زيارة مسئول في الخارجية الإيرانية إلى قطر وسلطنة عمان والكويت ليست كما أعلن عنها أنها من أجل التعاون وعدم الاعتداء, فأي تعاون يتحدثون عنه! واعتداء من على من! إن لم يكن المستهدف هو مجلس التعاون الخليجي فإن التعاون الذي تطلبه إيران يتعلق بتهريب نفطها عبر مضيق هرمز وتوصيله للمتعاقدين عبر طرف ثالث هو الدول الثلاث أو بيعه على ناقلات تائهة تجوب البحار والمحيطات تطلب رزقها تبحث عن غنائم بأبخس الأثمان, أو توزيعه على المساكين وأبناء السبيل في أسواق المعدمين في آسيا وإفريقيا. والاعتداء من يضمن عدم حدوثه إذا اشتعلت منطقة الخليج بنيران الحرب تشترك فيها مباشرة القواعد العسكرية الأمريكية في عمانوقطر والكويت؟! أم سيطلبون منها الحيادية وأن تقف موقف المتفرج! وإذا أمكنهم ذلك فإنه من السهل عليهم أن يأمروا القواعد العسكرية الأمريكية بالمغادرة من اجل سواد عيون إيران التي تدعي أن مسئولية أمن الخليج ومضيق هرمز يقع على عاتقها وحدها بدرجة أولى أساسية لأنها هي الأقوى. ربما من خلال زيارة نائب وزير خارجيتها, إيران تطلب من الدول الثلاث قطروعمان والكويت أن يناقشوا مع الكونجرس الأمريكي والبيت الأبيض على الأقل عدم إشراك القواعد الأمريكية في أية مواجهة عسكرية ضدها لما تسميه عدم اعتداء إن لم يستطيعوا مناقشة إنهاء القواعد الأجنبية في بلدانهم وتسحب أمريكا قواتها من المنطقة, وذلك لخفض التصعيد في الخليج إن توفرت الرغبة في الحل السياسي واللجوء إلى الحوار. وإن لم يحدث أي من الأمرين فإنه لاشك يدل على أن الثلاث الدول قطروعمان والكويت لا يأتمنون إيران على حياتهم كما أنهم لا يثقون بها على أمن الخليج. وفي ظل غياب روح الثقة والأمان لدى الدول الثلاث تجاه إيران فإن الاعتداء أمر وارد ومؤكد رغم أنف الكاذبين. لكن الضربات القوية الخاطفة المتتالية على إيران من كل القوات الأمريكية القريبة والبعيدة قد تفاجئ إيران وتشل تفكيرها وحركتها فلن يتسنى لها الرد على القواعد المتواجدة في الدول الثلاث قطروعمان والكويت فيقال أن إيران أوفت بعهدها بعدم الاعتداء عليهم, ومن حسن حظهم أن يكونوا مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي بمأمن ضمن أمن الخليج بحماية الناتو العربي والبنتاغون, وتكون آخر حرب خليجية على الإطلاق وإلى الأبد.
أمريكا على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو أكدت أكثر من مرة أن المواجهة مع إيران تتطلب وحدة الصف العربي الخليجي لتحقيق نصر حاسم وسريع وأكدت على ضرورة عودة قطر للصف العربي. ولعرقلة إيفاء قطر بالتزاماتها تجاه دول المقاطعة الأربع السعودية ومصر والإمارات والبحرين, بل ولتوسيع الصدع بين الطرفين إن لم يكن إحداث شق في مجلس التعاون الخليجي قام نائب وزير خارجية إيران لزيارة الدول الخليجية الثلاث قطروعمان والكويت لخلق مزيد من التناقضات حول إيران وتوسيع دائرة الخلافات البينية فيما بينهم بقضايا جانبية ليشغلهم بأنفسهم في القمتين المزمع انعقادها في مكةالمكرمة في الثلاثين من مايو الجاري 2019م, حيث التكهنات تدور حول مستقبل مجلس التعاون الخليجي ومصيره عما إذا كان هو المستهدف حاليا أكثر من أي وقت مضى من قبل إيران. قد يتعرض للانقسام إلى نصفين ثلاثة مقابل ثلاثة ويصبح مجلسين أو كتلتين في كل منهما ثلاث دول, قطروعمان والكويت من جهة, والسعودية والإمارات والبحرين من جهة ثانية هذا ما تخطط له إيران منذ زمن بعيد. وعربيا قد ينضم إلى كتلة قطر كل من الصومال وجيبوتي وحكومة السراج في ليبيا.
القضية قضية وجود, إما الاستسلام لمصير نحو الانحلال والذوبان بفعل قوة مفرطة وغطرسة جامحة من قبل إيران يشهد عليها المجتمع الدولي بأسره, وإما الصمود ومواجهة إيران بحزم وقوة وردعها قبل أن ترتكب حماقات بحق الدول العربية, ولابد من التصعيد وتشديد العقوبات عليها حتى تغير لهجة التحدي وتبدي ليون في التعامل وميول صادق نحو السلام في أسرع وقت ممكن.