منذ فجر التاريخ شكلت الملكية جوهر الصراعات والمحرك لها لما توفره من قوة وسيطرة , ولهذا يعتبر العامل الاقتصادي العامل الحاسم في الصراعات .. ومع التطور واتساع الملكية اصبحت اداة هامه ضد الخصوم من خلال تقديم الهبات والهدايا لتحييد او كسب الانصار في الصراع , واتضح ذلك في العصور الوسطى حين اشتد الصراع في اوروبا بين الملوك والامراء والنبلاء لتوسيع رقعة الحكم وامتلاك اراض جديده , ووضع واخضاع الاقطاعيات والامارات الصغيرة تحت حكم هذا الملك او ذلك الامير .. وفي وطننا العربي كانت الامور تسير بنفس الشكل تقريباً مع الآخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المجتمعية والثقافية والحضارية .. ومع التطور الا قتصادي وظهور النقد كوسيلة تبادل وقيمة للسلع والمنتجات , برز المال كأحدى الوسائل في ادارة الصراعات المجتمعية , والمنافسات والصراعات السياسية جزء من الصراع المجتمعي بل والابرز والاهم فيه , حضر المال في هذه المنافسات والصراعات , وظهر مصطلح ( المال السياسي ) ليلعب دوراً هاماً في التحكم وادارة – وربما حسم – الصراعات السياسية .. ويظهر دور المال السياسي اثناء فترة الانتخابات ( رئاسية , برلمانية , محلية ,... الخ ) ويستخدم من اجل التأثير على نتائج الانتخابات وشراء الاصوات واقامة المهرجانات والدعاية الانتخابية واستخدام وسائل الاعلام , وغيرها من الاساليب , من اجل الفوز بهذا التنافس , فيتم ضخ المال من الدولة ( النظام الحاكم ) ورجال الاعمال والقطاع الخاص والوجاهات الاجتماعية , فالنظام الحاكم ( اكان عائلي او حزب او تنظيم او جبهة .. او غيرها من الاشكال الحاكمة ) يستخدم المال السياسي لأحكام سيطرته والاستمرار بالحكم والحصول على صلاحيات اكثر ويبدو ذلك واضحاً في السعي للحصول على الاغلبية في البرلمان .. كما يدخل المال السياسي في العملية السياسية والانتخابية عن طريق رجال الاعمال والقطاع الخاص والوجاهات الاجتماعية لتعزز وجودها ودورها في الحياة السياسية لحماية مصالحها الاقتصادية والاجتماعية , ومن هذه النقطة تنشأ العلاقة بين القوى السياسية والقوى الاقتصادية التجارية – وهي علاقة مصالح – ويشكل كل طرف داعماً للآخر ومستفيداً منه بالضرورة .. اما الصراعات السياسية الحاده والتي غالباً ماتكون بين الدولة ( النظام الحاكم ) وبين المعارضين – وتنتفي منه صفة التنافس – ليتطور الى صراع من اجل فرض وتحقيق اهداف متناقضة , فكل طرف يسعى الى هدفه والذي يتعارض ويختلف جذرياً عن هدف الطرف الآخر , الى حد الوصول لالغاء الطرف الآخر , ويتدرج هذا الصراع من الشكل السلمي الى المسلح , وتستخدم الدوله ( النظام الحاكم ) قوتها ونفوذها وعلاقاتها وامكانياتها لحسم الصراع لصالحها من خلال استخدام وسائل واساليب عدة , ومنها المال السياسي , من اجل اختراق المعارضين وتفكيكهم , وقد تنجح الدولة ( النظام الحاكم ) في هذا عند البعض ممن يضعفون امام اغراء المال وسطوته , كما يبرز المال السياسي في حشد المجتمع ووسائل الاعلام ضد المعارضين وتشويههم, ومن جهه اخرى تجميل صورة النظام الحاكم في الداخل والخارج .. ومع احتدام الصراع بين النظام والمعارضين , ومن اجل التخلص من الاقوياء والمؤثرين منهم خاصة , يتم استخدام المال للدفع للقتلة المأجورين للقيام بعمليات اغتيالات وتصفيات , وحينها تضاف الى المال السياسي صفة المال القذر . وللحديث بقية