حتى نكون منصفين لابد من الإقرار أن ثمة شرخ عميق في عمل التحالف العربي على ارض الواقع في اليمن ، التحالف العربي الذي كان أكثر تنسيقا وإيقاعا في فعله بالأمس بات اليوم أكثر إرباك و تشظي على المستوى العسكري والسياسي ، بطبيعة الأمر الواقع في اليمن أكثر تعقيد من اختزاله بين شرعية وانقلابيين ، واكبر إشكال من دستور اتحادي لا يعد مخرج للمشكلات العميقة في اليمن ، كانت السعودية الوصي الأكبر على اليمن ، واليمن اليوم يضرب عمق الرياض وتطارد الرياض دعوات دولية بجرائم حرب على اليمنيين . بدء التقسيم في الحرب جليا بين جنوب يقع تحت الفعل العسكري الإماراتي وشمال يقع تحت الفعل العسكري السعودي فأنجزت الإمارات كثير من النجاحات والانتصارات العسكرية من عدن إلى المهرة شرقا وعلى امتداد الساحل الغربي حتى مشارف مدينة الحديدة ، بينما جبهات الشمال كانت حريصة على بقاء قوتها و افرادها لما بعد القضاء على الحوثيين لأن خلفية قادة الشمال العسكرية والسياسية ترتكز أن الحوثيه مشكلة إقليمية وهي كفيلة به بل أن الأمر قد وصل إلى اتهام التحالف العربي انه المعضلة في بطء إسقاط صنعاء لأنها تحتكر السلاح النوعي بعيدا عن أيدي المقاومة اليمنية . إضعاف قوة التحالف العربي ولحمته اعتمدت على محددات كثيرة أهمها أن الإعلام الحوثي استطاع إقناع العالم الخارجي أن الحرب الدائرة في أصلها بين السعودية واليمن ، وجزء من إعلام الشرعية المؤثر تمحور فعله في توصيفه الموجه للتحالف العربي انه أخل بتدخله الرئيسي في الحرب وبرزت له أهداف مرفوضة في عدن و سقطرى والمهرة ، وأكثر خطورة حشد إخوان اليمن كل ثقلهم أن التحالف العربي يهدف إلى فصل الجنوب عن صنعاء ، ضعف التحالف العربي وضعفت المقاومة وتشتت العقول عن الخطر الأكبر وأثره المستقبلي على حياة الناس والأجيال المتعاقبة رغما وكل الممارسات الخطيرة على واقع الناس ومعيشتهم وثقافتهم ومعتقدهم وأموالهم وعقول أبناءهم التي ترى اليوم في صنعاء جهارا نهارا ، وانصرف العالم الخارجي تباعا يتابع عن كثب قدرات الحوثيين في تطويراته العسكرية على مستوى البحر والجو وأثر ذلك على المصالح الحيوية لبلدانهم . إعادة تموضع القوات الامارتية في اليمن أو انسحابها الجزئي المزمن أو عودتها متى ما أرادت إلى أراضيها أو انكماشها في داخلها نظرا للمتغيرات الدولية العاصفة القادمة في المنطقة هو شأن إماراتي بحث لان ترتيب داخلها أهم من ترتيب البعيد في ظل حشد عسكري إقليمي وعالمي هائل للمنطقة يحتم عدم الاطمئنان والتفكير بالخيارات القادمة المرة . ما يهم أن الإمارات على امتداد الأربع السنوات الماضية أسس تدخلها نحو إعادة السيادة الحقيقية للأرض والإنسان ، ونزعت من مخالب صلف الحوثية المدمرة بحربها الضروس على كل الأرض الحرية لكثير من الناس ، و أسست نفسا للعيش السليم في جزء كبير من الأرض . لا يهم أن تكون ممارسات الإمارات على ارض الواقع تتوافق مع كتل سياسية أو أفراد أو جماعات فقدت مصالحها بقدر أن ممارساتها تتوافق مع درء الخطر الأكبر للحوثية و وضع لمسات الاستقرار المستدام الذي يتطلبه الواقع ، لذا نجد أن معظم الضربات الموجهة على الإمارات من بعض اليمنيين كشخصيات سياسية اعتبارية ومكونات وأحزاب هم في الأساس فئة ضآلة فقدت مصالحها السياسة والعسكرية بل في أصلها هذه الفئة تعتبر جزء من النظام السابق الهالك العقيم ويوجهون اليوم سلاحهم ضد الإمارات بإيعاز من دول هي في الأساس لا هم لها إلا مصالحها بعيدا عن الشعب والاستقرار والسيادة . حادثة معسكر الجلاء وأشلاء الضباط والجنود المتناثرة على الأرض بفعل الصاروخ الحوثي كما أقرت به الجماعة أودى بحياة أكثر من أربعين جندي غدرا ، واستشهاد مؤسس قوات الدعم والإسناد أبو اليمامة في هذا الحادث وبفعل استخباراتي معقد يعمل بأريحية من داخل أراضي الجنوب ، لوحظ أن الضرب الصاروخي على معسكر الجلاء تزامن مع تفجير سيارة مفخخة في طابور صباحي لجنود من الأمن العام في شرطة الشيخ عثمان راح ضحيته عدد ليس بقليل من الشهداء والجرحى زد في ذلك مهاجمة وإسقاط معسكر للحزام الأمني في المحفد عبر جماعات مسلحة وإعادته مجددا في قبضة الحزام الأمني ، رغما والرسائل الموجهة للحوادث الثلاث والتي اجتمعت في ضرب الأمن الداخلي لعدن وضرب معسكرات تدريب جنود لرفد الجبهات المقاتلة ضد الحوثيين ومحاولة إسقاط معسكرات أسست لمطاردة الجماعات المسلحة الخطيرة إلا أن الواضح في الأمر أن الواقع العسكري في الجنوب بات قويا . لقد سقطت قوة الحوثيين في الضالع لترسل صواريخها للثأر في عدن ، وضعفت الجماعات المسلحة الخطيرة حتى أصبحت لا تقوى على الاحتفاظ بموقع لنقطة أمنيه في صحراء لساعات معدودة ، وبات الأمن الداخلي أكثر قبضة للشأن الداخلي ، إلا أن المؤشرات تضيء أن هناك مرحلة قادمة تؤسس لصراع دموي عنيف على تركة الإمارات في الجنوب يشترك فيها حلفاء جدد مع الحوثيين من داخل الشرعية و أحزاب وشخصيات يمنية ترى أن قوة جنوب أكثر خطرا من التمدد الحوثي .