لا أظن أننا بحاجة إلى مزيداً من إراقة الدماء، أو إلى المزيد من إزهاق الأرواح البريئة، أو تمزيقاً للمزيد من الأجساد،أو للمزيد من التدمير والتنكيل والخراب والفوضى والعبثية والضياع.. لا أظن.. بل أجزم أننا لسنا بحاحة للمزيد من الأنين والوجع والآهات والدموع والحزن والبؤس والشقاء، والفجائع التي تحل بنا بين الفينة والأخرى، وكلما أشتهى أو اراد ذلك متخاصموا الكراسي والمناصب والريالات.. لا أظن أننا ننتظر أكثر من هذا البلاء الذي حل بنا وأستبد بنا وتملك كل مفاصل الوطن وقبله رؤوس الساسة الخاوية والفارغة من الوطنية والإنسانية والضمير والآدمية، وبتنا مجرد أداة يستخدمونها لأغراضهم الشخصية (ومطية) يركبونها كلما أشتدت (رحى) الحرب والصراعات فيما بينهم.. لا أظن أنها توجد منازل في وطننا هذا لم تفقد أباً أو أخاً أو أبناً أو قريباً أو صديقاً، ولا أظن أنها بحاجة لأن أن تخسر المزيد أو تضحي بأحد فقد وصل الوجع والألم ذورته، وبلغ الإنسحاق والقهر مبلغه.. لا أظن أننا بحاجة لأن نخرّب وطننا أكثر مما هو عليه اليوم، فقد بات اطلال وطنناً نندبه ونبكي عليه ،كلما مررنا فيه أو هزنا الشوق لتلك الايام الخوالي، فالأشباح تسكنه وأنفاس الموت تجوس فيه وتُسمع أصواتها إن كان للموت أنفاس تُسمع.. نحن شعبٌ مُتخم بالهموم والغموم والمآسي والألم، وبلغ بنا من الألم ما لاتحتمله الجبال الراسيات، وتنؤ منه أعتى الشعوب وأصلبها، نحن شعبٌ متخمٌ من السياسة القذرة ومن الزيف والكذب والنفاق والوعود العرقوبية.. نحن شعبٌ مُتخمٌ ببيع الوهم والضحك على الذقون والكلمات المعسولة التي لا تسمن ولاتغني من جوع، نحن متخمون من فرط الهلاميون والابطال الورقيون الذين يفرشون الأرض وروداً ويتجاوزون الواقع كذباً وزيفاً وتضليلاً على البسطاء.. أتظنون مثلي أننا وصلنا إلى هذا الحال الذي لايُحتمل والواقع الذي لايُطاق أم أن الواقع عكس ذلك تماماً.. دام الوطن بخير معافى.. 27 سبتمبر2019م