تعتبر الجمهورية العربية اليمنية الدولة الوحيدة على مستوى الوطن العربي التي يشهد لها التاريخ بمختلف عصوره بالغدر وخيانة الحليف ونكث العهود والمواثيق والإتفاقات، فهذه الدولة الواقعة في شبه الجزيرة العربية لها ارتباط وثيق مع هذا المسلسل الدرامي خاصة ناحية جيرانها حتى أضحت تلك السمات جزء من ثقافتها وعاداتها وتقاليدها، واذا نظرنا الى تركيبة النسيج الإجتماعي لهذا البلد سنجده يتكون من عدة قبائل تعتنق افكار وعقائد سلالية وطائفية مواقفها السياسية تتشكل وتتبدل وفق مصالحها الآنية والذاتية، ومن اهم مميزات هذه القبائل التي تقطن هذا الشطر او القطر من الوطن العربي الكبير بانها غالباً لا يتم ترويضها على موقف ثابت ومحدد تجاه مجمل القضايا المصيرية التي تهمها، فالحليف يغدر بحليفه والصديق يغدر بصديقه في نصف الطريق حتى وان كانا يسيران سوياً في نفس المسار دون اكتراث لمبادئ المصير الواحد، هذا البلد تتحكم فيه انظمة قبلية تتواتر في تصرفاتها وعنجهيتها وتتفاوت نسب ولائها لوطنها، غالبية هذه القبائل ان لم تكن باكملها تتمنطق بعادات وتقاليد عفى عليها الدهر فهي تجعل من الخناجر والجنابي والأحزمة المذهبة المزينة بالأسلحة البيضاء التي لا تشهر على الخصوم ولكنها تسلم عنوة او طواعية للأقوى رموزاً لحضارتها، بلد يتكون من قبائل تتعربد بخناجر تستخدم للجآه والزينة واوقات البرع وتتشدق بمصطلحات الإباء والإقدام والشجاعة وتتبجح بنصرة الحق وهي في الحقيقة تتاجر بكل شيء من اجل المال، قبائل متخاذلة لا تنصر مظلوماً ولا ضعيفاً بل تخضع للأقوى والانكى ولو كانت امرأة ملكة أو ساحرة أو دجال يدعى النبوة والولأية، قبائل مكنت الأحباش من إحتلال بلدها بتخاذلها وساعدت أبرهة الأشرم في بناء كعبة القليس في عاصمتها الأزلية وهو الأمر الشركي الكبير الذي تعدى كل حدود العقل والمنطق والفطرة السليمة بل ومنحته القلاع والحصون العريقة ورموز حضارتها وخضع له أقيالها وفرسانها وعلفوا أفياله وخيوله في صورة من صور الإذلال والمهانة التي ليس لها مثيل، قبائل أسلمت مع باذان الفارسي وارتدت عن الملة مع أبي الأسود العنسي، إناس عانى منهم الأتراك عندما جاؤوا لنصرتهم وأتوا لمساعدتهم في طرد المحتلين البرتغاليين الذين سطوا على سواحلهم الغربية فلم تشفع حينها الهوية الإسلامية المشتركة بينهم وبين الأتراك من ان تنجو بالوافدين من كيد ومكر وغدر هؤلاء البشر الذين لا يثمنون مواقف من ينصرونهم او من يأتي لحمايتهم من الغزو والاحتلال والإستبداد، شعب تربى على الغدر والخيانة فلا يستطيع العيش دونها، وحتى اللحظة ماتزال قرى ومناطق تركيا وهضاب الأناضول تتذكر تلك النكبة وتحكي قصة الواقعة الأليمة والكيد والخيانة التي حيكت لهم في هذا البلد ولا يزال جميع الأتراك يعيشون حتى اليوم على وقع مكر قبائل اليمن الشمالي التي لا تتقيد بأي عهد او ميثاق، تؤكد كافة الوقائع التي مرت في عصور التاريخ عدم ثبات قبائل العربية اليمنية على اي موقف محدد تجاه اي قضية من القضايا مهما كان اختلافها بل تتغير مواقف تلك القبائل بتغير بوصلة مصالحها، جميعنا يتذكر انه في عام 1962م عندما قامت ثورة 26 سبتمبر وهب المصريون لمساندة هذا البلد ومساعدته للخروج من دائرة العبودية والفقر والبؤس والتخلف والجهل والمرض الذي عانى منه ردحاً من الزمن حينها أرسل جمال عبد الناصر كتيبة لمساعدة هذا البلد ثم تضاعف العدد بعدها حتى وصل إلى عدد 70 ألف مقاتل من افراد الجيش المصري فما الذي فعله هؤلاء بمن اتى لمساعدتهم وقتها؟ وما كان جزاءه؟ لقد قتلوا أكثر من 10 الف مجاهد مصري في حادثة اجرامية لم يشهد لها التاريخ مثيل، في البداية قام الشماليون بإبادة فرقة كاملة من قوات المظلات المصرية كان على رأسها الضابط نبيل الوقاد أثناء هبوطها بالمظلات بمنطقة صرواح في مأرب، القصة بحسب الروايات بدأت عندما قام الشيخ ناجي الغادر بخيانة صديقه الضابط المصري سند الفيشاوي وغدر به وتم اغتياله وقبض مليون ريال جائزة من الإمام محمد البدر جراء هذا العمل الجبان والخبيث، لكن الجزاء كان من جنس العمل حينما لقي الشيخ الغادر حتفه على يد الحزب الأشتراكي ومعه 65 شيخاً تمت تصفيتهم بالكامل بمنطقة بيحان في شبوة داخل احد المعسكرات في مطلع سبعينات القرن المنصرم وكذلك كانت نهاية عدد من المشايخ الذين أوغلوا في دماء المصريين وكانت قصص نهايتهم مأساوية، ولو اعدنا الذاكرة قليلاً للوراء لكي نتذكر كيف كانت تتم معاملة المصريون الذين يختفون في بعض مناطق قبائل العربية اليمنية والذين كان يجري تصفيتهم بعد التأكد ومعرفة هويتهم، قبائل هذا البلد لها تاريخ غير مشرف مع زعماء ورجالات الدولة فقد خانت تلك القبائل الرئيس السلال وغدرت بالناصريين ومشايخ اليمن الأسفل وعلي عبد المغني قائد الثورة إبان تلك الحقبة، كما تآمرت تلك القبائل بشهادة مؤرخين ومعاصرين في تلك الفترة الزمنية مع علي عبد الله صالح على اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي أنزه ما أنجبت تلك البقاع من الرجال وقتلوه على سماطهم وهو في ضيافتهم آمناً في صورة من أبشع صور واساليب الغدر والخيانة حتى اصبحت تلك القصة أكبر مسبة تتداولها ألسنة الجميع بل واضحوكة في عرف القبيلة خاصة عندما يقتل العربي ضيفه في منزله والحقوا به شقيقه قائد الأمن المركزي حينذاك في نفس اليوم، يقول الكثير من خبراء الشأن اليمني انه ومنذ تولى علي عبدوالله صالح الحكم في هذا البلد وهو يغدر ويقتل ويعيش على انقاض الدماء، استأمنه الجنوبيون وسلموه بلادهم كاملة تحت شعارات عاطفية حمقاء اسمها (الوحدة اليمنية) وغدر وبطش ونكل بهم ونهب خيرات بلادهم وأرزاقهم وشرد شعباً بأكمله وطمس هوية أمة من على وجه هذه الأرض، يعرف عن العربية اليمنية بانها غدرت بدولة الكويت بلد الخير والعطاء وموطن الصداقة والسلام التي شيدت لهم دور المستشفيات والمدارس والجامعات والمعابد، طعنوا هذا البلد الوديع المسالم في الظهر وغرسوا خنجرهم المسموم في خاصرته ودعموا احتلالها واجتياحه وغزوه من قبل نظام صدام حسين مطلع تسعينات القرن الماضي، كما غدر اليمنيون الشماليون بحسب التاريخ الذي يوثق الشاردة قبل الواردة وكل صغيرة وكبيرة بالجارة والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية بلد الحرمين الشريفين وموطن نبي الله محمد صلوات ربي وسلامه عليه وجعلوا من بلادهم مركز خطر وتهديد لأمن واستقرار الاشقاء في السعودية وغيرها من دول المنطقة ووكراً لتهريب الخمور والمخدرات والسلاح والممنوعات والمحظورات اليها، بل وجعلوا من بلدهم منصة لإطلاق الصواريخ الإيرانية التي طالت مدن بلاد الحرمين وموطن المقدسات الأسلأمية وكادت أن تصل اطهر واشرف مقدسات ارض الله في هذا الكون ومعقل المسليمن اجمع وقبلتهم وهي مكةالمكرمة لولا ان حالت عناية الله ولطفه بصرف كيدهم عن هذه البقاع المقدسة، الشماليون غدروا بالقوات الإماراتية التي تدخلت لمساندته والقتال الى جانبهم في محافظة مأرب وذلك عندما سربوا معلومات استخباراتية واحداثيات للحوثيين الذين استهدفوا مواقع تواجد الإماراتيين ليسقط على إثر هذه الحادثة أكثر من 74 شهيد بصاروخ واحد، كما غدروا بالسودانيين في سهول وروابي تهامة في اشهر عملية مراوغة واستدراج راح فيها ما يقارب 84 شهيداً من القوات السودانية المشاركة ضمن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية وذلك دفعة واحدة، كما غدر ابناء الشمال وابناء قبائلها برئيسهم السابق علي عبدالله صالح في حادثان منفصلان الأول كان داخل بيت الله والثاني عندما باعه ثلة من المقربين اليه وعلى رأسهم اللواء عبد الملك السياني واثنان من كبار معاونيه منهم صحفي بعد أن وضعوا أجهزة تنصت في منزله تعمل لصالح الحوثيين واغتيل في صورة بشعة تنم عن مستوى عالي من الدموية والإجرام والمكر والخداع، وقبل مقتله تخلت عنه قبائل طوق صنعاء التي صرف عليها المليارات وكان يعتبرها سفينة نجاته عند الأزمات والخطوب والمحن لكنها باعته بيعة الرخص كما هو الحال بجماهير السبعين والساحات التي لم يكن زخمها سوى فقاعات صابونية سرعان ما تتبخر ظلت طوال تلك المدة تبيع له الوهم، وهرب قناصته وثعالبه وتبخرت احلامه وتبعثرت طموحاته وتلاشت جماهيره وحشوده المليونية في ليلة ظلماء افتقد فيها بدر الوفاء، هذه هي العربية اليمنية وقبائلها وعشائرها وحشودها الغفيرة الذين يعلنوا ولائهم بشيء زهيد ويتكالبوا لبيع وليهم بمثلها، ومن حماقتهم انهم دعوا الله على أنفسهم فَقَالُت آية دعوتهم وجواب الله عليهم : رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ " سبأ " (19) صدق الله العظيم، شعب حكمته امرأة وأخبر بهم هدهد وأغرقهم فأر هذه هي اليمن لمن لا يعرفها، قال عنهم عباس بن مرداس السلمي وهو صحابي جليل اسلم قبل فتح مكه : (وفي هوازن قوم غير أن بهم داء اليماني فإن لم يغدروا خانوا) هذه هي اليمن ياسادة تاريخ سرمدي من الغدر والخيانة ونكث العهود وحقائق لايستطيع احد إنكارها، فهل آن الاوآن يا عالم ان تنصفوا شعب الجنوب المظلوم الذي وقع ببراءته وحسن نواياه صيداً سهلاً لغدر ومكر وخيانة وخداع هؤلاء وتنصروا مظلوميته وعدالة قضيته.