وأخيرا باشر الدكتور/ علي حسن الأحمدي مهام عمله الجديد كرئيس لجهاز الأمن القومي بعد إخفاقه في إقناع رئيس الجمهورية باعفاءه من تولي هذا المنصب الحساس ، وهو ما وضعه إمام الأمر الواقع والقبول به ولو على مضض بفعل الاحراجات المتكررة التي لاحقته من القيادة السياسية . لم يكن في حسبان الدكتور علي الأحمدي ان يطاله قرار جمهوريا يقضي بتعينه في منصب امني استخباراتي تتعدد مهامه مابين - التجسس – والتقييم- والانتقام - وطلع فلان ونزل علان بل كان مفاجئا. ولا اعتقد ان رفضه تولي مهام رئاسة جهاز الأمن القومي يعني انه عاجز عن إدارته او ضعف في شخصيته او شك في قدراته ، بقدر ما هو هروبا من اللوم والإحراج الذي قد يلاحقه وكذا حفاظا على سمعته وصون ماء وجهه ومن اجل تفادي أيه عوامل قد تتسبب في تدمير نسيج علاقاته بالآخرين وحتى لا يخسر تقدير واحترام ومحبة الناس له ، .سيما وان سمعة جهاز الأمن القومي في بلادنا وللأسف سيئة للغاية بسبب بعض التصرفات التي سجلت صفحة سوداء بفعل وقائع الانتهاكات التي ترتكبها عناصر الجهاز بحق المواطنين دون مسوغ قانوني أكان من خلال الاعتداء الجسدي او الاعتقالات السرية او التعذيب في غياهب السجون وغير ذلك .. ولهذا السبب فهو لا يرضى لنفسه ولن يسمح له ضميره ان يقود جهاز امني يؤدي ادوار ومهام هكذا . فمن يعرف ويعايش هذا الرجل ومن تابع سيرته العملية في السلك الدبلوماسي والحكومي على مدى عقدين من الزمن يجد انه ترك في كل سفارة او محافظة او وزارة تولى شئونها مآثر طيبة وسجل ناصع البياض التي هي نتاج طبيعي لخصائصه الفيسلوجية وتعامله الخلاق ودبلوماسيته الرفيعة ومواقفه الايجابية .. صراحة هو مسئول يمتلك خصال قل ما وجد ت في من سواه من رجالات ألدوله ، اذ هو إنسان عاطفي–عفوي – متسامح – سخي - صاحب قلب ابيض وصدر واسع ووجه بشوش وهي سجايا لا تتفق مع معايير وشروط الوظيفة في جهاز الأمن القومي في بلادنا بذات والذي لابد ان تتوفر فيه صفات مغايرة ( قاس- متكبر – مستهتر ...الخ . لقد اثأر قرار تعيين د. علي حسن الأحمدي رئيسا لجهاز الأمن القومي وخصوصا في هذه المرحلة العصيبة جدلا واسعا في الشارع اليمني واخذ اهتمام واسع لدى المراقبين والمهتمين وتعددت التأويلات وكثر الحديث وطال حول أهدافه ومقاصده الى حد ان البعض وصل به التفكير الى تجاوز ما هو معقول فمن رأى ان تعيينه في هذا المنصب كان الهدف منه قطع دابر النظام السابق نكاية بصالح وحزبه وهناك من ذهب الى ما هو ابعد واعتبر القرار يحمل مقاصد خبيثة يستهدف إفشال الأحمدي وحرق كرته ومن يقول عين من اجل يكون فريسة سهله الاصطياد لمراكز القوى المتصارعة في صنعاء او لقمة سائغة لتنظيم القاعدة الإرهابي وغير ذلك من الهروج الفارغة والأفكار العقيمة . في الحقيقة لا اتفق مع أي من هذه التأويلات إطلاقا لأنني أدرك جيدا مستوى العلاقة الوطيدة وألصداقه الحميمة والثقة المتبادلة بين الرئيس منصور هادي والدكتور على الأحمدي ..وربما اختيار الأخير في هذا المنصب دليلا قاطعا على قوة ثقة الرئيس به وتقديره لدوره الوطني في مختلف المراحل والظروف وموقفة الشجاع و المتزن والرصين أبان الأزمة السياسية التي استطاع ان يجنب محافظة شبوة التي كان محافظا لها الانزلاق في مربع العنف ومستنقع الدماء . ولكن الرئيس هادي أدرك في الأخير ان قراره قد أوقع صديقه ورفيقه في فخ يصعب التخلص منه بسهوله لأنه – أي هادي- لم يعلم ان هذا القرار غير صائب إلا بعد ان وقع الفأس في الرأس ، اذ اعتبره بعض المراقبين قرار متسرع وغير مدروس وربما كان نتاجا لردة فعل عكسية لموقف سياسي لأحد الإطراف الصراع او بسبب وقوع حدث معين . فلم يكن أمام الرئيس سواء خيارين لا ثالث لهما إما ان يعدل عن قراره ويضحي بهيبته ويجعل قراراته عرضه للنقض او التوجه للأحمدي وإقناعه بتنفيذ القرار واستلام منصبه الجديد الى اجل مسمى حتى تنصرف الأنظار وإيجاد ألفرصه لإيجاد البديل المناسب ومن ثم منحه منصب دبلوماسي كسفير في احد الدول الخليجية بحسب ما قيل لي . وهو الخيار الذي اتبعه هادي و تحمل أوزاره الأحمدي ليتولى جهاز الأمن القومي و على مضض