لعدن تاريخها وتراثها وخصوصيه فرادة وتميز , وهناك قامات لها بصمات في هذا التميز, وتظل ذكراهم خالدة في تاريخ عدن , كما لعدن شواهد تاريخية ومعالم تراثيه تشهد على حضارة راسخة في جذور هذه الارض , تحكي احياء ومناطق وشوارع عدن , حكايات عن عدد لا يحصى من القامات التربوية والتي تخرج على ايديها كم هائل من المثقفين والمفكرين والمبدعين والمهندسين والاطباء والفنانين الذين شكلوا مجتمع عدن المتفرد , عرفت عدن التعليم في وقت مبكر في الجزيرة العربية كما عرفت كل جديد من حضارة ونهضة وتقدم في شتى المجالات . قامات منهم من قضى نحبة بهدوء دون ضجيج وازعاج تاركا خلفه ارث تربوي وبصمات على هذه المدينة وذكريات عطرة في حياة الاجيال و مجتمع عدن الجميل , ذهبوا بعد معاناة واهمال السلطة والمعنيين بعدن , ولم يبقى غير الاثر الطيب واللعنة على الاهمال واللامبالاة ,وافضل حضا منهم تم نعيه او تكريمه بشهادة تقديرية , والغالبية ذهبوا بهدوء في طي نسيان السلطة والمعنيين , و لم تنساهم الاجيال والمدينة , وكيف ينسى من له بصمات طيبة واثر عطر على جسد عدن , و الاجيال وذكريات الطفولة والدراسة , الرحمة والمغفرة لهم .
اقول هذا لأن عدن تفقد قامات وكوادر تربوية عريقة , ونتلقى خبر وفاتهم والتعزية من على مواقع التواصل الاجتماعي وكفى , في هذا الاسبوع فقدنا التربوي القدير محمد علي قاسم وتلاه الباحث التربوي جمال احمد قائد , وقبله فقدنا الكثير ,ولم نفيهم حقهم في النعي والعزاء والتكريم ,وعددا كبير يعانون اليوم امراض الشيخوخة واضرار المهنة , لا يلتفت لهم احد , وما تمر به البلد وعدن من ماسي الحروب والصراعات انشغلنا عنهم وعن مؤاساتهم وتعزية ذوي المفقودين منهم .
لكل حي من احياء عدن الذي يعتبر مدينة بحد ذاته قامات تربوية وبصماتها التي امتزجت مع ذكريات وتاريخ هذا الحي وتاريخ عدن , وهدفنا اليوم حي المعلى , لسنا بصدد حصر قامات تربوية لهذا الحي فمقالي لا يتسع لذلك , لكن المعلى بكل اجيالها المتعاقبة منذ الستينات تعرف القامة التربوية الاستاذ التربوي الجليل احمد عبدالرحمن الذبحاني , بصماته واثره العطر في تاريخ وتراث هذه الفترة كشخصية عدنية معلاوية عريقة ( البرادر), تخرج من تحت يديه اجيال متعاقبة في المعلى , هو اليوم في السبعين من عمره , استاذنا الجليل الذي تتلمذنا على يديه , وفي السبعينات صرنا له زملاء مهنة وتدربنا على يديه ايضا , يظل لنا مثال ومعلم وقائد تربوي وموجه على مدى 35 عام من فترة عملنا في التربية والتعليم , تقلد مديرا لمدارس عدة ابتدائية واعدادية وثانوية بكفاءة ونجاح, اخرها كان في التسعينات من هذا القرن مديرا لثانوية مارب بالمعلى وعملت معه وكيلا فنيا , كان خير قائد وخير موجه ومعلم ومدرب وصديق لكل الطاقم التعليمي في المدرسة .
ومع مرور الزمن وحجم الجهد المبذول والعمر الطويل والشيخوخة , انهك الاستاذ وانهكته امرض الكبر , الا يستحق من المجتمع والسلطة المحلية والاجيال وتلاميذه وطلابه وزملائه رد المعروف والجميل , والتكريم وهو على قيد الحياة , لا خير في امة لا ترعى قاماتها وكوادرها الاوائل , هل نرتقي لنحفظ حق قاماتنا واساتذتنا ومعلمينا وكل من له اثر ,بصمة طيبة وذكرى عطرة في عدن واحيائها المختلفة , ومن الاجيال التي تتلمذت على يديه عددا من الشخصيات التي وصلت لسلطة القرار في الحكومات المتعاقبة , ولها صوتها المسموع , حان لهم رد الجميل .
نحن هنا لا نستجدي ولا نطلب , بل نرى ان له حق مكفول بالدستور والقوانين في ذمة الوطن وعدن والمسئولين عنها اليوم , حق رد الجميل والمعروف ورعاية كوادر ذلك الزمان من تركوا بصمات طيبة وذكريات عطرة في تاريخ وتراث عدن , وننتظر , ونتمنى له الشفاء والعافية وطول العمر .