هناك تعطيل متعمد لعمل كثير من الأجهزة الحكومية العاملة في مجالات تقديم الخدمات العامة التي يحتاجها المواطن في مختلف مناحي حياته اليومية وكل هذا التعطيل متعمد والغرض منه هو تهميش كل الأجهزة ذات العلاقة بحيث المواطن. وفي مثل الظروف التي تمر بها بلادنا بعد التحرير في المحافظات الجنوبية واستمرار الحرب في المحافظات الشمالية وتجاذب أطراف النزاع عجلة تسير الأمور نشأت الفرص المواتية لكثير من الجهات الممولة خارجياً سواء كانت لجهات تتبع لمنظمات دولية أو إقليمية أو محلية أو حتى تتبع لدولة معينة أو جمعية معروفة الاتجاه أو غامضة وغير معروفة الهوية ووجدت الفرصة مواتية لتحقيق ماّربها وطموحاتها التي تختلف باختلاف الجهة التي تتبعها ومصدر التمويل لها فمن هذه المنظمات ما يعمل من أجل ابتزاز الصدقات والهبات التي يفترض أن يتسلمها المواطن المحتاج كالمنظمات العاملة في الإغاثة الغذائية وهذا ملاحظ ومشهود فكثير من المواطنين الجوعى لا يتحصلون على ما يسد رمقهم في حين أن المساعدات التي تصل من أجلهم تباع في الأسواق السوداء جملة وتجزئة جهاراً نهاراً دون خوف من سلطة أو محاسبة وهذا الفعل جاري في المحافظات المحررة وكذا المحافظات الواقعة تحت السيطرة الحوثية. لهذا فمثل هؤلاء الأوصياء سواء كانوا من أبناء البلاد أو الوافدين وسواء كانوا في قمة المنظمة في الداخل أو الخارج أو في القاعدة التي تحتك مباشرة بالمواطنين وبتوزيع الفتات على المحتاجين هم من أصبحوا يثقل كاهل الجوعى وهم المتصرفون في صرف الصدقات والهبات ولهم الصلاحية في تحديد من هو المحتاج وهم في ذلك طالما ليست قيود يختارون من يشاؤون ويحجبون من يشاؤون ، وأصبحت عملية المساعدة تخضع للهوى والمحسوبية والرشوة وهذا ملموس بحيث تصل المساعدات لمن هم أقل حاجة في حين من هم أشد حاجة قد يحرمون منها . وهكذا في المجال الصحي والثقافي والتعليمي قد تصرف نفقات المخصصة لتلك الأغراض كرواتب وهبات وعلاوات في حين أن المجال الذي خصصت له المخصصات للنهوض به لا يمسه أدنى معالجة غير أمسيات وندوات يصرف فيها ما تبقى من الميزانية على هوامش غير عملية للمشاريع ويبقى الانجاز اعلان وصور وملفات وملصقات تعرض على الجهة الممولة دون أن تحقق أهدافها المرجوة والتي خصصت من أجلها تلك المشاريع. و يا للعجب كيف انتشرت المنظمات العاملة في الرقعة اليمنية وتعددت مسمياتها وأصنافها وهي غثاء لا تحقق ما هو مطلوب منها أن تحققه. والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو هل انتشار هذا الكم من المنظمات والجمعيات على اختلاف مشاربها ومقاصدها ينم عن وضع صحي ومجتمعي ناجح أم هو انعكاس لحالة الضياع الذي يعيشه المجتمع فكلف هؤلاء انفسهم أوصياء ليقوموا بدور المرافق المدنية التي ينبغي أن تقدم مثل تلك الخدمات المجتمعية. ومع كثرة المنظمات العاملة في مختلف القطاعات الخدمية مازال هناك قصور في كل الخدمات التي يحتاجها المواطن رغم التمويل المهول الذي يخصص لمثل تلك المنظمات التي تصرف في طرق غير واضحة ويبقى المواطن صاحب الحاجة فقير لتلك الخدمات التي تبقى شعارات واعلانات ترفق مندوبي المنظمات في حملاتهم التي هي في الغالب وهمية واستعراضية. عصام مريسي