التحركات التي بدأت تدب منذ يوم أمس في أوصال حياة الجنوب ومفاصل شئونه إنما هي نتيجة متوقعة ومكسب حمي لنجاح وفشل في آن واحد لحوار جدة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية اليمنية لأن في كلا الحالتين يجب الإعلان عن نهاية ووقف لذلك الحوار العقيم والتأكيد على أهمية ضم المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الحكومة الشرعية كدليل قاطع على الحب العميق الناشئ بين الاثنين والاحترام الوثيق المتبادل بينهما على قرن حزب الإصلاح وقرن أبوه. التحركات بدأت بالناحية العسكرية بعملية إعادة انتشار وتموضع للقوات والألوية بما أطلق عليه انسحاب إماراتي من الساحل الغربي إلى العاصمة عدن ومنها وتسليم المهام والإدارة للقيادة السعودية أمل طالبنا به منذ البداية يتحقق أخيرا عمليا أن يتولى التحالف العربي وبالذات السعودية والإمارات إدارة الجنوب لفترة انتقالية بدلا من الحكومة الشرعية اليمنية الفاشلة الفاسدة وحزب الإصلاح الإرهابي. هذا الحزب لم ينفك يعبث بالحكومة الشرعية رغم أنه تم طرده من العاصمة عدن ولم يوقف نشاطه وظل يستعرض عضلاته وهو في لحظات النزع الأخير لعزل هذا ويعين ذلك من شيعته والموالين له في الجنوب وحتى في عدن وخير دليل ما جرى مع مدير أمن سقطرة , وهو أكثر المتعنتين في الحكومة الشرعية اليمنية الرافضة للجلوس في حوار مباشر وغير مباشر مع المجلس الانتقالي الجنوبي. بينما في المقابل المجلس الانتقالي الجنوبي يجمد أغلب أنشطته إن لم يكن مجملها ونزل لأدنى مستوى سمح للإعلام المعادي والإخوانجي التشكيك في رسالته واتهامه بأنه يسعى خلف المناصب يلهث للحصول على كراسي في الحكم متجردا من مسئولية حمل قضية الجنوب متخليا عن تحقيق أهداف الجنوبيين ومصالحهم العليا.
وبإمعان النظر في سيناريوهات التحركات الجارية في خط بياني مستقيم صاعد يتبين أن لا تراجع عن أهداف شعب الجنوب لهؤلاء القادة في المجلس الانتقالي الجنوبي ولولا تمسكهم بها ووفائهم لها وصمودهم منذ كانوا محافظين ووزراء ومسئولين في الحكومة الشرعية اليمنية لما قام الرئيس هادي بعزلهم نزولا عند رغبة حزب الإصلاح اليمني. فمع التحركات برعاية السعودية لن يطول تجميدهم لأنشطتهم الذي هو ليس نكوصا ولا تقاعسا عن أداء واجب العهد الذي قطعوه على أنفسهم في بيان المجلس الانتقالي الجنوبي الهام الصادر في 15 أغسطس 2019م, والذي لاشك يحظى باهتمام المملكة العربية السعودية والتحالف العربي الذي تقوده لدعم الشرعية في اليمن كبرنامج علمي عملي دقيق يسهل تطبيقه لإعادة الأمل في المناطق المحررة, يسير جنبا إلى جنب مع العمليات العسكرية الهادفة لتحرير بقية مناطق الجنوب من قبضة جماعة الإخوان وحمايتها من وصول التنظيمات الإرهابية إليها مع مواصلة عمليات تحرير باب اليمن في العاصمة صنعاء من البوابة الشرقية.