استبد بي خوفا شرس على حياة اخي الحبيب عبدالرحمن المحضار ، منذو تلقيت نباء وفاة زميليه في الحادث المؤلم ، ناصر البابكري وحسن المرزقي ، ونبأ دخوله الى غرفة الانعاش بمشفى ابن سيناء بحضرموت ، وظلت النفس تتقلب مع مخاوفها لحظة بلحظة ، وكأنها تترقب فاجعة رحيله المفاجئ بين الحين والاخر ، وكأنما الله اراد ان يخفف علينا فاجعة رحيله المبكرة والغير متوقعة. رحل الحبيب عبدالرحمن بلا وادع لشبوة ، ولا وداع لمن يحب فيها ، رحل مع افقه الواسع واللامحدود المملؤ بالامال والطموحات ، رحل القديس الصغير في محارب صاحبة الجلالة بلا ضجيج ، وخرج من بلاطها بصمت متوج بتسبيح الملائكة وسيل من الدموع ، وان ستقام محافل استقباله الليلة في السماء مع اختلاط اشعاع نوروجهه البهي وضوء الشموع . لم تدع لنا الاقدر ان نودعه و نطبع على جبينه الوضأ قبلة للوداع الاخير، ولم تمهلنا الفاجعة حتى للبكاء ، لم يمت عبدالرحمن ولكنه غادر الى السماء التي يحبها بعلوها وصفاء زرقتها المرصعة بالنجوم وضوء القمر المخلمي وخيولا مسرجة بالملائكة ومن اصطفاهم الرحمن بقربه . ولم تغب دنيا عبدالرحمن الخالدة بالذكريات المشعة من ضياء محيأه الجميل وستظل ضحاته الرنانة المفعمة بالحياة تملؤ الفراغ الذي تركه فيها ، وشيئا من خجل عينيه الواسعتين للعاشقات لفرسان احلامهن ، ومواعيد للغرام لم يحن وقتها . رحل الفتى الهاشمي الجميل وترك مالا يحصى من القلوب المتحرقة على فراقه من فتيات قريش ومن بدو شبوة ، وان لم يزرهن الا في المنام ، فقد خلقه الله محصنا بحياء من الدين والاخلاق المنقذان له من الانزلاق في مهالك الاهواء . رحل الفتى الهاشمي الذي يمثل نموذج لحداثة الجيل الشبوي الجديد الملئ بالارادة والمتوقد بالعزيمة والمتوهج بالثقة والمشع بالايمان والقدرة على صنع الحياة المتوجة بالنجاح وبالافتخار . رحل من يبادلني النصيحة في كل شئ ، ويخاف علي من كل شئ ، ويقولها بصوته الهادر الحنون نحن معك ايها المعلم في كل شئ . ولم احزن على احد كحزني عليه اليوم …. .