صلوا عليه أيها المقصرون والمستكثرون!. يا راحلين وراء الدنيا، يا عشاق الموضة والتجديد.. يا راكظين وراء الملهيات والمُضلات.. ويا أيها المحبون، ويا أيها الزاعمون!. رسولكم رسولكم، ماذا أوفيناه نحن وإياكم؟! صحيحٌ أننا ما رأينا وجهك الأنور الشريف يا رسول الله!. صحيح أننا ما سمعنا صوتك النبوي العذب الرقراق يا نبي الله، صحيح أننا ما امتطينا خيولنا في ركْبك، ولا شددنا أحزمة الحرب، وتمنطقنا بألبسته وترسه معك.. وأنت تغضبُ ، والحربُ تشتعل، ونحن لسنا معك، وأنت تُدمى، وتُشجُّ وتؤذى.. كل هذا ونحن لسنا معك. حاربتَ في أُحدٍ، وما حاربنا، قتلَ إخواننا من الصحابة الأعداءَ في بدرٍ، ولم نقتل معهم أحدًا. ولا قُتلنا. لم نكن معك، حين كان صناديد الكفار وجبابرتهم يبارزونك بجيشهم وحديدهم، وعَددهم وعُددهم، وفخرهم. أُصيب المسلمون معك يارسول الله بالخوف، بدايةَ أن كنت في مرحلة السر، فهاجروا، ولم نهاجر. كان المهاجرون والأنصار، وما كنا مهاجرين ولا أنصارًا. حُمِل إليك الزاد نحو باب الغار، وحينها لم نكن حملنا زادًا ولا تقوى. سطّر أصحابك معك أروع ضروب البطولات والتضحيات والمغامرات، التي لا يمكن لأحد من أهل الأرض كلها أن يصنع منها موقفًا واحدا، نعم! منها كلِّها. ونحن غائبون غيابًا واضحًا. ولكن يا نبي الله! أتيناك متبعين بالإحسان والإيمان، جئناك بالحب والصلاة، آمنا بك وصدقناك، وذكرناك ففاضت أعيننا بالدمع حزنًا، وحبا، وتقصيرًا. حسبُنا يا رسول الله أننا اتبعناك بالحب، وإن قصرنا بكينا خجلًا، وأطعناك كما أمر الله، وقصرنا-نعم قصرنا كثيرًا-وإننا تائبون. نشهدك الله يا رسول الله-رغم تقصيرنا- إنه لن يبلغ مدى حبك في قلوبنا أحدٌ من أهل الأرض، لا أنفسُنا، ولا أهلونا، ولا أحبابنا. لهيبُ النار في قلوبنا كالإعصار، كالموج، كالبركان، نحبك، ونشتاق لقاءك في الرؤى الصادقة، ثم في الجنان. نشهد أنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت لهذه الأمة، وجاهدت في الله حتى أتاك اليقين.