مليشيا الحوثي تقتحم منزل أحد المواطنين شرقي تعز وتختطف ثلاثة من أبنائه    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    ضمن خططه الاستراتيجية لتطوير كرة القدم النسائية.. "كاترينا فاليدا" تقود أخضر الناشئات    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    جرعة سعرية ثالثة على البنزين في عدن    مناقشة مستوى أداء مكتب هيئة الأوقاف بمدينة البيضاء    رفع السيارات المتهالكة من شوارع الأمانة    أكاديمي مصري يحذر من حملة استخباراتية في اليمن    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    90 مليونا.. بطاقة خروج رودريجو من الريال    طارق سلام:عدن تعيش حالة عبث غير مبرر    كيف تمكن الموساد من اختراق ايران ..والى أي مستوى وصل    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    فلامنجو يفرض التعادل على لوس أنجليس    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    بوليتيكو: استهداف منشآت إيران النووية لم يضعف قدراتها.. بل عزّز خيارها النووي    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    استشهاد بطلين من القوات المسلحة الجنوبية في جبهة الضالع الحدودية    بلاغ للزبيدي.. أعداء الجنوب الأمنيون يتسللون إلى معاشيق بأوامر العليمي غير المعلنة    الجنوب.. الحوثي والشرعية وما بعد تأثير إيران    تفاصيل إخماد تمرد في معسكر القوات الخاصة بلحج    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بإعداد خطة عسكرية ضد "انصارالله"    تقرير أممي: استمرار تدهور الاقتصاد اليمني وارتفاع أسعار الوقود والغذاء    صنعاء.. الخدمة المدنية تعلن الخميس المقبل إجازة رسمية    إدارات أمن عدد من مديريات إب تحيي ذكرى الولاية    اليمنية توضح تفاصيل حادث عرضي لطائرة في مطار عدن    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    تكتل قبائل بكيل يدين قصف قاعدة العديد في قطر ويدعو لتجنيب شعوب المنطقة ويلات الحروب والتدخلات    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    الأندية المغادرة والمتأهلة لثمن نهائي كأس العالم للأندية    إصابة 7أشخاص بحادث مروري بذمار    كم كسب الأهلي ماليا من كأس العالم للأندية 2025    الصحة الإيرانية تعلن استشهاد 44 سيدة و13 طفلاً في هجمات الكيان الصهيوني على إيران    من يومياتي في أمريكا .. مؤتمر وباحث عن فرصة عمل    "حققنا هدفنا".. الحكومة الإسرائيلية تعلن رسميا سريان وقف إطلاق النار مع إيران    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    الأهلي المصري يودع مونديال الأندية    ارتفاع حصيلة قتلى صاروخ إيران الأخير إلى 11 إسرائيليا على الأقل    المجلس الأعلى للطاقة يقر حلول إسعافية عاجلة لتوفير وقود لكهرباء عدن    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    "العليمي" يفرض الجزية على حضرموت ويوجه بتحويل 20 مليار ريال شهريا إلى إمارة مأرب    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    إيران تنتصر    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    مرض الفشل الكلوي (9)    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يشعل النار في شبوة؟
نشر في عدن الغد يوم 07 - 01 - 2020

ليس ‬أمرًا ‬طبيعيًا ‬ذلك ‬الذي ‬يجري ‬حاليًا ‬في ‬محافظة ‬شبوة (‬وسط ‬جنوبي ‬اليمن)‬، ‬فالمحافظة ‬التي ‬كانت ‬وديعةً ‬طيلة ‬عقود ‬من ‬الزمان ‬أصبحت ‬اليوم ‬على ‬صفيحٍ ‬ساخنٍ ‬من ‬المشكلات ‬التي ‬لا ‬تنتهي.‬
فجأةً.. ‬ومنذ ‬نحو ‬عام ‬تفجرت ‬شبوة ‬بالمواجهات ‬والاشتباكات ‬المسلحة ‬التي ‬تفاقمت ‬قبل ‬حوالي ‬أربعة ‬أشهر؛ ‬مع ‬طموحات ‬المجلس ‬الانتقالي ‬الجنوبي ‬ورغبته ‬في ‬التمدد ‬شرقًا ‬باتجاه ‬محافظات ‬جنوب ‬اليمن ‬الأخرى، ‬على ‬حساب ‬القوات ‬الحكومية ‬التي ‬خسرت ‬محافظات ‬عدن ‬ولحج ‬وأجزاء ‬من ‬شبوة ‬خلال ‬أحداث ‬أغسطس ‬الماضي.‬
ومنذ ‬ذاك ‬الحين ‬لم ‬تنفك ‬المشكلات ‬والمواجهات ‬الداخلية ‬وعدم ‬الاستقرار ‬والتوتر ‬المتصاعد ‬عن ‬تصدر ‬عناوين ‬الأخبار ‬المتصلة ‬بأحداث ‬شبوة.‬
ولا ‬يمكننا ‬أبدًا ‬إغفال ‬مسألة ‬الترابط ‬بما ‬يدور ‬هناك ‬في ‬شبوة ‬وبين ‬ما ‬تعيشه ‬المحافظة ‬من ‬تهميش ‬لموقعها ‬ودورها ‬الاقتصادي؛ ‬كونها ‬إحدى ‬أهم ‬المحافظات ‬الإيرادية ‬المنتجة ‬والمصدرة ‬للنفط ‬والغاز.‬
واستمرار ‬التوتر ‬في ‬هذه ‬المحافظة، ‬أو ‬على ‬الأقل ‬تضييق ‬الرؤية ‬العامة ‬تجاه ‬المتسببين ‬في ‬حالة ‬عدم ‬الاستقرار ‬التي ‬تعيشها ‬شبوة؛ ‬يساهم ‬فعليًا ‬في ‬تفاقم ‬المشكلات ‬هناك، ‬وتصاعد ‬الاحتقان، ‬وبالتالي ‬عدم ‬تحقيق ‬أي ‬استقرار ‬قد ‬تحتاجه ‬المحافظة.‬
ولهذا ‬تظل ‬الاتهامات ‬في ‬حدودها ‬الدنيا ‬والضيقة، ‬والمحصورة ‬في ‬المجلس ‬الانتقالي ‬الجنوبي، ‬والحكومة ‬الشرعية ‬حتى ‬تستمر ‬المعضلات، ‬بينما ‬الأسباب ‬الفعلية ‬والحقيقية ‬غائبة، ‬أو ‬تُغيّب ‬عمدًا، ‬عن ‬الكثيرين.‬
انفلاتٌ ‬أمني.. ‬من ‬يتحمل ‬مسئوليته؟
المراقب ‬للأوضاع ‬الجارية ‬حاليًا ‬في ‬شبوة، ‬يتأكد ‬يقينًا ‬أن ‬الأمور ‬ليست ‬على ‬ما ‬يرام، ‬فحتى ‬قبل ‬انفجار ‬الوضع ‬بين ‬المجلس ‬الانتقالي ‬والحكومة ‬اليمنية، ‬كانت ‬ثمة ‬مؤشرات ‬للتوتر ‬في ‬شبوة.‬
فقوات ‬النخبة ‬الشبوانية ‬الموالية ‬للانتقالي، ‬والقوات ‬الخاصة ‬الموالية ‬للحكومة ‬كانت ‬في ‬مواجهات ‬متواصلة، ‬لا ‬تلبث ‬أن ‬تتوقف ‬حتى ‬تشتعل ‬مرةً ‬أخرى.‬
ولم ‬تكن ‬الأحداث ‬التي ‬تلت ‬مواجهات ‬أغسطس ‬الدامي ‬في ‬عدن ‬سوى ‬حلقة ‬واحدة ‬ضمن ‬حلقات ‬متصلة ‬لسلسلةٍ ‬طويلة ‬من ‬التوتر ‬المسلح ‬في ‬شبوة، ‬منذ ‬ما ‬بعد ‬تحرير ‬بيحان ‬من ‬مليشيات ‬الحوثي.‬
غير ‬أن ‬ما ‬استجد ‬في ‬شبوة ‬مؤخراً- ‬خلال ‬الأشهر ‬القليلة ‬الماضية- ‬هو ‬اتخاذ ‬الانفلات ‬الأمني ‬منحى ‬داخليا ‬أكثر ‬خصوصية، ‬حيث ‬بدأ ‬يطال ‬المواطنين ‬والقبائل، ‬بعد ‬أن ‬كانت ‬أطرافه ‬الأساسية ‬فيما ‬مضى ‬مقتصرة ‬على ‬التشكيلات ‬الأمنية ‬والعسكرية، ‬الموالية ‬لأطراف ‬سياسية ‬والمدعومة ‬من ‬جهات ‬خارجية ‬وإقليمية.‬
هذا ‬البعد ‬الخاص ‬تسبب ‬في ‬الإيحاء ‬بأن ‬شبوة ‬تغرق ‬في ‬مستنقعات ‬الانفلات ‬الأمني ‬الذي ‬بدأ ‬يهدد ‬المواطنين، ‬حيث ‬انتشرت ‬عمليات ‬القتل ‬خارج ‬إطار ‬القانون، ‬ووقائع ‬لاضطهاد ‬المواطنين ‬والتضييق ‬على ‬الحريات.‬
بالإضافة ‬إلى ‬الزج ‬بعشرات ‬المواطنين ‬المعارضين ‬والمناوئين ‬للسلطات ‬المتواجدة ‬في ‬شبوة ‬في ‬غياهب ‬السجون ‬السرية، ‬التي ‬تشرف ‬عليها ‬قوات ‬موالية ‬للحكومة.‬
وكل ‬ما ‬سبق ‬هي ‬اتهامات ‬ساقها ‬موالون ‬للمجلس ‬الانتقالي ‬الجنوبي، ‬الذي ‬روّج ‬إعلامه ‬صورةً ‬قاتمة ‬للأوضاع ‬في ‬شبوة، ‬كانت ‬في ‬كثير ‬من ‬جوانبها ‬وقائع ‬واضحة ‬وجلية ‬لا ‬يمكن ‬نكرانها.‬
وحمّل ‬المجلس ‬الانتقالي ‬سلطات ‬الحكومة ‬اليمنية ‬التي ‬قال ‬إنها ‬تحكم ‬وتسيّر ‬شئون ‬المحافظة، ‬مسئولية ‬كل ‬ما ‬يحدث ‬من ‬قمعٍ ‬للمظاهرات ‬المؤيدة ‬للانتقالي ‬والمعارضة ‬للحكومة، ‬بالإضافة ‬إلى ‬عمليات ‬القتل ‬والاعتقال ‬التي ‬تعيشها ‬شبوة ‬منذ ‬أشهر.‬
ولم ‬ينسَ ‬الانتقالي ‬أن ‬يشير ‬إلى ‬أن ‬ما ‬يدور ‬في ‬شبوة ‬هي ‬مخططات ‬“إخوانية”، ‬يُشرف ‬عليها ‬“حزب ‬الإصلاح” ‬المسيطر ‬على ‬الحكومة ‬وعلى ‬جيشها ‬وقواتها ‬الأمنية.‬
كما ‬حمّل ‬الانتقالي ‬مسئولية ‬القتل ‬خارج ‬إطار ‬القانون، ‬وحملات ‬قتال ‬القبائل ‬الشبوانية ‬على ‬كاهل ‬السلطات ‬الحاكمة ‬هناك.‬
ويذهب ‬المجلس ‬الانتقالي، ‬بحسب ‬تصريحات ‬قياداته، ‬وحتى ‬إعلامييه، ‬إلى ‬القول ‬إن ‬السلطات ‬الحاكمة ‬بأمرها ‬في ‬شبوة ‬لا ‬تمثل ‬المواطنين ‬هناك.‬
ويُرجع ‬الانتقالي ‬ذلك ‬إلى ‬أن ‬ما ‬تقوم ‬به ‬تلك ‬السلطات، ‬عبر ‬قواتها ‬العسكرية ‬والأمنية، ‬لا ‬يمكن ‬اعتباره ‬دعمًا ‬أو ‬تأييدًا ‬للمواطنين،‮ ‬مستشهدين ‬بالعديد ‬من ‬حوادث ‬القتل ‬التي ‬شهدتها ‬شبوة، ‬كمقتل ‬المواطن ‬يسلم ‬حبتور.‬
القيادي ‬في ‬المجلس ‬الانتقالي، ‬عمر ‬بن ‬فريد، ‬رئيس ‬دائرة ‬العلاقات ‬الخارجية ‬بالمجلس، ‬اعتبر ‬أن ‬ما ‬يدور ‬من ‬مواجهات ‬مع ‬قبائل ‬شبوة، ‬تتم ‬بإيعاز ‬وتنفيذ ‬من ‬قوات ‬“إصلاحية”، ‬بحسب ‬وصفه.‬
مؤكدًا ‬أن ‬“سلطات ‬الإصلاح” ‬في ‬شبوة ‬تواجه ‬كافة ‬شرائح ‬المجتمع ‬بالمحافظة، ‬وقال ‬بن ‬فريد ‬في ‬تغريدة ‬على (‬تويتر) ‬رصدتها (‬عدن ‬الغد): ‬“إن ‬‏مليشيات ‬الإصلاح ‬الإخوانية ‬تعيش ‬حالة ‬من ‬الانفلات ‬الهستيري ‬وهي ‬تواجه ‬كل ‬شرائح ‬المجتمع ‬الجنوبي ‬في ‬شبوة، ‬وهي ‬الآن ‬تخوض ‬معارك ‬يومية ‬تعكس ‬وضعيتها ‬المهترئة ‬هناك.‬
‮ ‬بيئة ‬صراعات ‬لا ‬تنتهي
في ‬المقابل، ‬تتواجد ‬على ‬الضفة ‬الأخرى ‬آراء ‬مختلفة ‬مع ‬ما ‬طُرح ‬مسبقًا، ‬وترى ‬أن ‬السلطات ‬المحلية ‬التي ‬تُدير ‬شبوة ‬حاليًا ‬هي ‬عبارة ‬عن ‬أشخاصٍ ‬وقيادات ‬من ‬أبناء ‬المحافظة، ‬ويمثلون ‬الحكومة ‬اليمنية ‬الشرعية.‬
ويعتقد ‬أصحاب ‬هذا ‬الرأي ‬أن ‬السلطات ‬المتواجدة ‬في ‬شبوة ‬سلطات ‬تعمل ‬على ‬إدارة ‬محافظة ‬مليئة ‬بالمتناقضات، ‬ومليئة ‬بالحساسية، ‬تاريخيًا ‬وقبليًا، ‬كما ‬أن ‬موقعها ‬المتوسط ‬بين ‬الشمال ‬والجنوب ‬يجعلها ‬محورا ‬دائما ‬للصراع.‬
ولم ‬يغفل ‬أصحاب ‬هذا ‬الرأي ‬أن ‬المحافظة ‬اقتصادية ‬وإيرادية، ‬وهذا ‬ما ‬يجعلها ‬عرضةً ‬للصراعات ‬والنزاعات ‬المتتالية ‬التي ‬ما ‬فتئت ‬تتكرر ‬بين ‬الفينة ‬والأخرى؛ ‬بسبب ‬بذور ‬الصراعات ‬الأزلية ‬التي ‬زرعتها ‬الأنظمة ‬الحاكمة ‬في ‬البلاد ‬على ‬مدى ‬تعاقبها.‬
وهو ‬ما ‬أثّر ‬اليوم ‬على ‬الوضع ‬العام ‬في ‬المحافظة، ‬وجعل ‬منها ‬بؤرة ‬للنزاعات ‬التي ‬تحتاج ‬إلى ‬خبرات ‬وكفاءات ‬لإدارتها ‬وتهدئتها ‬حتى ‬تخرج ‬المحافظة ‬إلى ‬بر ‬الأمان.‬
‮ ‬قوات ‬حكومية ‬تطبق ‬القانون
وما ‬زلنا ‬مع ‬أصحاب ‬القول ‬بأن ‬من ‬يدير ‬شبوة ‬هم ‬أبناؤها ‬الذين ‬يؤمنون ‬بالدولة ‬وبالحكومة، ‬حتى ‬أن ‬المحافظة ‬تُعد ‬من ‬أوائل ‬المحافظات ‬التي ‬بدأت ‬بتطبيق ‬النظام ‬الاتحادي ‬في ‬دوائرها ‬ومرافقها ‬العمومية.‬
ويرى ‬هؤلاء ‬بأن ‬ما ‬يدور ‬في ‬شبوة ‬من ‬مواجهات ‬أو ‬احتجاجات ‬أو ‬اشتباكات ‬مسلحة ‬قد ‬تتخذ ‬أحياناً ‬مناحي ‬عنيفة ‬هي ‬أمرٌ ‬طبيعي ‬تقوم ‬به ‬قوات ‬الدولة ‬هناك، ‬ضد ‬كل ‬من ‬يحاول ‬الخروج ‬عن ‬القانون.‬
ويظن ‬مراقبون ‬أن ‬الأحداث ‬التي ‬عاشتها ‬شبوة ‬خلال ‬الأيام ‬الماضية ‬تم ‬“تكبيرها ‬لأغراض ‬سياسية”، ‬فالأمور ‬هناك ‬لا ‬تعدو ‬عن ‬كونها ‬تطبيق ‬مؤسسات ‬الدولة ‬الأمنية ‬والعسكرية ‬للأنظمة ‬والقوانين.‬
وما ‬يتم ‬الترويج ‬له ‬من ‬أن ‬شبوة ‬ترتمي ‬في ‬أحضان ‬مليشيات ‬الإصلاح ‬ليس ‬أكثر ‬من ‬مماحكات ‬سياسية ‬تستغلها ‬كيانات ‬معينة ‬لتشويه ‬الصورة ‬الحقيقية ‬والعصرية ‬الموجودة ‬في ‬شبوة، ‬والمتمثلة ‬في ‬قيام ‬الدولة ‬بواجباتها ‬الأمنية ‬والعسكرية، ‬على ‬عكس ‬كثير ‬من ‬المحافظات ‬التي ‬تغيب ‬عنها ‬الدولة ‬وتضيع ‬في ‬فوضى ‬أمنية ‬لا ‬نهاية ‬لها.‬
حتى ‬أن ‬موالين ‬للحكومة ‬أشاروا ‬إلى ‬أن ‬ما ‬حدث ‬من ‬مواجهات ‬بين ‬قبائل ‬لقموش ‬والقوات ‬الحكومية ‬لا ‬يخرج ‬عن ‬كونه ‬اضطلاع ‬الحكومة ‬والدولة ‬بمهامها ‬بعد ‬عملية ‬اختطاف ‬غير ‬مسئولة ‬استهدفت ‬“ابتزاز” ‬أحد ‬قادة ‬المؤسسة ‬العسكرية ‬والأمنية ‬في ‬شبوة.‬
ويعتقد ‬أصحاب ‬هذا ‬الرأي ‬أن ‬ما ‬جرى ‬من ‬مواجهات ‬واشتباكات ‬هو ‬فرض ‬لهيبة ‬الدولة ‬وشخصيتها، ‬بعد ‬أن ‬غابت ‬تلك ‬الهيبة ‬والشخصية ‬طويلاً ‬عن ‬شبوة.‬
‮ الانتقالي.. ‬ومحاولات ‬تعويض ‬خسارته ‬الميدانية
محللون ‬كثُر ‬أشاروا ‬إلى ‬أن ‬ما ‬يروّج ‬له ‬المجلس ‬الانتقالي ‬الجنوبي ‬من ‬تصوير ‬الأوضاع ‬في ‬شبوة ‬على ‬هذا ‬النحو ‬من ‬الخطورة، ‬يهدف ‬من ‬خلاله ‬للحصول ‬على ‬غايات ‬سياسية ‬ليس ‬إلا.‬
وذلك ‬عطفًا ‬على ‬الخسارة ‬الميدانية ‬التي ‬لحقت ‬بقوات ‬المجلس ‬الانتقالي ‬الموالية ‬له، ‬وعلى ‬رأسها ‬قوات ‬النخبة ‬الشبوانية ‬خلال ‬أغسطس ‬وسبتمبر ‬الماضيين، ‬والتي ‬حاول ‬من ‬خلالها ‬الانتقالي ‬مدّ ‬نفوذه ‬وسيطرته ‬إلى ‬شبوة.‬
ومدفوعاً ‬بقوات ‬النخبة ‬فشل ‬الانتقالي ‬في ‬السيطرة ‬على ‬شبوة، ‬رغم ‬الدعم ‬الكبير ‬والحشد ‬غير ‬المتوقع، ‬بالإضافة ‬إلى ‬التعزيزات ‬العسكرية ‬التي ‬وصلت ‬له ‬من ‬قوات ‬الحزام ‬الأمني ‬من ‬عدن ‬ويافع ‬والضالع.‬
ولهذا، ‬بحسب ‬مراقبين، ‬يسعى ‬الانتقالي ‬حاليًا ‬إلى ‬تعويض ‬فشله ‬ببث ‬دعايات ‬لأوضاعٍ ‬غير ‬مستقرة ‬في ‬شبوة، ‬ويُحملها ‬قوات ‬الحكومة ‬التي ‬يقول ‬إنها ‬تخضع ‬لسيطرة ‬حزب ‬الإصلاح ‬وإخوان ‬اليمن، ‬الذين ‬ينفذون ‬أجندة ‬خاصة ‬في ‬شبوة ‬بدعم ‬قطري ‬تركي، ‬وفق ‬موالين ‬للانتقالي.‬
وهو ‬منطق ‬طبيعي، ‬بحسب ‬محللين، ‬حيث ‬يدفع ‬الانتقالي ‬بأنصاره ‬في ‬شبوة ‬للعمل ‬على ‬تأجيج ‬النزاعات، ‬وتنفيذ ‬تظاهرات ‬معارضة ‬للسلطات ‬المحلية ‬في ‬شبوة، ‬والخروج ‬عن ‬طوعها ‬لزعزعة ‬الاستقرار ‬هناك، ‬وهو ‬ما ‬ينفيه ‬الانتقالي ‬الذي ‬يؤكد ‬أن ‬ما ‬يحدث ‬في ‬شبوة ‬وقائع ‬حقيقية ‬وموثقة.‬
‮ ‬السعي ‬للعودة ‬إلى ‬شبوة
لم ‬تتخلَ ‬الأطراف ‬الموالية ‬للمجلس ‬الانتقالي ‬الجنوبي ‬عن ‬خطة ‬العودة ‬إلى ‬شبوة ‬مرةً ‬أخرى.‬
فقوات ‬النخبة ‬الشبوانية ‬وقوات ‬الحزام ‬الأمني ‬المتواجدة ‬في ‬أبين ‬على ‬تخوم ‬محافظة ‬شبوة، ‬ما ‬زالت ‬تسعى ‬لدخولها، ‬في ‬ظل ‬تعزيزات ‬عسكرية ‬تصل ‬إلى ‬مناطق ‬التماس ‬بين ‬قوات ‬الانتقالي ‬والقوات ‬الحكومية.‬
وهو ‬سعيٌ ‬يغذيه ‬المجلس ‬الانتقالي ‬الجنوبي ‬الذي ‬يهدف ‬لتطوير ‬سيطرته ‬العسكرية ‬على ‬شبوة؛ ‬لأهميتها ‬الاقتصادية ‬والجغرافية ‬القريبة ‬والمتصلة ‬من ‬محافظات ‬الجنوب ‬والشمال ‬على ‬السواء.‬
‮ ‬اتهامات ‬بتورط ‬الجميع ‬في ‬أحداث ‬شبوة
ويبدو ‬أن ‬الانتهاكات ‬والتجاوزات ‬الحقوقية ‬التي ‬تعيشها ‬شبوة، ‬ليست ‬مسئولية ‬طرف ‬دون ‬آخر، ‬فبحسب ‬تقريرٍ ‬حقوقي ‬صادر ‬مؤخراً، ‬اطلعت ‬عليه (‬عدن ‬الغد)‬؛ ‬فإن ‬كلا ‬الطرفين ‬متورط ‬في ‬كل ‬ما ‬يحدث ‬بالمحافظة ‬الوديعة.‬
حيث ‬كشف ‬تقرير ‬حقوقي ‬أن ‬عدد ‬حالات ‬الانتهاكات ‬لحقوق ‬الإنسان ‬التي ‬ارتكبتها ‬“أطراف ‬النزاع ‬في ‬اليمن ‬بمحافظة ‬شبوة ‬خلال ‬الأشهر (‬يونيو- ‬أغسطس- ‬سبتمبر) ‬بلغت ‬30 ‬حالة ‬انتهاك، ‬توزعت ‬بين ‬حالات ‬القتل ‬والاعتقال ‬خارج ‬نطاق ‬القانون ‬والإصابات ‬الجسدية”.‬‮ ‬
ووثق ‬التقرير ‬الذي ‬أعدته ‬مؤسسة ‬ضمير ‬لحقوق ‬الإنسان ‬“في ‬محافظة ‬شبوة ‬7 ‬حالات ‬قتل ‬طالت ‬المدنيين، ‬بينهم ‬امرأة ‬في ‬الاشتباكات ‬الأخيرة ‬التي ‬اندلعت ‬في ‬مدينة ‬عتق ‬بين ‬قوات ‬الشرعية ‬وقوات ‬النخبة ‬الشبوانية ‬والمجلس ‬الانتقالي”.‬‮ ‬
كما ‬رصد ‬التقرير ‬“وقوع ‬6 ‬حالات ‬بين ‬قتيل ‬وجريح ‬نتيجة ‬قصف ‬مناطق ‬سكنية، ‬في ‬مديرية ‬ناطع ‬بينها ‬وفاة ‬امرأة ‬وإصابة ‬ثلاثة ‬أطفال”، ‬ما ‬يعد ‬مؤشرًا ‬لتزايد ‬عدد ‬الضحايا ‬من ‬المدنيين ‬نتيجة ‬القصف ‬المتبادل ‬بين ‬طرفي ‬الصراع ‬في ‬المناطق ‬المأهولة ‬بالسكان.‬‮ ‬
وبحسب ‬التقرير ‬فإن ‬“عدد ‬حالات ‬الاعتقال ‬خارج ‬نطاق ‬القانون ‬بلغت ‬خلال ‬الأشهر ‬الثلاثة ‬18 ‬حالة ‬اعتقال ‬تعسفي ‬بينها ‬حالات ‬اعتقال ‬لصحفيين”.‬‮ ‬
وأدانت ‬مؤسسة ‬ضمير ‬أحداث ‬العنف ‬والعنف ‬المضاد ‬التي ‬شهدتها ‬مدينة ‬عتق ‬في ‬نهاية ‬أغسطس، ‬والتي ‬استخدم ‬فيها ‬الطرفان ‬مختلف ‬الأسلحة ‬الخفيفة ‬والمتوسطة ‬والثقيلة؛ ‬مما ‬أدى ‬إلى ‬تروع ‬الآمنين ‬من ‬النساء ‬والأطفال، ‬وإصابة ‬العديد ‬منهم ‬بنوبات ‬عصبية ‬جراء ‬اشتداد ‬المواجهات ‬بين ‬الطرفين.‬‮ ‬
وكشفت ‬المؤسسة ‬الحقوقية ‬عن ‬رغبة ‬أطراف ‬النزاع ‬في ‬إجراء ‬صفقة ‬تبادل ‬للأسرى، ‬ولفتت ‬إلى ‬أنها ‬قامت ‬بالتنسيق ‬مع ‬هيئة ‬الصليب ‬الأحمر ‬بمتابعة ‬موضوع ‬الأسرى ‬مع ‬طرفي ‬النزاع، ‬الذين ‬أبدوا ‬رغبتهم ‬في ‬إتمام ‬صفقة ‬التبادل، ‬مشيرة ‬إلى ‬الشروع ‬في ‬الإجراءات ‬الأولية ‬لذلك، ‬وهو ‬ما ‬تم ‬فعلاً ‬مؤخرًا.‬
وأشارت ‬مؤسسة ‬ضمير ‬إلى ‬أنها ‬تلقت ‬عدداً ‬من ‬البلاغات ‬من ‬بعض ‬الناشطين ‬تفيد ‬بتلقيهم ‬تهديدات ‬على ‬خلفية ‬تعبيرهم ‬عن ‬آرائهم ‬وتوجهاتهم ‬على ‬وسائل ‬التواصل ‬الاجتماعي.‬‮ ‬
‮ ‬توتر ‬غير ‬عفوي
ويبدو ‬من ‬التقرير ‬الأخير ‬الذي ‬سردناه ‬أن ‬المسئول ‬عن ‬ما ‬يدور ‬في ‬شبوة ‬ليس ‬طرفًا ‬بعينه ‬دون ‬الآخر، ‬فكل ‬الأطراف ‬قامت ‬بالعديد ‬من ‬الأفعال ‬والانتهاكات ‬الحقوقية، ‬قد ‬تجد ‬ما ‬يبررها ‬من ‬قبل ‬فاعليها، ‬لكنها ‬لن ‬تكون ‬مبررة ‬عند ‬المختصين ‬الحقوقيين.‬
فالتوتر ‬الذي ‬تعيشه ‬شبوة ‬لا ‬يبدو ‬عفويًا، ‬كونه ‬يرتبط ‬بالعديد ‬من ‬العوامل ‬السياسية ‬والمناطقية، ‬التي ‬تتداخل ‬فيها ‬المصالح ‬الضيقة ‬لأكثر ‬من ‬طرف ‬محلي ‬وإقليمي ‬لاعب ‬ومؤثر ‬في ‬الشأن ‬اليمني ‬عمومًا.‬
لهذا ‬يُرجّح ‬كثير ‬من ‬المتابعين ‬أن ‬ما ‬يجري ‬في ‬شبوة ‬ليس ‬مجرد ‬مماحكات ‬سياسية ‬بين ‬المجلس ‬الانتقالي ‬والحكومة ‬الشرعية، ‬بل ‬هو ‬متصل ‬اتصالاً ‬وثيقًا ‬بأجندات ‬خارجية، ‬نجحت ‬في ‬اللعب ‬على ‬المتناقضات ‬التي ‬تمتلئ ‬بها ‬الساحة ‬الجنوبية.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.