أنتظرت ربع الساعة على الخط الرئيسي بعد أن طلب منا سائق أحد الباصات إفراغ الباص! هكذا بلا سبب أمرنا بالنزول دون أخد الأجرة منا .. وقفت مع غيري في إنتظار باص أخر ، أحمل معي ملزمة محاضرتي.. أوراق طلابي .. مرتبي الذي إستلمته للتو .. كيس مشتريات من السوبرماركت و كيس أدوية للزكام و الكحة و الصداع و غيرها من أمراض الشتاء اللواتي يطفن علينا هذه الفترة ! المهم أن بعد دقائق إنتظاري أتى باص متهالك ليقلنا، صعدت فأشار لي "محاسب الباص " بالجلوس بجانب إمرأة في كرسي فارغ و لتأثير الشمس أكتفيت بالجلوس فقط دون النظر للتي بجانبي . دقائق و أكتشف أنها من فئة المهمشين كان الأمر عاديا بالنسبة لي لكن المرأة كبيرة السن التي خلفي همست لي و طلبت مني لملمة حاجياتي فأمتثلت للأمر كطبيعة بشرية .. حين بدأ محاسب الباص يجمع منا الأجرة بدأت أنا معركتي في البحث عن المبلغ وسط كل الأغراض التي أحملها مخلفة فوضى أضطر بسببها عدد من الركاب في التفاعل معي فأحدهم يحمل كيس المشتريات و الأخرى تحمل أوراق الطلاب و أشدد عليها بالحفاظ عليهم و هناك من يهمس في أذني "أنتبهي لأغراضك " و محاسب الباص ينظر لي بضجر و بأعصاب مشدودة كنت أنا أبحث عن محفظتي وسط حقيبتي الكبيرة محاولة الا يظهر كيس الدواء أو تتبعثر أوراق مرتبي النقدية .. أستطعت الحصول على "500" قال المحاسب : أبحثي مرة أخرى أريد "100" فقط فعدنا لتكرار المعركة وهنا أمتدت يد لتخبر المحاسب أن هذه قد تم دفع أجرتها ، و كما يحدث في الأفلام كانت هناك لحظة صمت حيث ينظر الجميع للشيء نفسه في ذهول كانت تلك المرأة "المهمشة في مجتمعنا" بأطفالها الكثر حولها و رضيعها المريض الذي لم يتوقف عن الكح و العطاس و رائحتها التي رفض بسببها العديد الجلوس بجانبها تدفع لي أجرتي!! ألتفت إليها و أمسكت بيدها كصديقة قديمة و حلفت أن أدفع أنا أجرتي و أجرتها معا فرفضت و حلفت هي الأخرى لأنها الأولى التي مدت يدها بالمبلغ و قد أعاد المحاسب لها المتبقي بالفعل _ كان الجميع يتابع المشهد_ ثم تحول الأمر لرأي عام شارك فيه الجميع و أنتهت الجولة بفوزي حيث قرر محاسب الباص أن يعيد لها المبلغ و دفعت أنا الأجرة لنا جميعا بعد أن خجلت من نفسي و أنا أتذكر لحظة صعودي و خوفي على حقيبتي و مشترياتي فالناس للناس في النهاية مهما كانت أشكالهم.