كان يا ما كان في قديم الزمن فتى اسمه يوسف ؛ رأى فيما يرى النائم أن الكواكب تسجد له ، وحين قصّ رؤياه على أبيه ابتسم الأب ومسح على رأسه وطبب على كتفه ونصحه قائلا (يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ) وللقصة بقية لا تخفى عليكم ... ونحن _ وبالرغم من إيماننا العظيم بأنها "أحسن القصص" _ إلا أننا لم نتعلم منها شيئا شكونا بلوانا إلى إخوتنا فلم يكتفوا بالكيد لنا وإلقائنا في غيابة الجُب ، بل أرسلوا علينا غربان السماء ، وذئاب الأرض قصفوا كل شيء قابلٍ للقصف ،من المعسكرات إلى المدارس والمستشفيات ،إلى الجسور والطرقات ، إلى صالات العزاء _ على ضحايا قصفوهم مسبقاً _ ، إلى حافلات المدارس ، حتى المقابر لم تسلم من قصف مقاتلاتهم ... دعوناهم لمساعدتنا ؛ فجاؤوا لاحتلالنا دعوناهم ليردّوا علينا دَينَ "رحلة الصيف " فحاصرونا وجوّعونا وطردوا من أرضهم من نجى منا ... دعوناهم للوقوف معنا في محنتنا فكانوا محنةً أنستنا مرارة محنتنا ، وملحاً مذروراً على جرحنا المفتوح ، وخنجراً في حناجرنا وقلوبنا .. قلنا لهم خذوا بأيدينا لنخرج من هذا النفق ؛ ففتحوا لنا قبراً جماعياً وألقونا فيه ، وما زالوا يجتهدون في إبادتنا ،ويتفانون في تخليصنا منا ، ويكافحون في سبيل تحريرنا وإراحتنا من الحياة الدنيا ونقلنا إلى جنات عدن "مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا " والويل ثم الويل لنا إن لم نسبح بحمدهم ونقدس لهم صباحَ مساء على هذا الموت المجاني الذي يجودون به علينا ،والإبادة الجماعية التي يهدونها إلينا ونحن لها من الجاحدين ... قلنا لهم : احقنوا دماءنا ، ولا تهشموا أرواحكم وأرواحنا ، فاستحلوا الدماء والأرواح ، ومن ورائهم علماء البلاط ، ومشائخ الفتاوى المفصلة على مقاس صاحب الجلالة ، الذين لا يُحرمون القتل إلا إذا لم تعجبهم هوية القاتل ، أما المقتول فليس له مكان في فتاويهم وليكن من يكون ، وبالمناسبة.... فقد فصّل مولانا عالم الزمان ، ومفتي المكان قبل بضع سنين فتوى على هوى سيده السلطان ، وبعد أعوام فصّل فتوى تناقضها تماماً لا لشيء وإنما لأن صاحب الجلالة يريد هذه الفتوى بهذا الشكل وهذا المقاس .. فحين احتل الروس بلاد الأفغان ،أصدر مولانا الجليل فتوى بأن الحرب هناك غاية الجهاد وذروة سنام الإسلام ؛ وحين خرج "السوفيت" من بلاد الأفغان ؛ واحتلها الأمريكان أصدر مفتينا "المسموم لحمه" أن الحرب هناك قمة الإرهاب وغاية التطرف وهاهم اليوم يفتون بقتلنا وإبادتنا ؛ ويتضرعون _ ودموع التماسيح تبلل لحاهم _ أمام كعبة الله سائلين رب البيت الحرام أن يعينهم على دمنا الحرام ، وينصر ملوكهم عيال الحرام ... عموماً _ ومعذرةً منكم على الإطالة _ أردت أن أخبركم أن الفتى الذي ألقاه إخوته في الجُب أصبح بعد بضع سنين عزيز مصر ؛ فالدهر يومان ؛ والأيام دول ؛ والحرب سجال " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون ". #ثرثرة_مكبوووود