إن ما شاهده الكثيرون - من وقائع الجلسة الافتتاحية والجلسة العامة - كفيل أن يُكون صورة ذهنيه لمسار واتجاه الحوار الوطني ومخرجاته، واتضحت أكثر بتصريح المبعوث ألأممي الإستباقي لأسئلة مفادها هل هناك أجندة برعاية دولية ستفرض كمخرجات لمؤتمر الحوار، فكان تصريحه – بن عمر – مضادا لتلك التساؤلات التي وبرغم نفيه لا تزال مطروحة وبقوة.
إن كلمة الحراك الجنوبي والتي ألقاها – خالد بامذهف – عن الحراك الجنوبي, كانت بمثابة رصاصات مضيئة تنير أعين قد أصيبت بالعمى واتهم أصحابها بالخرف السياسي، بإيجاز وبوضوح شديد تطرق بامذهف لوصف عدالة القضية الجنوبية وختم كلمته وعبارة عاش الجنوب حر أبي فكانت المفاجئة قيام مجموعة الأعضاء الجنوبيون يرددون عبارة "ارفع رأسك فوق أنت جنوبي حر"، فصعق من في القاعة جميعاً من ذلك الموقف المباغت.
من وجهت نظري كمتابع أرى أن ما تطرقت بالحديث عنه بمقال سابق من نقاط ضعف وقوة للحراك الجنوبي باتت قاب قوسين أو أدنى من التحقق واخص نقطة الضعف الواضحة والتي يمكن تحويلها لنقطة قوة متى أرادها الجنوبيون من القيادات إلى القواعد بمختلف تياراتهم، إن ما أتحدث عنه هو وجود فجوة بين قيادات الداخل والخارج وهذا ما يعتبره المجتمع الدولي نقطة ضعف (عدم اتفاق), وإذا افترضنا جدلاً أن عدم اتفاقهم عبارة عن تكتيك سياسي, تلقائياً يتحول الضعف إلى قوة, وارتباطها المباشر مع الكلمة التي أثلج – بامذهف – بحروفها قلوب كل منشدي عدالة القضية الجنوبية، وفي الوقت نفسه اسكت بكلمته أفواه قد خونت كل جنوبي محاور بذات المؤتمر الوطني.
إن لقاء جمال بن عمر – بممثلي الحراك السلمي الجنوبي المشاركين في مؤتمر الحوار – لدليل واضح على وصول صدى رصاصات بامذهف المضيئة المعبرة عن الشارع الجنوبي وعدالة قضيته السياسية ووجوب سماع المجتمع الدولي لمطالب الشعب بمختلف أطيافه، فإن مايُهمنا اليوم هو حل القضية الجنوبية وقضية صعدة بأي طريقة تتيح للكادحين العيش بأمان وسكينه وحرية مطلقة، لا مصادرة ابسط الحقوق المتمثلة بالحريات والنقد البناء، ولنا أن نذكر ما حدث للزميل علي البخيتي بمجرد اعتراضه بنقطة نظام على كلمة د. أحمد بن مبارك، والغريب في الامر التدخل العشوائي لحراسة الرئيس هادي، الذي من المستحيل أن يأمر بذلك التصرف بل من المستحيل أن يرضى بمثل ذلك وعلى وجه الخصوص أن البخيتي لم يحمل حزام ناسف ولا غيره ولم يتحدث بشي يزعزع استقرار البلد، بل كان طرحه إيجابياً ومنطقي, ولا أتوقع وجود شخص يخالفه الرأي بما يخص اعتراضه، وما ردت فعل أمين عام المؤتمر الوطني يستحق التقدير والاحترام وهذا ما شهد به البخيتي نفسه.
إن ما تلخص أعلاه من أفعال ثلاثة أفكار مختلفة يشعرني أن ما زال هناك خير يعادل معاناة أبناء الوطن جنوبه وشماله مع أحقية مطالب كل طرف من الأطراف، فبامذهف قد أوضح وأوصل صدى قضيته والبخيتي قد انتقد بشكلٍ بناء وبن مبارك امتص احتقان الموقف بعقلانية مطلقة، فتحية تقدير موصولة لكل من الثلاثة، على أمل أن نجد نماذج أمثال بامذهف والبخيتي وبن مبارك بكل أرجاء المعمورة جنوباً وشمالا وجنوب الجنوب وشمال الشمال وبالمناطق الوسطى، والله من وراء القصد. والسلام تحية،