قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    34 ألف شهيد في غزة منذ بداية الحرب والمجازر متواصلة    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    الخميني والتصوف    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    الريال ينتظر هدية جيرونا لحسم لقب الدوري الإسباني أمام قادش    أول تعليق من رونالدو بعد التأهل لنهائي كأس الملك    جامعة صنعاء تثير السخرية بعد إعلانها إستقبال طلاب الجامعات الأمريكية مجانا (وثيقة)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    مقتل واصابة 30 في حادث سير مروع بمحافظة عمران    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    الانتقالي يتراجع عن الانقلاب على الشرعية في عدن.. ويكشف عن قرار لعيدروس الزبيدي    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    غارسيا يتحدث عن مستقبله    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    الكشف عن قضية الصحفي صالح الحنشي عقب تعرضه للمضايقات    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    الرئيس الزُبيدي يعزي رئيس الإمارات بوفاة عمه    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مأرب ..ورشة عمل ل 20 شخصية من المؤثرين والفاعلين في ملف الطرقات المغلقة    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    رئيس الوزراء يؤكد الحرص على حل مشاكل العمال وإنصافهم وتخفيف معاناتهم    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آفاق الوحدة اليمنية
نشر في عدن الغد يوم 02 - 03 - 2019

عمليا في مايو 1990م لم تتم الوحدة بين عدن و صنعاء ، الذي حصل هو ضم المؤسسات المدنية و العسكرية و الامنية لليمن الجنوبي الى المؤسسات المدنية والعسكرية و الامنية لليمن الشمالي . لهذا أستمروا في الحفاظ على التوجهات السياسية و الفكرية و الايديولوجية القائمة و المختلفة في كلا الشطرين و بالذات العقيدة العسكرية ، كذلك أنماط العمل و مستوى الكفاءات المهنية في كلا الشطرين كانت مختلاف . أدت هذه الاختلافات منذ البداية الى انقسام في الولاءات بين موظفي الدولة من المدنيين أو العسكريين ، أما الى الشمال (صنعاء) أو الى الجنوب (عدن) ، بالاضافة الى الولاءات الجهوية و الشخصية و القبلية . لقد تركت هذه التناقضات بصماتها السلبية على العلاقات بين الشريكين ( في صنع الوحدة اليمنية ) المؤتمر الشعبي العام و الحزب الاشتراكي اليمني وخلقت هذه التوترات والأزمات السياسية بينهما ، والتي تصاعدت في وقت لاحق إلى خلافات عدائية - قتل وخطف واعتقال قادة من أعضاء الحزب الاشتراكي أوالمتعاونين معه . هذا الوضع المتوتر أدى إلى حرب 1994. و أعقب تلك الحرب تدابير إنتقامية ضد منتسبي الأمن بالذات من أبناء الجنوب و الموظفين في الاجهزة الحكومية الموالين للحزب الاشتراكي من أبناء الجنوب و ذلك من خلال فصلهم من العمل او إحالتهم الى التقاعد في سن مبكر أو الأعتقال .
و من اخطر نتائج حرب (1994) هي ان العقيدة الأمنية بعد الحرب اصبحت تتسم بالولاء الشخصي ، القبلي ، العشائري ، الجهوي . اضف الى ذلك اثناء حرب (1994) استخدمت السلطة مجموعات من التنظيمات الجهادية ( من تنظيم القاعدة و غيرها من التنظيمات الارهابية - الجهادية ). لمحاربة ابناء الجنوب و قيادات و كوادر الحزب الاشتراكي و شركائه بصفتهم كفار ملحدة . بعد الحرب تم دمج تلك القيادات و الكوادر من التنظيمات الجهادية في اجهزة الدولة ، بما فيها الأجهزة الامنية . فعندما بدأ المواطنون من جنوب اليمن (2007) بالاعتصامات والمسيرات والمظاهرات السلمية احتجاجاً على سوء معاملتهم و عدم مساواتهم مع الشماليين في الحقوق و الواجبات من قبل الحكومة المركزية في صنعاء التي يسيطر عليها الشماليين فقط . استخدمت السلطة هذه القوة الامنية المختلطة بالجهاديين ( الارهابيين ) لقمع المحتجين ضد النظام أثناء مشاركتهم في الاعتصامات و المسيرات السلمية .
إذاً صار نشاط هذه الاجهزة الامنية ( المطعمة بالعناصر الجهادية ) يتصادم مع مسؤولياتها في حماية الحقوق و الحريات للمواطنين . هذا الوضع فرض على القوى الوطنية المطالبة بتنحية قيادات هذه الأجهزة و العمل على اصلاح الجهاز الأمني ، بالفعل اصدرت السلطات اليمنية قرارات تقضي بتغيير مدراء الأمن في عدة محافظات ، لكن هذا لا يكفي لان اصلاح الجهاز الأمني يتطلب بالضرورة الى إصلاح النظام السياسي بشكل عام .
فشلت السلطات الرسمية في اصلاح الجهاز الأمني ، هذا ادى الى اتساع دائرة المطالبة بإصلاح النظام السياسي بشكل عام ، و لمواجهة هذه المطالب لجأت الحكومة مرة اخرى الى استخدمت هذه القوة الامنية المختلطة بالجهاديين ، لقمع المحتجين و قامت تلك القوة الامنية بكل عمل اجرامي و بما يتنافى مع القيم و مبادئ حقوق الانسان ، من ضرب و قمع حريات التجمع و التعبير الى اعتقال الصحفيين و الناشطين سياسيا . هذه الانتهاكات خلقت اجواء من الخوف ، و قادت بالبلاد الى دوامة من القمع و الاحتجاجات الى ان قامت ثورة فبراير 2011 التي طالبت باسقاط الرئيس صالح و نظامه .
استخدمت السلطة القوة المفرطة ، نتيجتها فقدت قدرتها في السيطرة على الوضع ، حتى اصبحت دولة فاشلة و غير قادرة على اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها ، وعجزت ايضا عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة. هذا الوضع الردئ حول النخبة الحاكمة و شيوخ القبائل التي بيدها مقاليد الأمور إلى مايشبه العصابات والتنظيمات المافاوية ولائها لمن يدفع أكثر ويضمن لهم السلطة والنفوذ والمركز الاجتماعي في مناطقهم . النخبة اليمنية على علم برغبات القوى الخارجية ، التي تريد من النخبة اليمنية أن تكون مخلصة لها، وليس لوطنهم. وهي تجبرهم على عدم الاعتراف بمصالح اليمن واليمنيين. إن الشعب اليمني لا يعني شيئا للنخبة السياسية والقبلية ما دامت مزارعهم تنتج القات وما زالت الأسلحة في أيديهم.
بعد ثورة فبراير 2011 عمت الفوضى اليمن ، تدخل مجلس التعاون الخليجي و قدم مشروع اتفاقية سياسية تسمى " المبادرة الخليجية " في 03 أبريل 2011 بموجبها عُطل الدستور و أعتبرت المبادرة الخليجية دستورا لادارة البلاد ، و بموجبه ايضا اصبح عبدربه منصور هادي رئيسا للجمهورية في 12 فبراير 2012 .
22‏/01‏/2015 وضعت جماعة الحوثي الرئيس هادي تحت الإقامة الجبرية ، قدم هادي استقالته إلى مجلس النواب ، لكن البرلمان لم يعقد جلسة لقبول الاستقالة أو رفضها. ظل هادي قيد الإقامة الجبرية إلى أن فر من صنعاء متجها الى عدن 21 فبراير 2015، وأعلن من عدن سحب أستقالته ، ولا يُعرف الموقف القانوني من سلامة هذه الخطوة، خاصة وأن المادة (115) من الدستور تنص على أن البرلمان هو المعني بالبت في موضوع الاستقالة إما بالقبول أو الرفض.
اصدر هادي بياناً جاء فيه " أن جميع القرارات التي أتخذتها السلطة من 21 سبتمبر 2014 باطلة ولا شرعية لها ، أي من يوم تمكن الحوثيون من احتلال المباني الحكومية في صنعاء وإحكام السيطرة عليها ، ويقصد بالذات اتفاق "السلم و الشراكة " . ودعا هادي لانعقاد اجتماع " الهيئة الوطنية للحوار " في عدن أو تعز . جدد هادي التزامه بالمبادرة الخليجية ، و اصدر هادي بيانا طالب فيه المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات لحماية العملية السياسية ورفض ما وصفه بالانقلاب . في مارس 2015 بدأت حرب "عاصفة الحزم " ضد المعارضين للرئيس هادي و الى اليوم لم تشهد اليمن الاستقرار الامني أو السياسي أو الاقتصادي .
انزلقت اليمن أكثر نحو الحرب خاصة بعد سيطرت جماعة ( انصار الله ) الموالية لايران على المدينتين الهامتين في جنوب اليمن مدينة تعز و مدينة عدن . وجه الرئيس هادي نداء الى المجتمع الدولي لمناصرته و التدخل عسكريا لحمايته ، فأستجاب مجلس الامن لنداء الرئيس هادي فأصدر مجلس الامن قرارات مؤيدة للرئيس هادي ، تحت مظلت هذه القرارات الاممية بدأ الغزو على اليمن ، تدخلت الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد الاوروبي و عدد من الدول العربية في الصراع الداخلي اليمني . و بدأت العمليات العسكرية التي كانت تسمى عاصفة الحزم (Storm of Resolve ) ، ثم تغير اسمها الى إعادة الامل (Arabic Rehabilitation of Hope) و هاتين الحربين هما السبب في الأزمة الإنسانية الكارثية في اليمن . انطلقت تلك الحروب باذن من مجلس الامن الدولي ، منها قرار رقم 2216 (أبريل 2016) ، والذي امتنعت روسيا عن التصويت عليه ، روسيا توقعت المآسي التي ستخلفها تلك القرارات . و اخذ التحالف الصفة الشرعية و القانونية من تلك القرارات الاممية لتدمير أفقر بلدان منطقة الشرق الأوسط في كل المجالات ، فضلاً عن الأزمة الإنسانية التي تؤدي إلى متاعب خطيرة في البلاد. الحرب في الاعوام الاخيرة أدى إلى مقتل الآلاف من الناس. و للأسف ان الحقائق السياسية على الأرض تشير الى إن إمكانية السلام غير محتملة في الوقت القريب .
أطلق على الحرب الاهلية في اليمن الى وقت قريب اسم "الحرب المنسية" حيث لم يعطي المجتمع الدولي أي اهتمام بهذه الحرب التي تحدث في هذا البلد الشرق أوسطي. لكن بعد وصول الحرب الاهلية في اليمن الى طريق مسدود في عام 2018 ، والدليل على ذلك هو فشل كل محادثات السلام بدأً من المحادثات الكويتية حتى جنيف و التي كانت تحت رعاية الأمم المتحدة . و قريبا ستلحق الهزائم بتجربة المبعوث الاممي الاخير السيد مارتن غريفيث ، ان لم يؤسس بهذا النهج ، الغير صحيح الذي يتبعه الان ، ارضية صالحة لقيام حرب طويلة في اليمن . هذا لا نتمناه نحن اليمنيين و لا المجتمع الدولي المُحِب للسلام. كل محاولات الأمم المتحدة باءت بالفشل ، لجهل مؤسساتها و مبعوثيها طبيعة الصراع و جذور الازمة اليمنية ، و هذا السبب الرئيسي في فشلهم في تقديم حلول ناجحة للازمة اليمنية .
بدأت الحرب الأهلية في اليمن منذو ان أحتل " أنصار الله " المعتنقين للمذهب الزيدي ( أحد فروع المذهب الشيعي ) مدينة تعز و مدينة عدن التي كل سكانها من معتنقي المذهب السني . الزيود الشيعة يشكلون أكبر اقلية في شمال البلاد ( الجمهورية العربية اليمنية سابقا ) . و قد تقاتلت هذه القبائل الشيعية الزيدية عدة مرات مع القبائل السنية على النفوذ و الحكم ، نذكر ان بريطانيا قد شاركت في بعض من هذه المعارك تضامنا مع القبائل السنية في مقاطعة الضالع و مقاطعة البيضاء . و نعلم ايضا ان كل حكام صنعاء قبل و بعد الثورة كانوا دائما من رموز القبائل الشيعية الزيدية و لا يمكن ان تقبل صنعاء حاكما عليها من رموز القبائل السنية . فلما أتى الرئيس هادي ( صحيح هو لم يكن من رموز القبائل السنية ) لكنه محسوب عليها .
القبائل الشيعية الزيدية لم ترفض هادي علنا ، لكن كان غير مرغوب به . وأخيرا استولوا انصار الله الشيعة على العاصمة اليمنية صنعاء . و وضعوا الرئيس عبد ربه منصور هادي في البداية تحت الإقامة الجبرية ثم استطاع هادي من الفرار إلى عدن . و بدأت الاشتباكات في تلك المدن الجنوبية بين انصار الله و الرئيس عبدربه منصور هادي وعلى اثرها هزم الرئيس هادي وهرب الى السعودية . بدأ التدخل الواسع النطاق للرياض ( مع حلفائها ) عن طريق الضربات الجوية للسيطرة على الحوثيين و عودة هادي الى عدن ، لكن الحرب الأهلية بين الحوثيين وقوات الرئيس عبدربه منصور هادي استمرت وأصبحت أكثر شراسة مع الايام . للاسف الحرب الأهلية في اليمن الى وقت قريب كانت تسمى "الحرب المنسية" ، رغم بشاعة الحرب و قساوتها .
في 02 أكتوبر 2018 حصلت حادثة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا . وعم الغضب المجتمع الدولي على اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي فتذكر المجتمع الدولي أو بالاصح اللاعبين الاساسيين دوليا و اقليميا ، "الحرب المنسية" في اليمن . و هذا لم يكن حرصا منهم على سلامة اليمن ، لكن خوفا من ان ينقلب عليهم غضب المجتمع الدولي ، وتتزايد الضغوط الدولية على التحالف السعودي – الامريكي لوقف الحرب على اليمن التي بلغت ابشع الصورها ، مثل ما انقلب المجتمع الدولي على السعودية بسبب جمال خاشقجي .
اللاعبين الاساسيين في الازمة اليمنية ، هم على المستوى الاقليمي السعودية الامارات ايران قطر تركيا وعلى المستوى الدولي امريكا بريطانيا فرنسا . هذا الكم الواسع من اللاعبين ، دوليا و اقليميا ايضا اعاق و سوف يعيق ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن . اضف الى ذلك، من المشاكل التي يواجهها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة هو عدم تجانس الاطراف المتنازعة داخليا ( يمنيا ) ، و هذا النزاع مرتبط بتوزيع السلطة وتعريف النظام السياسي المنشود . حيث كل طرف يطلب حصة من السلطة. و هذا الامر ليس بالجديد نتذكر الخلافات بين الرئيس عبدرحمن الارياني و شيوخ القبائل (فئة الاوليجاركية) و القيادات العسكرية 1967 و ما ترتب عنها من احداث ابتدأً بأستقالة رئيس الوزراء حينها أحمد محمد نعمان ثم استقالة الرئيس الجمهورية عبدرحمن الارياني و التحضير للانتفاضة أو ما عرف ب "حرب المناطق الوسطى " بقيادة National Democratic Front Rebellion ، التي بدأت في 26 يونيو 1968 بقيادة الحزب الديمقراطي الثوري اليمني و الذي ظهر على أنقاض حركة القوميين العرب و انتهت الحرب رسميا في يونيو 1982، بعد أن سقط ضحيتها آلاف البشر ودمّرت آلاف المنازل . جغرافيا المناطق الوسطى تشمل( إب، تعز، ريمة، الضالع، ذمار والحديدة ) . ايضا لا ننسى أنتفاضة قبيلة الزرانيق على الإمام يحيى حميد الدين 1925 ، و كذا لا ننسى العدوان(القصف الجوي) و التدخل البريطاني في احداث منطقة تهامة ( من مدنها مدينة الحديدة ) التي كانت بريطانيا تطمع في احتلالها في العشرينات و الثلاثينات من القرن الماضي .
و هنا نسأل السيد مارتن غريفيث هل تكمن مهمة الامم المتحدة في نشر قواتها لمنع الاشتباكات وفتح ممرات آمنة و جعل الميناء الحديدة تحت إدارة دولية ، لضمان وصول المساعدات القادمة من ميناء الحديدة الى المدن و القرى المحتاجة لها . إذا كان هكذا ، فالقوات الاممية مقبول لان عدد المراقبين الامميين حسب الاتفاق قليل ، بعدد اصابع اليد وبدون سلاح. الى الان لا يوجد خطر من انتشار قوات دولية في الحديدة ، لكن عندما تتعذر فرض السيطرة و تنفيذ اتفاقية السويد هل يتم زيادة عدد المراقبين الدوليين ، حاليا فقد تجاوز عددهم على ما أقر في تفاهمات استكهولم، التي حددت نشر المراقبين بشكل رمزي إشرافي . لكن الاخطر ما بعد ذلك ، اذا لم يتم تنفيذ اتفاق السويد ( المبهم و الغير واضح و يمكن تفسيرة بطرق عدة ) بأي شكل من الاشكال ، هل ستقوم الامم المتحدة بزيادة عدد المراقبين و اتخاذ قرار أممي ملزما تحت البند السابع لتنفيذ اتفاق السويد ، بالتالي ستكون الحديده وبقية السواحل اليمنية تحت الوصاية الأممية. هنا يفقد الطرفان ( الحوثي و الشرعية ) السيطرة على الساحل . بمرور الوقت و تحت مظلة القوات الدولية قد تتحول الادارة الدولية في الحديدة ، الى انتداب ، ثم الى استعمار و فقدان السيادة الوطنية .




ان لقاء السويد ايجابي بشكل عام لو اتخذناه كخطوة تمهيدية للحل السياسي الشامل، و نتمنى أن يضاف الى قراراته عقوبات على من لا يحترم وقف إطلاق النار، و الغاء كل القرارات الدولية السابقة المشرعة للعدوان على بلد عضو في الامم المتحدة ذات سيادة . و الاعتراف ان الصراع في اليمن هو صراع يمني – يمني . لكن تفاهمات استكهولم تعتبر خطوة نحو السلام . و انصح المبعوث الدولي ان يقرأ تاريخ الصراع في اليمن في العصر الحديث و اطراف الصراع في اليمن ثلاث ، حسب الموقع الجغرافي شمال ، وسط ، جنوب.
لذا نطلب من ممثل الامين العام للامم المتحدة تطوير و مواصلت مساعيه الحميدة من خلال الخطوات العملية وهي :
1 وقف اطلاق النار في كل عموم اليمن . الاعتراف بأن ما يحصل في اليمن هي حرب اهلية ، بدأت في عام 1994 و تأزمت أكثر و أكثر في عام 2015 . تعقدت نهائيا ووصلت الى طريق مسدود بعد تدويلها بقرارات اممية من مجلس الأمن و التي شرعنت الاعتداء على السيادة الوطنية و تدمير كل البنى الاقتصادية و الامنية و الثقافية و حتى الانسان اليمني . بالتالي يجب الغاء كل تلك القرارات الظالمة و عدم التدخل في الشأن اليمني .
2 فك الارتباط بين الجمهورية العربية اليمنية و جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية و ما تم اعلانه في 22 مايو 1990 لم تكن وحدة بين نظامين متجانسين . لكن تم ضم المؤسسات المدنية و العسكرية و الامنية لليمن الجنوبي الى المؤسسات المدنية و العسكرية و الامنية لليمن الشمالي . برغم معرفة الطرفين بوجود الاختلافات بين النظامين المكونين لدولة الوحدة . نتيجة لهذه الاختلافات بدأ الصراع السياسي بين ما يسمى بمكونات الوحدة من العام الاول للوحدة ، التي تمثلت من خلال المسيرات و المظاهرات و الاجتماعات و المؤتمرات البة بدأت في 09 أكتوبر 1991 . آخرها كان 12 مايو 1992 و التي بلغ عددها 11 مسيرة و اجتماعا . عبرت هذه الاحتجاجات على رفضها لتردي الحالة الامنية و العنف و الارهاب و الاغتيالات السياسية و كذا لتردي الظروف السياسية و الاقتصادية بشكل عام . و لا ننسى في هذه الفترة ظهرت خلافات بين الحزبين الحاكمين بشأن دمج القوات المسلحة و تطبيق قانون الاحزاب السياسية . هذه الخلافات يجب ان تحدث لان الوحدة لم تتم بشكل صحيح . الوحدة جاءت لتلبية رغبات ذاتية عند الرئيس علي عبدالله صالح و علي سالم البيض ، لا استجابة للمتغيرات الداخلية و الخارجية الطارئة . و لكي لا تتأزم العلاقات أكثر بين الشطرين و نفقد اليمن بشكل كامل لابد من فك الارتباط . على كل شطر ان يرتب بيته الداخلي اولا و بعد ذلك ممكن التفكير بالوحدة .
3 يجب الاعتراف بأن سكان المنطقة الوسطى المعتنقة للمذهب السني من الجمهورية العربية اليمنية يعانون الظلم و الاضطهاد من أبناء الهضبة الشمالية المعتنقة للمذهب الشيعي الزيدي . سعيهم للانفصال عن الشمال الزيدي ظهر بشكل واضح و عملي بعد مؤتمر جبلة 1968 . للاسف عندما هرب أبناء المنطقة الوسطى السنية من الجمهورية العربية اليمنية نتيجة للاضطهاد الشيعي الزيدي الى الشطر الجنوبي مارسوا مع أبناء الجنوب ما كان يمارس ضدهم في الشمال من قمع و اضطهاد و تآمر ( تحت شعارات سياسية دون مبرر مثلا : يميني ، يميني متطرف ، يساري متطرف ..الخ ) و نلمس ذلك من خلال التصفيات الجسدية للمناضلين منذ المؤتمر الرابع للجبهة القومية 1968 حتى احداث 1994 و ما بعدها . لذا نرى ضرورة دعمهم في خلق كيان سياسي مستقل لهم في المنطقة الوسطى من الجمهورية العربية اليمنية .
4 أمن المملكة العربية السعودية من الضروري الاهتمام به . هي الجار و الأخ الأكبر لليمن يجب تحديده وفق معاهدات ترضي الطرفين مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية للطرف الاخر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.