عقب حرب 6 اكتوبر 1973 بين العرب والكيان الصهيوني وبعد التراجع النسبي الذي تعرضت له اسرائيل في الايام الاولى للحرب يقال ان النظام الاسرائيلي طور طريقية إدارية جديدة للتعامل مع المواقف والاحداث التي تواجهها البلاد ورمز لها ب *الصوت العاشر*. الصوت العاشر هي استراتيجية إدارية لمناقشة الامور بحيث لو طرحت اي قضية للنقاش وكان هناك اجماع عليها من قبل الحضور فان آخر من يبدو رايه أو"الصوت الاخير" يعترض ويدافع عن رايه بشراسة حتى لو كان مقتنع بما قاله من كان قبله . يكمن جوهر الفكرة في تبيان مكامن الخلل والخروج من سيكلوجية الجماهير وثقافة القطيع والتي تسيطر على عقولنا وتكون هي الفيصل في اتخاذ الكثير من القرارت . البشر في الغالب يغلب عليهم فكرة الجماعة او الاكثرية او اذا شئنا سميناها ثقافة القطيع كما اننا كبشر اقصائيين بطبعنا وهذا ما ادركته الكثير من الامم والشعوب المتطورة والتي حاربت الاقصاء بإستراتجيات متعددة .. اما في مجتمعاتنا العربية الاقصائية لم نتجاوز هذه العقبة ابدا . في اليمن والجنوب وحضرموت وصلنا الى مرحلة اكثر خطورة وجنونا وتطرفا فلم نعد نرفض الاخر بل نخون صاحب الراي الاخر والمعترض مهما كانت دوافعه او مبرراته واصبح مستهدف في حياته وكل مايملك . لكي تكون وطنيا واعيا مثقفا يجب ان تسمع مايقوله الزعيم صاحب القوة او شيخ القبيلة او رجل المال او من يمتلك السلاح اصبحت النخب مطبلة تتبع مجموعة من الاقصائين الشموليين الذي لايقبلوا بالرأي الاخر . في ما سبق طور الفكر الاقصائي المجنون شعارات من اجل اقصاء الخصوم كان ابرزها لاصوت يعلو فوق صوت المعركة وفي اماكن اخرى لاصوت يعلو فوق صوت الحزب واحيانا اخرى لاصوت يعلو فوق صوت الحق والذي هو في الحقيقية رأي امير الجماعة المتطرفة والتي اختزلت الحق في رأي فقهي او تفسير شاذ لاحد الدعاة والذي سرعان مايتم التراجع عنه مع اول اختبار حقيقي على ارض الواقع . اما مع الجماعات السياسية و حتى التجارية التي لاتمتلك قوة قمعية فيكون مصير المعترض وصاحب الراي المخالف التخوين وتشوية السمعة واحيانا الاقصاء والمحاربة المعنوية والتي تجعل النخب تعيش حالة ارهاب فكري ورعب تحول افضل العقول الى شوية مطبلاتية . في اليمن والجنوب وحضرموت كانت نتيجة الفكر الاقصائي المتطرف الذي لايقبل النقد كارثية حروب متعددة وتصفيات جسدية وخلو البلد من خيرة رجالها لان افضل الرجال لن يقبلوا المشاركة في هذا العبث والعيش في وطن يتحكم فيه مجموعة من المجانين وفي الاخير وحدة عبثية جلعت من اليمن سجن كبيرة . اليوم ونحن نعيش هذه المأساة مازلنا نعيش في هذا المستنقع ومازلنا نعيش حالة الارهاب الفكري فان كنت صاحب رأي فانت مشاغب و ان كانت لديك رؤية فانت متفلسف اذا اردت العيش فما عليك الا ان تمدح وتبحث عن من يملك السلاح او الشعبية واغدق عليه بالمدح والتطبيل حتى لو استعنت بالفوتوشوب لاستعراض منجزات الزعيم المخلص .