شاءت الأقدار أن يتلي الجيش اليمني بعدد من الكوارث والنكبات مما جعلته في وضع لا يسر أحد بعد أن تعذر دمجه بصورة صحيحة في وحدة عام 90 الفاشلة، وقد كان ذلك صادماً للمهتمين والغيورين على مصداقية الوحدة والذين سعوا إليها بكل إخلاص وكانوا يأملون بل يتوقون إلى أنه بحدوث هذه الوحدة سوف يكون مشرق لليمن وإن كل شيء فيه سوف يكبر بما في ذلك الجيش، فقد أتى الجيش الجنوبي بكامل جاهزيته وعتاده مهرولاً وكان سباقاً في تحقيق ذلك الحدث. هذا الجيش الجرار الي كان قبل الوحدة يصنفه الباحثون في الشؤون العسكرية على أنه من الجيوش العنيدة في العالم الثالث لكن خابت الآمال وتبدد الحلم الذي كان يراود الوطنيين والشرفاء في الدولتين قبل أن يجف حبر تلك الوثيقة فبدلا من الاستفادة والأخذ لما هو إيجابي في الدولتين بما في ذلك الاستفادة من خبرات الجيش الجنوبي العالي التأهيل ومن الكثافة البشرية والخبرة العسكرية المحدودة التي كان يملكها الجيش الشمالي، إلا أن ذلك لم يحصل بسبب تنكر الطرف الشمالي للوحدة وبنودها، وكان أو المستهدفين من مكوناتها هو الجيش الجنوبي الذي زج به قادته السياسيين في وحدة غير مدروسة ليفقد الواصل فيما بينه ويصبح صيداً سهلاً ، وبذلك يكون قادته قد ارتكبوا خطأ استراتيجي جسيم بحق هذا الجيش، بعدها بدأ يتعرض قادته ومنتسبيه للكثير من التصفيات والملاحقات التي استمرت في تصاعد إلا أن أتى عاد 94 ليشهد الوطن معركة غير مبررة أكلت الأخضر واليابس ويتم التجهيز على الجيش والإرث الجنوبي بالكامل ، ويتحول موضوع الوحدة السلمية إلى اتسباحو وضم للجنوب وأهله وكان أمراء احرب يعتقدون من ذلك أنه سيشفي غليلهم ولكن هيهات فقد شربوا من نفس الكأس وبدأت الشحناء والبغضاء فيما بينهم، وبدأ ذلك الجيش المنتصر يتآكل فيما بينه، فقد زجّ به في حروب عبثية عديدة، إلى أن تم سحقه والاستيلاء على كل ما يملك من قبل الحوثي ومن يقف معهم، ولأنه لا يوجد منتصر في هذا الحروب والخاسر هو الجيش الذي قتل بسلاحه، فقد آن الأوان لمن يملكون ضمائر حية، ومن لديهم وازع ديني في هذا المجتمع شماله وجنوبه، ويستفيدوا من الماضي، وأن يعملوا على إعادة تصحيح وضع هذا البلد المتناقض الأهداف والسلوك بحلول جذرية يكون القصد منها سلامة الوطن والمواطنين بعد أن فشلت الوحدة وأثبتت عدم جدواها وما أكثر الحلول عندما تصدق النوايا وتبتعد النفوس عن هوس التملك عند المقدرة .. إنها دعوة وتحتاج إلى قدر كبير من الشجاعة ونكران الذات، لما فيه مصلحة للجميع وهذا ما نأمله.