هي مرات كثيره التي حاولت أن أكون فيها محايداً في نظرتي إلى ماتسمى وحده ، وإلى قضية الجنوب ، أحاول أن أكون محايداً وليس بإعتباري جنوبي ، وإنما بإعتباري يمني يبحث عن وطن العدل والمساواة ، ودولة النظام والقانون ... رأيت أشياء كثيره يشيب لها الولدان ، ورأيت أن كل من في الشمال للأسف لم يحاول الحفاظ على اليمن ووحدته من خلال الإعتراف بالجرائم المنتهكة في حق الجنوب ، بل كانوا أكثر إجراماً في الجنوب ، وضد الجنوبيين .... وكم رثيت لحال اليمن ، ولحال المتشدقون بحبه والانتماء إليه ، لكن للأسف لم يعمل أحد من أجله ومن أجل الحفاظ عليه ، وعلى أي شيء كان قد حصل في فتره من الزمن -مثل مسمى وحده_ حتى وأن لم يستفد منه أبناء الجنوب والشمال على حدٍ سواء ، لم يحاول أحد أن تكون الوحدة أكبر همه ، ولا العمل للوطن غايته ..
كان لنا أملاً في من يسمون أنفسهم نخبة اليمن والشمال ، أن يكونوا محايدين ، وأن يكونوا مع اليمن ومع الوحدة اليمنيه ، وينظروا لما تتعرض له وحدة اليمن ، وما يتعرض له اليمن ، أن ينظروا بعين العدل والإنصاف لما يتعرض له الجنوبيين ومحاولة إيجاد الحلول والمعالجات وطرحها على من يسيطر ويتنفذ في البلاد والعباد ، لكن للأسف دائماً وهم مع الغالب ، مع من يمثل السلطة سواء سابقاً أو حالياً ..ومثلما وقفت عصابة صنعاء ضد الجنوبيين ، وأحدثت شرخ في جدار الوحدة ، كانوا كذلك ضد أي شيء جنوبي للأسف ، تعودهم على إرضاء السلطة ..
الجنوبيون فعلاً كانوا السباقين إلى الوحدة فهم من طرق أبواب صنعاء طلباً لها ، المثالية الزائدة التي تشبعت بها عقولهم في فترة ما ، واندفاعهم العاطفي ، هو من جعلهم يرتموا في أحضان صنعاء بالوحدة اليمنيه وفي سبيل تحقيق الوحدة العربية الأم .. في صنعاء كانت يد الغدر والخيانة بالمرصاد لكل أحلام وتطلعات أبناء الجنوب ... لماذا كل اللوم يقع على الشمال ودولة الشمال بوجه عام ؟!!
لان الشمال- سياسياً ،عسكرياً ، اقتصاديا، إعلامياً ، وشعبياً- هو الذي سيطر على حكم اليمن ، هم من تشبث بالحكم في قبضة الحديد والنار ، سيطروا واستحوذوا على كل مصادر الحكم من قوه ومال ، تم اغتيال الوحدة في شهر عسلها ، من خلال محاولة الالتفات على عهود واتفاقيات دولة الشراكة ، والتي كانت للأسف بنيه مضمره ومسبقه من قبل نظام صنعاء ، وباءوا في الاغتيالات والتصفية لقيادات وكوادر الجنوب في صنعاء ، ثم تم إعلان الحرب العسكرية ضد الجنوب في عام 1994م ... وحولوا الجنوب إلى غنيمة حرب ًسلب ونهب وإبادة كل ماهو جنوبي ، كانت هناك أصوات تنادي بمعالجة آثار حرب 1994م وما تلاها ، وتصحيح مسار دولة الشراكة والوحدة لكن كل من في صنعاء أبى وأستكبر في الحفاظ على وحدة الشعبين والدولتين ،، كلما زادت مطالبات أبناء الجنوب بحقوقهم ، كلما زادت حدة القتل والدمار والتهميش والإقصاء والإلغاء تحت شعار "الوحدة أو الموت " ..
بعد فشل الجنوبيون في إستعادة حقوقهم ، وهم من قدم وضحى في سبيل الوحدة بدولة نظام ومؤسسات وقانون ، أدركوا ووصلوا إلى قناعه تامه ، باستحالة العيش مع الشمال في إطار ما سمي وحده وحولها الشمال بقوة الحديد والنار إلى احتلال قبلي همجي للجنوب ، وظهرت إلى العلن ثورة أبناء الجنوب في 2007م ، يقودها الحراك السلمي الجنوبي والذي يمثل أبناء الجنوب .. وبالمقابل زادت حدة القتل والاعتقال والتعذيب لأبناء الجنوب بحجة الحفاظ على الوحدة ، وتحت شعار "الوحدة أو الموت" .
الآن وبعد رحيل الرئيس المخلوع صالح -نقول الرئيس وليس النظام ،لان من كان في النظام لازالوا في سدّة الحكم- حكومة الوفاق والساسة والإعلاميون وكل الشمال يقولوا ؛ إن كل ذلك الظلم والتهميش والإقصاء للجنوبيين كان وحدث في عهد الرئيس والنظام السابق ، كل شيء تغير في اليمن الجديد ؛ حسب قولهم - بينما كل شيء كما كان - لازالت العقلية السابقة هي من تحكم ، وهي من تقتل الجنوبيين بكل دم بارد ، الرئيس السابق كان يقتل الجنوبيين باسم الوحدة ، الآن حزب الإصلاح الدموي يقتل الجنوبيين باسم الدين ، للأسف لم يلحظ الجنوبيون أي تغيير يذكر تجاههم وتجاه قضيتهم ، اللهم زادت حدة القتل والعنف والاعتقال والتعذيب لأبناء الجنوب السلميين ، مع حملة شعواء تقودها أجهزة إعلام الإصلاح وسلطات نظام صنعاء لمحاولة جر الحراك السلمي الجنوبي إلى مربع العنف ، كما قيل سابق ، نظام المخلوع صالح خلق الحراك السلمي -وحزب الإصلاح سوف يخلق الحراك المسلح -وكذلك محاولة التشويه بالحراك السلمي من خلال إلصاق التهم بانه حراك وكفاح مسلح ، ويتلقى الدعم من جهات خارجيه ،، ورغم كل هذا لازال الحراك سلمي وحضاري رغم العنف والقتل الذي يُقابل به شباب الحراك ..
ومع اقتراب موعد مؤتمر الحوار الوطني المنبثق عن المبادرة الخليجية التي أتت بالإساس لحل نزاع وصراع بين أطراف في صنعاء ، ومحاولة سلطة صنعاء إدخال الجنوبيين في مؤتمر الحوار هذا لم نرى أية توجهات من سلطة صنعاء لمحاولة إقناع الجنوبيين في الدخول بالحوار ، إلا مجزرة يوم الكرامة في 21 فبراير في عدن والتي راح ضحيتها 15 شهيد جنوبي ، وكذلك موجة عنف وقتل واعتقالات لنشطاء الحراك السلمي الجنوبي ، واليوم الأربعاء 13مارس في عدن سقوط شهيدين وأكثر من 6 جرحى ..
مع كل هذا العنف و القتل والاعتقالات كيف يقبل الجنوبيون بالدخول بمؤتمر الحوار هذا ؟! من عنده ذرة ضمير أو إحساس لن يقبل بذلك الحوار ، وسط دموية وعنف وإرهاب حزب الإصلاح التكفيري وسلطات صنعاء في الجنوب ...
ووسط هذه الأحداث التي يمر بها اليمن والجنوب خاصه ، هناك المجتمع الدولي متمثلاً بالمبعوث جمال بن عمر ، ودول الخليج والمنطقة. تحث الجنوبيين على الدخول في مؤتمر الحوار متجاهلون ما يحدث في عدن خاصه والجنوب عامه من قتل وعنف وجرائم من قبل سلطات صنعاء وحزب الإصلاح اليمني ..
إن من يقوم بهذه الأعمال الإجرامية في حق أبناء الجنوب ، هو المسؤول عن عرقلة العملية السياسية في اليمن ، ويجب أن يدرك المجتمع الدولي والمبعوث بن عمر هذا ، إن هناك قوى في صنعاء لا تريد أن تنجح العملية السياسية في اليمن ، ويضحوا بدماء أبناء الجنوب في سبيل إفشال الحوار والعملية السياسية ، ليس المقصود الرئيس المخلوع صالح فقط ، وإنما كذلك تلك القوى القبلية والتي هي من عجينة المخلوع ، والتي تقود حزب الإصلاح التكفيري وتقود الحكم في اليمن ..
وفي الطرف الآخر هناك قضية الجنوب التي بالأساس قضيه وطنيه ، وقضية شعب يريد إستعادة دولة الجنوب وعاصمتها عدن .. يجب الإعتراف بها أولاً من قبل المجتمع الدولي ، وكذلك أطراف صنعاء ، وإيجاد الحلول لها بما يرضي شعب الجنوب ، إن أرادوا استقرار اليمن والمنطقة والإقليم ..