تقرير: محمد فهد الجنيدي من استعادة الشرعية التي انقلب عليها المتمردون الحوثيون، إلى دعم فصائل جنوبية تسعى لفك ارتباط الجنوب عن الشمال - حسبما تقول، هكذا انتهى المطاف بالخليجيين في اليمن. لم يظهر الخليجيون موقفا رسميا تجاه دعم الجنوب وقضيته، لكن مكونات جنوبية ظهرت بدعم خليجي، اثارت تساؤلات عما اذا كان الخليج يدعم فك ارتباط الشمال عن الجنوب على غرار ما جاء من اجله وهو دعم شرعية "هادي"، وصولا الى مزاعم كثيرة تتحدث مابين الفينة والأخرى عن خلافات مابين إدارة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وبين الأول بحجة تقويض الشرعية. وعلى الرغم من أن وزراء ومسؤولين حكوميين يتهمون بانتمائهم للإخوان المسلمين، عبروا عن استيائهم مما اسموه تقويضا للشرعية، إلا أن الخليجيين يظهرون دوماً على أنهم داعمون للشرعية اليمنية. عودة الجنوب أم الشرعية؟! ويرى رئيس تحرير صحيفة وموقع يافع نيوز الصحافي ياسر اليافعي في حديث ل"عدن الغد"، إن دولة الإمارات العربية المتحدة شاركت ضمن التحالف العربي لاستعادة الشرعية ووقف التمدد الإيراني الذي كان سيهدد الأمن القومي العربي برمته. وكانت دولة الإمارات انشأت مكوناً جنوبياً منذ نحو عام ونيف يطالب بفك ارتباط الجنوب عن الشمال. ويضيف اليافعي: باختصار الإمارات تعمل ضمن دول التحالف العربي وملتزمة بقرارات دولية تعمل في اطارها ونطاقها، وموضوع فك الارتباط يعني الشعب الجنوبي فقط. وأشار اليافعي، إلى أن أبناء الجنوب بعزيمتهم واخلاصهم تمكنوا من طرد مليشيا الحوثي وتأمين مناطقهم بالشراكة مع دول التحالف العربي، وهذا اوجد علاقة جديدة عمقتها الحرب على الجماعات الإرهابية والنجاحات التي تم تحقيقها، بحيث بات أبناء الجنوب قوة على الأرض يستحيل تجاهلها وبهذه القوة سيفرضون ارادتهم في الوقت المناسب. ولفت الصحافي اليافعي، إلى إن الانتصارات التي تحققت في الجنوب بالشراكة مع التحالف العربي اوجدت واقعاً جديداً ولا يستطيع لا التحالف العربي ولا العالم تجاهله، وبالتالي سيتم التعاطي معه في اللحظة المناسبة كون أبناء الجنوب اثبتوا صدقهم وشراكتهم في محاربة التمدد الإيراني والإرهاب وهو ما يبحث عنه التحالف العربي والعالم - على حد قوله. كيف استقطب الخليجيون الجنوبيين؟ وحول ذات السؤال، يقول الصحافي أحمد الحسني إن كل المواقف الرسمية لدول التحالف العربي تؤكد دعمها لوحدة اليمن، لافتا الى أن التحالف دفع بكتاب وناشطين وإعلاميين خليجيين لتأييد استعادة الدولة الجنوبية، غير أن تلك المواقف فقط لذر الرماد على عيون الجنوبيين وكسب تعاطفهم لتأييد الحرب وأهدافها. واستطرد الحسني: التحالف ليس فقط لا يدعم استعادة الدولة الجنوبية ولكنه يقف بقوة ضد عودتها ويرى فيها تهديدا لأمنه القومي. واستبعد الحسني، خروج التحالف من الجنوب قريبا وحتى بعد توقف الحرب، قائلا: لن يكون الانسحاب من اليمن إلا بعد تثبيت نظام يمني حليف للتحالف، بحيث تكون مؤسسات النظام السياسية والعسكرية والدينية متطابقة مع مواصفات اهداف السعودية في اليمن، عندها يمكن الحديث عن خروج التحالف من اليمن. العلاقة.. ما مصيرها؟ تبدو من جهة أخرى علاقة الجنوب بالخليجيين أكثر تضررا اليوم عقب إن باتت علاقة متينة وقوية، كون معظم الجنوبيين كانوا يرون في التدخل الخليجي بالجنوب مكسبا لمساعدتهم في استعادة دولتهم الجنوبية التي طالما خرجوا من اجلها في الساحات منذ صيف 2007، خصوصا مع دعم دولة الإمارات للانتقالي الجنوبي. ومع مرور الوقت اتضح ان الخليج يدعم الفصائل الجنوبية، لأسباب قد تتعلق ببقائه وفقا لما يرى سياسيون جنوبيون، وكذا لعدم فقدان حاضنته الشعبية، وليس لاستعادة الجنوب المفقود منذ صيف 1990. ويرى مراقبون أن اوهام الخليجيين للجنوبيين باستعادة دولتهم، سترتد عليهم لأن ذلك يعني تقلص شعبيتهم بل وربما سيصل الأمر الى دعوتهم للخروج من الجنوب كونهم تدخلوا لإخراج الحوثيين منه. الحكومة والقوات وعلى الرغم من استبعاد خروج الخليجيين من الجنوب في وقت قريب إلا ان احتمالاً كهذا وارد. ومن المتوقع ان يتسبب خروج الخليجيين من الجنوب بفوضى عارمة، مالم يتم دمج كافة القوات في إطار الجيش الوطني الموالي لحكومة هادي، كون القوات بالتأكيد ستذوب سريعا وتتشظى بلا دعم. ولم يعرف ما اذا كانت الحكومة ستقوم باحتواء هذه القوات ام انها ستتركها تتشظى، نتيجة لمعارك جانبية إعلامية ساندت هذه القوات وكذا لرفعها اعلاماً جنوبية. تناقض وحول دعم الامارات للانتقالي الجنوبي الذي يطالب بفك الارتباط يقول السياسي الجنوبي عبدالكريم السعدي لعدن الغد ان دولة الإمارات العربية المتحدة دأبت على التفكير الدائم في كيفية خلق واقع يساعدها على البقاء والاستمرارية في ظل صراع لا هوادة فيه يلتهم فيه الكبير الصغير وتتساقط في أتون لهيبه أنظمة ودول وشعوب لها تاريخ حضاري ومقومات القوة الاقتصادية والعسكرية التي لا تمتلك دولة الامارات منها شيء .. واضاف السعدي: وقد كانت حرب الخليج الأولى التي دامت لأكثر من ثماني سنوات بين العراق وإيران والثانية التي تكالبت فيها كل القوى العالمية لتنقض على العراق بمثابة ناقوس خطر اقلق الاماراتيين وخلق عند هذه الدولة حالة من التفكير القلق الذي تفرض أسبابه بالطبيعة نتائج تفكير وفعل سيئ. وتابع: وقد جاءت التحولات التي شهدها العالم مؤخرا والتي واكبت مشاريع الغرب المعنونة بالشرق الأوسط الجديد وما عرف بصفقة القرن لتفتح آفاقا أمام هذه الدولة للتنفيس عن نفسها وتبديد قلقها فجندت نفسها لتكون أداة طيعة لأي مشروع واي أهداف مهما كانت المهم في الأخير أن تضمن لنفسها البقاء والاستمرارية.. واوضح السعدي ان خطوات الإمارات تنطلق من هذه الحقيقة وهو الأمر الذي يجعل المتابع لنشاطات هذه الدولة أمام حالة من حالات التخبط والتناقض الواضح وخير دليل خطوات هذه الدولة في سوريا وليبيا واخيرا في اليمن الذي دخلته الإمارات تحت مظلة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لنصرة هدف استعادة الدولة الشرعية الممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي وإسقاط الانقلاب الحوثي تلك الدعوة التي جاءت بناء على طلب الشرعية اليمنية للسعودية التي بدورها حشدت الإمارات وغيرها من الدول المشاركة.. ولفت الى ان المتابع لايحتاج الى الكثير من الجهد ليقرأ تناقض دولة الإمارات في اليمن شمالا وجنوبا وهو التناقض الذي يؤكد ماتناولناه سلفا من حالة قلق تسيّر سياسات هذه الدولة وتجعلها أداة لأي مشروع يضمن لها البقاء والاستمرارية.. واستطرد السعدي بالقول: في الجنوب استطاعت دولة الإمارات أن توظف الصراع الجنوبي ففي الوقت الذي نبهنا الإمارات في العام 2015م إلى ضرورة تلمس مواطئ أقدامها في ظلام هذا الصراع الذي عصف بالجنوب على مدى أكثر من ثلاثين عام رأينا ورأى الجميع اندفاع الإمارات إلى توظيف واستغلال هذا الصراع الاستغلال السيئ ، وبالفعل شرعت الإمارات في خلق أدوات لها على الساحة الجنوبية مستخدمة سياسة العصا والجزرة وقد كانت جزرة الإمارات في الجنوب تحرير الجنوب وحكم هذا الجنوب ووضعت آخر العصا على رؤوس تلك الأدوات ووضعت الجزرة في أول تلك العصا التي مازالت تلك الأدوات تلهث خلفها على أمل الفوز بتلك الجزرة .. واشار السعدي الى ان الإمارات لن تكون في يوم ما مع استقلال وتحرير الجنوب وإقامة دولته المستقلة المتعافية ولكن مشاريعها وأهدافها قد تكون لبعض الوقت مع نظام سياسي في جنوب متهالك مريض اقتصاديا في إطار صراعاتها مع دولة المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان فهي تريد أن يكون على حافة حدود تلك الدول أكثر من ثلاثين مليون جائع يهددون استقرارها وبالتالي يلهونها عن معاركها مع الإمارات فقيام دولة صحيحة ومعافاة اقتصاديا في اليمن أو الجنوب يعني خطرا على دولة الإمارات التي لم تُعرف إلا بعد أن تم تدمير عدن ومينائها وغيره من المواقع والمرتفعات الاقتصادية التي عاشتها عدن قبل أن تتواجد الإمارات على الخارطة .. واختتم السعدي: الخلاصة هي أن المساومات التي تقودها دولة الإمارات في الجنوب لإخضاع الشرعية لمطالب تخليها عن الجزر والموانئ لصالحها في ظل المحنة التي يعيشها اليمن عامة والجنوب خاصة تؤكد حتى لغير ذي البصيرة أن مشاريع هذه الدولة تنحصر في تدمير مقومات الدول العربية والإسلامية وتفتيتها وإثارة الحروب والفوضى فيها وهي سياسة وتوجهات دولية تشرف عليها وتخطط لها الصهيونية العالمية وتنفذها الأدوات وعلى رأسها الإمارات وهذا كفيل ليضع حداً لأحلام البعض الذين أوهمتهم الإمارات بأنهم سيصلون إلى الجزرة الموعودة وماعليهم إلا الاستمرار في السير إلى حيث تريد لهم.