إن اصرار التيار الصدري ومعه حلفاؤه في سائرون كأكبر كتلة برلمانية على البقاء خارج التشكيل الوزاري الجديد للحكومة التوافقية التي يرأسها رئيس حكومة من خلفية شيعية غير متعمقة في المذهب ورئيس دولة منتمي لا صل غير عربي يدل دلالة واضحة على عدم الرضا والقبول لمثل هذا التوافق على اختيار رئيس الدولة ورئيس الحكومة وإنما هي الخنوع للإملاءات السياسية والدولية والاقليمية والبقاء خارج السرب كمراقب لتعقب الزلات والاخطاء والتقصير حتى يتسنى له المطالبة بأسقاط الدولة والحكومة لكونهم احتفظوا بمجرد خروجهم من التشكيلات الوزارية بحق النقد واستخدام الفيتو العربي لا سقاط الدولة والحكومة. وما زال الصدر يحتفظ بحق الولاية على السلطة التنفيذية رئاسة الدولة والحكومة بأن منحها الحق في الاحتفاظ بالمناصب والحقائب الوزارية ذات السيادة كوزارتي الداخلية والدفاع حتى يظل بمظهر المتفضل على السلطة التنفيذية بمنحها تلك الحقوق ويمارس دور الرقابة كسلطة رابعة فوق كل سلطة. واليوم يحاول رئيس الحكومة التوافقي الخروج من هذا المأزق السياسي البحث الذي فرض عليها وفرضتها الاوضاع السياسية المتردية في أرض الرافدين منذُ الاطاحة بنظام صدام حسين على أيدي التحالف الذي شرذم بلاد الرافدين إلى ولايات متناحرة محي فيها النعرات القبلية والعرقية والطائفية يحاول رئيس الحكومة الهروب من الهيمنة الصدرية والإملاءات الحزبية التي ظلت لفترة قائمة على مبدأ المحاصصة واقتسام السلطة بين الاحزاب والجماعات الطائفية من خلال فتح باب الترشيح الالكتروني الذي سيفتح باب من الفوضة السياسية ، ولن يكون الطريق الالكتروني أمناً وبعيد عن التدخلات الحزبية فكل حزب سيدس ملفات المنتمون والمنخرطون من غير الشخصيات المعروفة لتشغل المناصب الحكومية ومن جهة أخرى ستعم الفوضى والشغب الجماهيري وفقاً للرغبات وسيفتح الباب أمام الحالمين الوصول إلى السلطة لحصد مناقب ومقاصد شخصية ضيقة. فكرة فتح الترشيح الالكتروني قد تكون ايجابية لو وضعت الشروط والضوابط القانونية والفنية التي تقيد عملية الترشيح حتى تحقق ما كان يرمي إليه رئيس الوزراء من سلوك هذا المنحى غير المسبوق في الدساتير العربية وحتى الاجنبية . والسؤال الاهم ، ماهي الشروط والصفات التي اشترطها رئيس الوزراء في اختيار المرشحين للوزارات والتي تحديدها سيحجم من عدد المتقدمين للترشيح ويكون الفرز بشفافية وعلنية واضحة وكذا تقيد فترة العمل في الوزارة لكل وزير مقبول على أن يكون عمله خاضع للرقابة والمراجعة واقصائه ولو قبل انتهاء فترة الوزارة في حال ثبوت عدم قدرته أو استغلاله للعمل في الوزارة لتحقيق مصالح شخصية. إن نجاح التجربة في العراق سيفتح الباب لخوضها في غير العراق بل قد تصبح مطلب جماهيري للقضاء على احتكار الاحزاب للمواقع الوزارية وتقسيمها وفقاً لمحاصصات حزبية ضيقة . ولكن هيهات ثم هيهات لمثل هذه التجربة أن تنجح في مهدها العراق فلن تسمح السلطة المتوجة فوق كل السلطات بنجاح مثل هذه التجربة إذا كان الوزراء المختارون على غير ما ترضى ولن تسمح بنفاذ هذه التجربة كذلك الاحزاب الحاصلة على المقاعد إذا كان الواصلون لا يمثلون مصالحها وسيتم القفز على التجربة إما بالقانون الذي يعطيها الحق في الحصول على المقاعد الوزارية أو عن طريق التحايل والتدليس