بناء إلى مناطق ربما لا يعرفها الجميع ورصدتها الكاميرا الاحترافية التي التقطت كثير من المناظر من الأعلى. خلاصة القول في الحدث الذي إستلهم اهتمام الأسر العدنية وشبابها .. يحق لكل من شارك في العمل ، أن يتفاخر ليس فقط بعظمة العمل وشانه ، لكن بما حمله من تفاصيل السيناريو الذي قدم لنا قضية اصبحت سمة في المجتمع العدني بما يعانية من غلاء وفساد وتسلط وتذمر واحتقان مع انتشار الاسلحة وفوضوية التعايش بين الناس. مبارك العمل الجميل والرائع لذي حقق نجاح كبير تجاوز المنتظر .. شكرا للمخرج عمرو جمال ، تحية للمنتج محسن الخليفي ..وسلام لكاتب القصة .. ووبرافوووووووووو كل طواقم التمثيل والأعمال الفنية لمرافقة من تصوير ومونتاج وصوت وكل ما يرافقها.. ويبقى الإبداع عدني.