قالوا قد أصحابنا في تعز بيتضاربوا عشان قالوا بتفتح سينما بالمدينة. تذكرت أيام زمان كان في حارة عندنا بعمران إسمها "المحناط" كان يحذرونا نروح لها وإذا أحد مشى من المنطقة هذه مايرجع البيت إلا وقد الخبر منتشر في الحارة أن فلان شافوه بالمحناط والسبب أنهم قالوا أن بهذا الشارع فتحوا سينما. مرت الأيام وكبرنا نكتشف بعدها أنها لم تكن سينما وطلعت طاولة بلياردو وكان معاهم تلفزيون يشغلوا فيه لعب أتاري. ولكننا عشنا سنوات طويلة مرعوبين من العبور من هذا الشارع خوفاً من تهمة أننا نروح سينما . من يحذرون الناس اليوم من السينما هم العايشين بعقلية شارع المحناط.. هولا لم يستوعبوا أن الجوال الذي بيدك هو شاشة سينما ودار عرض احترافية تقدر تشاهد فيه كل سينما العالم. لم يستوعبوا أنه أصبح في كل بيت سينما وفي كل بيت عالم دين وطبيب ووكالة أخبار من خلال شاشة التلفزيون. لم يستوعبوا أن أكبر مفتى وأكبر مرجعية تُطرح عليه الأسئلة وتعود الناس له في أي مسألة هو الشيخ جوجل .
هؤلاء يحذروك من السينما مع أنك لوسمعت ألف خطبة أو ألف محاضرة منهم عن حمزه إبن عبدالمطلب فلن يذهب خيالك إلا لفلم "الرسالة " وتظل تتفاخر بعمر المختار لأنك فقط شاهدته في فلم " أسد الصحراء" وكل هذه أفلام سينمائية التي يخوفنك من إسمها . هؤلاء لايعلمون أن السينما والدراما هي الأداة التي صارت تصيغ وعي الشعوب وتصنع قناعاته وتقود توجهاته.
هؤلاء عايشين في صراع مع الواقع يحاولون أن يسحبوا الزمن ليظل متوقف عندهم، تارة بإسم حماية الأعراف والتقاليد أو بتنصيب أنفسهم حراس الفضيلة.... أو أوووو لم ينجحوا في سباق الأمم وإيجاد بديل ينافس الأخرين ولم يتقبلوا العيش في واقع متغير. كل حرصهم أن لا يتجاوز الناس كلامهم وتوجيهاتهم. لا يعلموا بأن الأب صاحب العمر الكبير والتجارب صار يلجأ لأصغر أبنائه لكي يفهمه كيف يحفظ الرقم في التلفون وكيف يرسل رسالة.
إن لم تتقدم تتقادم، وإن أكثرت من النظر إلى الخلف تسقط.