إحترت كثيرا منذ فترة طويلة أن أبوح بما في داخلي من وجع وحسرة لما شاهدته وسمعته من قصص مأساوية لبعض الأسر اليمنية خلال زيارتي العلاجية للقاهرة ؛ لا أخفيكم أني ذات ليلة لم أتمكن من النوم لما عايشت من موقف إنساني ملئ بالوجع والألم على مترو القاهرة لحظة خروجي من الشقة التي كنت أسكن بها في روكسي لمراجعة الطبيب في عيادته في الدقي.. قد تكون تلك القصة أشبه بما ذكرت الإعلامية القديرة إخلاص القرشي في إحدى كتاباتها حول معاناة إحدى الأسر اليمنية.. لكن ما وجدته كان أكثر وجعاً ومأساةً من تلك السابقة.. إمراة يمنية في سن الشباب تبيع للراكبين على المترو مقتنيات عادية كالمنديل و توصيلات التلفونات وغيرها.. لم تكن المأساة هنا فحسب ولا عندما كانت تتنقل من مترو إلى آخر بل المأساة أني شاهدت على المشهد الآخر أن الكثير من العقارات قد اشتراها مسؤلون يمنيون .. نعم.. شقق وفلل أشتراها أولئك اللصوص المتاجرين بأوجاع و معاناة المواطنين.. يحكي لي أحد المقيمين في القاهرة أن فلان وفلان وفلان يملكون عقارات منذ الحرب والكارثة أنهم أشخاص يدعون الوطنية ويتغنوا بإسم الوطن وهمهم الوحيد هو كيف يكنزون الذهب والفضة والعقارات والمال ؛ مفارقة عجيبة أن تجد هناك من يملكون المال والعقار والمشاريع الاستثمارية التي كسبوها من الحرب وبين الأسر المشردة التي أجبرتها الحرب على مغادرة اليمن ولم تجد قوت يومها.. نعم.. اليوم أفصحت عن هذه المعاناة ليعرف الناس أن هناك تجار حروب لا يريدون للحرب في وطني أن تنتهي.. على أرصفة الشوارع وجدت أعداداً كبيرةً من الجرحى اليمنيين الذين يتلقون العلاج في مصر.. مصر العروبة والتاريخ التي ما أن تطأ فيها قدميك إلا وتشعر أنك وصلت إلى بلدك وبين أخوتك المصريين.. ليس من التزلف والمبالغة أن أقول أن مصر وشعبها الكريم العزيز يقدر ما تمر به اليمن من أوضاع إنسانية وسياسة بالغة التعقيد لذلك تجدهم يتعاملون مع من وصل إليهم بعين التقدير والإحترام.. لا يمكن لنا أن نرد الجميل لهذا البلد الأمين الذين قال الله سبحان وتعالى( اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم) وكذلك قوله( أدخلوا مصر ان شاء الله آمنين) .. هل يعلم تجار الحروب في اليمن أن المواطنين يموتون جوعا في الداخل والخارج جراء انقطاع المرتبات و استمرار الحرب التي افتعلتها مليشيا الإنقلاب .. هل يعرف من لايزالوا يعملوا مع الحوثي أنهم سبب رئيسي في استمرار الحرب؟ يجب أن تتوقف الحرب ويحاسب كل لص ومجرم لما تركوا من جروح غائرة وأدخلوا الحزن والوجع إلى كل منزل.. يجب أن يحاسب اللصوص الذين نهبوا مستحقات الناس بما فيهم الذين يظهروا على شاشة التلفاز بقناع الوطنية وهو في الحقيقة مجرد مرتزقة لصوص.. يجب أن يقف الجميع إلى جانب شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي حتى نتمكن الخروج من هذا المأزق الكبير.. علينا أن نتكاتف لمواجهة عصابة الإنقلاب واللصوص الذين قفزوا على الشرعية وتعودوا التطبيل مع الحاكم في كل زمان ومكان .. يجب أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها الوطنية والإخلاقية تجاه المواطن واستقبال كل الذين ينظموا إليها.. وللأسف الشديد هناك مسؤولين في الشرعية يتعاملون كما لو أن هذه المؤسسة أو تلك ملكية خاصة لهم ويمارسون ما تمارسه مليشيا الإنقلاب دون حسيب أو رقيب وأصبحوا نسخة من حكومة الحوثي.. أتقوا الله في هذا الشعب المذبوح من الوريد إلى الوريد والمغدور الذي يتكبد مرارة الحياة والبحث عن لقمة العيش التي أصبح الحصول عليها اليوم بحكم المستحيل.. على قارعة الطريق نرى المآسي وتتزداد معها أنات و صرخات الجوعى فقد تعددت قصص الأسر اليمنية في المهجر لكن المعاناة والوجع واحد.. حفظ الله اليمن من كل شر ومكروه.