يقول الأكاديمي والسياسي الدكتور عبدالله النفيسي في إحدى مقابلاته التلفزيونية :(السير همفري يهودي إنكليزي من عائلة تريفليان اليهودية «الشهيرة»، وكان سفيراً في القاهرة عندما وقع انقلاب عام 1952، وسفيراً لبريطانيا في بغداد عندما وقع انقلاب عبد الكريم قاسم عام 1958.وكان آخر معتمد بريطاني في عدن حتى 30 نوفمبر عام 1967م.) ويقصد الدكتور النفيسي من ذلك أن بريطانيا في تلك الفترة هي من تتحكم بمصائر شعوبنا العربية مثلما هو مكتوب على جدار البرلمان البريطاني(من هنا تخرج سياسة العالم). وعند مقارنة تلك الحقبة بحقبتنا اليوم، نرى أن آباءنا كانو يعيشون في ترف سياسي، حيث لا تتحكم فيهم الا عدة دول لا تتجاوز أصابع اليد. أما ما نلاحظه اليوم في بلادنا ومعظم البلدان العربية، فإننا نعايش عجينة سياسية ليس لها أول ولا آخر. وأصبحت رؤانا ومكوناتنا السياسية والمدنية مقطورة بعشرات البلدان إن لم نقل بكل دول العالم.فالصغير والكبير منها أصبح يعمل بالوكالة، نيابة عن راسمي السياسة العالمية الكبار ،وقد تكون بصور مبتذلة ومتخلفة جدا بل ومتناقضة أحيانا. ولهذا عندما ننظر الى واقع الازمات التي تطحن بلادنا لانعلم لها أول ولا آخر ، ولم نعد نعرف من الغريم المتسبب في كل ذلك . وتتمايل بنا الاهواء والقيادات السياسية يمينا وشمالا على قدر مايدفع من المال السياسي وعلى مايشتهي الوزان، فالدولة الصديقة اليوم قد تصبح عدوة في غمضة عين وكل نخبنا السياسية ومفكرينا يطأطأون رؤوسهم مع أولياء نعمتهم دون أدنى مقاومة وإن وجدت مقاومة تذكر فهي فقط للإبتزاز لزيادة المقابل أو جسر عبور لولي نعمة آخر. أصبحنا نعيش وضعا سياسيا عجيبا، كعجينة الخبز تتداخل كل مكوناتها و لا تستطيع التمييز بين أولها وآخرها وتتنقل جزيئاتها من مكان لآخر بسهولة حسب رغبة العجان. والحال أصبحنا مصابين بالإحباط واليأس، من رؤية أية حلول. فالكل يخون الكل، ونقتل بعضنا بعضا، ونتمنى زوال خصومنا اليوم قبل البكرة،والكل فقط يجري خلف أي كفيل بدون تريث أو تمحيص. مجال التفكير الحر أصبح محدودا، وأذا هربت من هذا الكفيل فسيلتقطك الكفيل الآخر. أصبحنا نعيش في دوامة عجيبة تكبر كل يوم حتى عمت كل الوطن ولا نستطيع الفكاك منها،ويبدو أنه حتى الوكلاء واقعين أيضا في هذه الدوامة، لأن راسمي السياسة الكبار أرادوا أن يوقعوهم فيها أيضا.