لم يروقني السجال الساخن الذي تشهده مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصري المجلس الانتقالي الجنوبي ونشطاء ومناصري حزب التجمع اليمني للاصلاح عند كل حدث او حادثة تشهدها البلاد. فسجال نقاشات بل "مناقرة" الطرفين حول هذا الامر او ذاك عادة مايكون عقيما لم يعدو معايرة كل طرف الطرف الآخر بوقائع وحوادث سابقة والاتهامات بالخيانة والعمالة والتبعية للخارج والهروب من المواجهة وما إلى ذلك. ذلك السجال البيزنطي الذي يتعدى اخلاقيات واداب التخاطب في احايين كثيرة يعد نتاج طبيعي لتراكمات يكتنزها الطرفان في دواخلهما ويعبر بجلاء عن نوعية ومستوى العلاقة بينهما (الانتقالي والاصلاح) تلك العلاقة الناتجة عن عدم الثقة بينهما المبنية على مواقف سابقة وراهنة لحزب الاصلاح تجاة الجنوب وقضية استعادة الجنوبيين لدولتهم السابقة المنصهرة في دولة الوحدة منذ عام 90م. ففي هذا السياق ينظر معظم الجنوبيين بما فيهم المعارضين للمجلس الانتقالي الجنوبي للاصلاح كعدو لدود شارك الرئيس السابق الهالك علي صالح كل جرائمه التي ارتكبها بحق الجنوبيين منذ اللحظات الاولى لميلاد الوحدة. فتحالف الاصلاح وصالح الذي بلغ ذروته في حرب عام 94 رسم علاقة الجنوبيين بالاصلاح كحزب اسلامي يضمر الشر للجنوب خصوصا ان داعية إسلامي وقيادي اصلاحي كبير سبق وان أصدر فتوى بتكفير الجنوبيين واجاز قتالهم وقتلهم واباح اغتنام الجنوب وممتلكات دولته. واليوم أزدادت حدة التوتر بل العداء بين الجنوبيين وحزب الإصلاح بما فيهم القيادات والاعضاء الجنوبيين المنتمون له. إذ يرى الجنوبيين أن الإصلاحيين تركوا الحوثي وتحرير صنعاء والشمال عن بكرة أبيه الواقع في قبضة المليشيات الحوثية جانبا" واتجهوا صوب الجنوب عسكريا" وسياسيا" واعلاميا" وصب جام حقدهم على المجلس الانتقالي الجنوبي والدول التي تسانده كدولة الامارات الشقيقة وذلك شي يتضح جليا في الخطاب الإصلاحي عبر اعلامييه ومحلليه الذين تستضيفهم القنوات الفضائية المحلية والعربية. ومن خلال استغلال قرار وامكانيات الشرعية المهيمن عليهما حزب الاصلاح. ويرى جنوبيين كثر أن عداء الإصلاح للانتقالي ماهو الا امتداد لعدائه للجنوب ككل ويتجلى ذلك في وصفه للقوات الامنية والعسكرية الجنوبية كقوات النخب والأحزمة الامنية وألوية العمالقة الجنوبية التي تم تشكيلها عقب تحرير عدن ومحافظات الجنوب الاخرى بالمليشيات المسلحة. والشي المؤكد والغير مشكوك فيه ابدا ان واقع علاقة حزب الإصلاح الذي ينضوي في إطار شرعية الرئيس هادي بالمجلس الانتقالي الجنوبي على وجه الخصوص والذي يعتبر بالنسبة للسواد الاعظم من شعب الجنوب الممثل الرئيس لهم والحامل السياسي لقضيتهم أثرت بشكل سلبي على علاقة الانتقالي بالشرعية نفسها وبالرئيس هادي الذي عبرت قيادات الانتقالي في مناسبات عدة عن دعمها الكامل له ووقوفها إلى جانبه. خلاصة القول إن مواقف الاصلاح تلك من الجنوب كانت كافية لاستعدائه من قبل الجنوبيين وصنعت ذلك الواقع العدائي لعلاقة الطرفين الذي يبدو أنه واقع غير قابل للتغيير في الزمن القريب كونه تجذر في قلوب وانفس الطرفين المتنافرين على كافة الأصعدة. وعليه سيبقى الانتقالي كالثوم بالنسبة لجني "مشاريع" الإصلاح إلى أن يبتعد كل عن الآخر نهائيا".