قبيل تفجير البوابة بأسابيع كنت في عدن في إجازة الصيف من دراستي للهندسة في جامعة أبردين في اسكوتلندا وذهبت للعمل كمتدرب متطوع بدون راتب في إدارة الأشغال وأظن ذلك كان في صيف 1962 وكان الإنكليز قد حاولوا توسيع باب عدن بدون إزالة العقد الذي على باب عدن ولكن لم يفلحوا وأصبح سقوط العقد يشكل خطرا فقرروا تفجير العقد. قلت يومها لمديري المستر بلاكويل أن تفجير العقد سوف يشكل جريمة في حق تراث عدن وتاريخها وحضارتها. قال لي أن التراث أحيانا ينبغي التضحية به من أجل التقدم والتطور والتنمية. قلت له إن بريطانيا أقامت الدنيا ولم تقعدها عندما كان عبد الناصر قرر إغراق معبد أبوسمبل لبناء السد العالي مع أن السد العالي لعب دورا أساسيا في إنقاذ مصر من المجاعات. ثم تضافر العالم لرفع أجزاء من المعبد لإنقاذه من الغرق
لست مهندسا متخصصا في مجال كيفية إنقاذ باب عدن ولكن يغلب على ظني أنه كان في الإمكان عمل توسعة الباب دون هدم العقد ولكن ذلك كان سيضاعف التكاليف كثيرا وهناك شركات متخصصة في مثل تلك الأعمال وخصوصا سويسرية ولكن أغلب ظني ان الإنكليز لجأوا إلى الحل الأرخص لأن باب عدن يقع في عدن وليس في لندن أو بريطانيا وكان السياسيون في عدن ربما غافلين عما يحدث وتركوا الباب يدمر وقد كتب والدي شاعر عدن العظيم رحمه الله قصيدة يرثي فيها الباب كما لو كان كائنا حيا منها: باب محفور في الصخر والباب الآخر في صدري ياباب البابين الفرد محفور الصخرة في القلب مفتوحا أبدا لا يغلق إلا بيد الحفار
الشعراء والادباء والفلاسفة والمفكرون هم من ينبغي ان يوجهوا الشعوب وليس الانتهازيون الفاسدون والمفسدون.