قالوها قديماً، ما حكَّ جلدك مثل ظفرك، فتول أنت جميع أمرك، وهذا هو وضعنا المعاش في بلاد الحكمة، والإيمان، غادرت الإمارات، وتم إضافة السعودية، ولم نلمس تغييراً، أزدادت الأمور تعقيداً، فالذي فعلته المملكة العربية السعودية هو مجرد أن طلبت من الإمارات رفع حافرها، ووضعت هي حافرها على أثره، فالمسألة مجرد إنزال علم، ورفع علم. الوضع في المحافظات المحررة مازال كما هو، فلا الإمارات ضمدت جراحنا، ولا السعودية طببت الجرح، والذي حصل هو مجرد تبادل أدوار , وعلى اليمنيين أن يدركوا أنه لن يبني وطنهم إلا هم، أما غيرهم، فلن يعملوا إلا وفق مصالحهم ومصالح بلدانهم. وضعت المملكة حافرها على أثر حافر الإمارات، ولم يتغير في الأثر إلا الاسم، فالسياسة هي السياسة، والتوجيه هو التوجيه، انسحبوا، سلموا، تقدموا، تأخروا، فلم نلمس إلا تأخر الرواتب في عهد الحافر السعودي، وعودة جديدة لانهيار الريال اليمني المريض، والمنهك، ولم يقدم السعوديون جديداً في عدن، بل استاءت الخدمات التي لم تكن على ما يرام في عهد الإماراتيين. التناوب الإماراتي السعودي على عدن حلم كان يحلم به الطرفان، وأصبح حقيقة، فلم يصدقوا أن عدن بين أيديهم، فخارت قواهم، ولم يستطيعوا إدارتها، بل ربما تعمدوا إهمالها. غادرت الإمارات كما يقولون، وجاءت السعودية، وظل الوضع محلك راوح، فلا تغيير إلا في المسميات، فالتغيير جاء من خلال استبدال جالون الرنج، بكرتون التمر، وانتقلنا من دائرة الهلال الأحمر الإماراتي إلى مربع مركز الملك سلمان، والوضع هو ذاك الوضع، بل ربما زاد سوءاً. السعوديون، والإماراتيون لم يتوافقوا خاصة في الجنوب، فالسعودية تميل ميلاً قليلاً نحو الشرعية، والإمارات تميل كل الميل إلى المجلس الانتقالي، ولكن لم تقدم الإمارات نصراً كاملاً للجنوبيين، ولم تنصر السعودية الحكومة الشرعية حتى تقوم على رجليها، فالسعودية تسقينا بالقطارة، وشرب النقط يتعب الإنسان، وكذلك الإمارات لا تأتي لقمتها إلا بعد حرقة جوع، واللقمة بعد الجوع الشديد لا تأتي إلا بالغثيان، فهل سيفيق اليمنيون ويتوافقون، ليأكلوا من وطنهم حلالاً، زلالاً؟ فلقمة الذل لا تُطفئ جوعاً، وقطرة الانتظار لا تروي ظمأً.